مرشح لرئاسة تونس يريد تغيير النظام السياسي الهجين

وزير الدفاع التونسي المستقيل والمرشح المستقل للرئاسة يعتبر أن النظام السياسي الحالي المزدوج يشكل حكما برأسين وأن من تداعياته فشل الدولة والسلطة.

الزبيدي مع الحياد الايجابي في الملف الليبي وإعادة العلاقات مع دمشق
حزب نداء تونس يعلن رسميا دعمه للزبيدي
الزبيدي يشدد على ضرورة تحسين الخدمات والارتقاء الاجتماعي
الزبيدي برز كشخصية حرصت على الابتعاد عن التجاذبات السياسية

تونس - يأمل عبدالكريم الزبيدي وزير الدفاع التونسي المستقيل والمرشح التكنوقراطي لانتخابات الرئاسة في حال انتخابه أن يغيّر النظام السياسي الحالي المزدوج الذي نصّ عليه الدستور، معتبرا أن "الشعب التونسي هو الذي يختار بين نظام برلماني أو رئاسي" من خلال استفتاء.

وأكد في حوار مع وكالة فرانس برس نشر اليوم الأحد على ضرورة تعديل الدستور من أجل وضع حد للحكم "برأسين"، مستذكرا موضوع الصراع السياسي الذي دار بين الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد، معتبرا أن " تداعيات هذا النظام الهجين هي فشل للدولة والسلطة. وأن الحكم لا يتجزأ".

وتابع "التونسيون يخشون ذلك لأننا عايشنا خمسين سنة نظاما رئاسيا دون رقابة قوية من البرلمان وما نتج عنه من انحرافات"، معربا عن أمله في "إعادة الارتقاء الاجتماعي" في بلاده.

ويحدد الدستور التونسي الذي صادق عليه البرلمان في 2014 بعد سنوات من حكم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، على أن صلاحيات رئيس الدولة تنحصر في الدفاع والخارجية فقط.

والزبيدي البالغ من العمر 69 عاما طبيب تسلم عدة حقائب وزارية وزارات في السابق ولم يدخل قط غمار المنافسة الانتخابية من قبل.

وقد ظهر الرجل بشكل لافت في الأيام القليلة التي سبقت وفاة الرئيس قائد السبسي حين دعاه الأخير إلى اجتماعات ثنائية معه، وبدأت الأوساط السياسية تتداول اسمه على أنه مرشح محتمل للانتخابات الرئاسية.

ويؤكد المرشح الرئاسي الذي يحظى بدعم حزب نداء تونس (الذي أسسه الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي في 2014 وخاض به الانتخابات الرئاسية والبرلمانية حينها في مواجهة حركة النهضة الإسلامية) أنه "بورقيبي"، نسبة لأوّل رئيس لتونس اثر الاستقلال الحبيب بورقيبة الذي اهتم كثيرا بقطاعي التعليم والصحة في بلاده اللذين تراجعا كثيرا خلال السنوات الأخيرة .

على غرار قائد السبسي، يريد الزبيدي تدعيم العلاقات مع سوريا بإعادة فتح السفارة السورية في تونس المغلقة منذ 2012 والحفاظ على الحياد الايجابي من الأزمة الليبية

وولد الزبيدي في مدينة صغيرة في محافظة المهدية الساحلية (شرق) وتلقى تعليما في مدرسة داخلية حكومية قبل السفر إلى فرنسا ومواصلة دراسته.

وشدد على ضرورة تحسين قطاع النقل والمطاعم المدرسية، مضيفا "من الأساسي أن تكون الخدمات العمومية جيدة ومتاحة للكل".

وشغل الزبيدي لفترة منصب وزير الصحة خلال نظام بن علي وعٌين وزيرا للدفاع بعد أسبوعين من الثورة التونسية عام 2011 حين كان الباجي قائد السبسي رئيسا للوزراء. واستمر في منصبه في حكومة الترويكا التي قادتها في النهضة  ليتركها لاحقا مبررا قراره بتزايد الاحتقان والتجاذبات السياسية في البلاد، غير أنه وبطلب من السبسي عاد إلى وزارة الدفاع في 2017.

ويقول محللون إنه يحسب للزبيدي الحفاظ على حياد الجيش كجيش جمهوري والابتعاد به عن التجاذبات السياسية التي شهدتها تونس خلال حكم الترويكا التي قادتها النهضة في مناسبتين.

ويشدد المرشح المستقل على أنه مستعد للعمل مع "كل الأحزاب للمصلحة الوطنية" متصديا لأي محاولة لإعادة الصراع بين من يدعم الإسلاميين ومن يناهضهم والذي انتهي في 2014 بوصول قائد السبسي إلى كرسي الرئاسة.

ويتمتع الزبيدي بصفات الرجل الهادئ والمستقيم والبعيد عن كل التجاذبات السياسية والصراعات.

وقد أبدى استعداده لمناقشة اتفاق تعاون مع الاتحاد الأوروبي هو بصدد الدرس حاليا بالرغم من الانتقادات التي يواجهها هذا الاتفاق المشترك خصوصا في علاقته بقطاعات الزراعة والخدمات.

ويقول في هذا السياق "لنا موقع متقدم مع الاتحاد الأوروبي ونأمل تدعيم التعاون...لكن الاتحاد الأوروبي يعي جيدا أن تونس تمر بفترات صعبة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي وأظن أنه سيتم التوقيع على هذا الاتفاق".

كما يأمل في تعزيز الدبلوماسية مع البلدان الإفريقية عبر رفع عدد السفارات التونسية من عشر إلى عشرين.

وعلى غرار قائد السبسي، يريد الزبيدي تدعيم العلاقات مع سوريا بإعادة فتح السفارة السورية في تونس والمغلقة منذ 2012 معللا ذلك بالقول "لدينا مصالح اقتصادية مشتركة وكذلك في مجال الأمن والاستعلامات" وبالأخص بعد أن التحق العديد من الشباب التونسيين بجبهات القتال في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا.

وفي ما يتعلق بالملف الليبي والأطراف المتصارعة، يؤكد الزبيدي على مواصلة فكرة "الحياد الايجابي" وعدم دعم أي طرف على حساب الآخر.

وفي تطور آخر أعلن حزب حركة نداء تونس اليوم الأحد تأكيد موقفه الرسمي من دعم المرشح الرئاسي المستقل عبدالكريم الزبيدي.

وجاء الإعلان عن الموقف الرسمي خلال اجتماع شعبي بمدينة صفاقس عشية انطلاق الحملة الانتخابية الرئاسية غدا الاثنين.

كما يأتي هذا الإعلان  ردا على تصريح رئيس مكتب نداء تونس السياسي رضوان عيارة بإمكانية دعم رئيس الحكومة يوسف الشاهد بدل الزبيدي.

وأكد ناطق باسم نداء تونس أن الموقف الرسمي للحزب هو دعم الزبيدي وأن اي تصريح مخالف لهذا الموقف يلزم صاحبه، مضيفا أن ما يصدر خلافا للموقف الرسمي ليس إلا من قبيل التشويش والمؤامرات.

وقال القيادي في الحزب والنائب المنجي الحرباوي لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب. أ) إن "الموقف الرسمي للحزب ما يزال وراء دعم عبد الكريم الزبيدي وأي تصريح آخر لا يلزم الحزب".

وكان عيارة قال في تصريحات سابقة إن رئيس الحكومة يوسف الشاهد هو المرشح الطبيعي لحزب نداء تونس باعتباره ابن النداء، بينما لا علاقة للزبيدي بالحزب كما أنه لم يزر مقر النداء.

وردّ النداء على تصريحات عيارة بأن جمّد عضويته في الحزب، معتبرا دعوته لدعم الشاهد انقلابا على الموقف الرسمي للنداء.

وتوترت العلاقات بين الشاهد الذي كان ينتمي لنداء تونس والحزب الذي أسسه الراحل الباجي قائد السبسي. وطالب شق واسع من الندائيين في السابق الشاهد بالاستقالة واتهموا حكومته بالفشل.

والشاهد قيادي سابق في حزب حركة نداء تونس وكان الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي قد كلفه بتشكيل حكومة وحدة وطنية في 2016، لكن نداء تونس أعلن لاحقا عن تجميد عضويته بسبب خلافاته مع السبسي.

وترشح رئيس الحكومة التونسية الذي فوّض مهامه وقتيا لكمال مرجان وزير الوظيفة العمومية، عن حزبه الجديد "تحيا تونس"، فيما يحظى منافسه الزبيدي بدعم نداء تونس وافاق تونس إلى جانب شخصيات سياسية مستقلة وعدد من المنظمات.

وتجري الانتخابات الرئاسية المبكرة يوم 15 سبتمبر/أيلول وتأتي بعد وفاة قائد السبسي في 25 يوليو/تموز الماضي. وتضم قائمة المرشحين للانتخابات الرئاسية 26 مرشحا أبرزهم الزبيدي والشاهد ومرشح حركة النهضة عبدالفتاح مورو وأيضا رجل الأعمال وقطب الإعلام نبيل القروي الذي تم ايقافه وإيداعه السجن المدني بالمرناقية مؤخرا بموجب مذكرة جلب صادر عن النيابة العامة في تهم تتعلق بقضية "غسيل أموال".

لكن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قالت إن القروي لايزال مرشحا للانتخابات الرئاسية على الرغم من قرار إيقافه.