
مريم العود تغوص في لوحاتها في عوالم أفريقيا الجميلة
التلوين والرسم في مرحلة من توهج الذات حيث الاستعادة للحلم والرغبات قولا ونظرا وتقصدا للعبارة التشكيلية وهي في عنفوان معانيها تجاه الذات الأمارة بالإبداع والآخرين والعالم في طقس من الحوار والإفصاح عن الحس الدفين بالكينونة.. هي أحلام الطفولة العائدة إلى واقع الحال بعد سنوات لتكبر وهي ترى في الأكوان شيئا من ألوانها الرائقة والمحبذة...
من هنا كانت فكرة التلوين عند الرسامة التي تخيرت في زيتياتها رصد ما هو جميل وأصيل في أفريقيا عبر الاشتغال على المرأة لتبرز اللوحات حاضنة هذا البهاء الأفريقي مشيرة في هذه الأعمال إلى الموضوع في تعدد تلويناته وحالاته التي عنوانها المرأة الأفريقية بما في كل ذلك من رمزية وجدانية وثقافية وحضارية لتقول بالمرأة التي في خيالها عن حالها وكيف بدت لها وكيف رأتها... وهكذا هي هذه الفكرة التشكيلية عند الفنانة مريم العود.
بعد دراسة الحقوق كان الولع بالفن ومنه الفن التشكيلي حيث عوالم الرسم والتلوين وفق الرغبات الدفينة والولع بالرسم ليكون المجال مع تلقي الدروس في التدرب وتعلم فنون الرسم، ومن هنا مضت الفنانة مريم العود في تعاطيها مع القماشة كمساحة للقول الجمالي تعبيرا عن الكامن في الذات من أحاسيس وانطباعات تجاه النظرة الجمالية التي تستبطنها ومن خلالها تلك التعبيرية الملونة وفق ما بدا لها جميلا وأخاذا لتتنوع مواضيع لوحاتها وتغوص عبرها أكثر في عوالم أفريقيا الجميلة ومنها المرأة الأفريقية بمختلف أحوالها ضمن الهيئات والوجوه المعبرة عن الجوهر والعمق والأصيل في قارة تعج بممكنات الحياة وبهائها وجمال تفاصيلها وعناصرها...

انطلقت منذ عقدين تجربة الفنانة التشكيلية مريم العود التي أفادت من هيامها بالفن لتكون لها مصافحات مع المعارض الفنية التشكيلية الفردية الخاصة وكذلك الجماعية وكانت تجربتها في "رواق bel art" للمعارض ونعني فضاء "الفن الجميل" بالمنزه سنة 2007، وخلال معرضين، إلى جانب معرض آخر بصفاقس سنة 2006 ما شكل المناسبة الثقافية والفنية للفنانة وفق التفاعل مع ما تنجزه من قبل جمهور الفن ورواد الرواق وأحباء الرسم، وكانت اللوحات الزيتية متعددة في تعاطي الفنانة مع ارتسانات الوجوه للمرأة الأفريقية في ذاتها وشواسع حالاتها.
وهنا تذكر الفنانة هواجسها الفنية لتقول "بعد دراسة الحقوق استهوتني لعبة الرسم والفن التشكيلي التي كانت معي منذ طفولتي من خلال الرسوم والخربشات على الورق ليعاودني هذا الحلم فكانت ممارستي الفنية الجزء الهام في كياني حيث الفن مجال حلم وحنين وملاذ حين نهرب من الروتين واليومي وضغوط الحياة.. فالرسم مثل لي عالما بأسره فيه ممارسة التعبير عن الذات والحرية والخيال والقول بما هو جميل ومن هنا اشتغلت بتقنية الرسم الزيتي عبر الغوص في موضوع قدم إلي وفرض نفسه واقتحم مجالات نظري وخيالي وهو التجوال الفني الملون في عالم المرأة الأفريقية هذه التي تأخذنا إلى كثير من الجمال والبراءة والإنسانية بالنظر لما عانته القارة الأفريقية المكتظة بالخيرات والثروات من ويلات الصراعات والحروب لتنهض من جديد مقترحة علينا عالمها المحب للسلام والعمل والإبداع، ومن هنا كانت رغبتي في إبراز حيز من أحوال أفريقيا عبر المرأة التي هي عنوان الحياة والصبر والنضال هناك في القارة التي ننتمي إليها.. الفن له رسائل ومحبة وغرام وعشق وحلم لأجل الإنسان والجمال..".
هكذا تواصل الفنانة التشكيلية مريم العود العمل ضمن ورشتها في كثير من الحرص والرغبة لتنويع مجالات النظر والمواضيع، حيث تعد لمعرضها الشخصي بالعاصمة، وهو الأمر الذي تشتغل عليه بعد مشاركتها في المعرض الجماعي للفنون التشكيلية بسوسة في فضاء "الرواق" ضمن يوم ثقافي فيه الفن التشكيلي والشعر والنقد والموسيقى بعنوان "قلق"، وذلك بحضور عدد من المحبين للفنون والشبان والفنانين التشكيليين والشعراء.
تجربة الفنانة التشكيلية مريم العود مناسبة للقول بالفن في علاقة الذات الحالمة والمغامرة في دروبه حيث الفن بأسوار قلاعه العالية التي تجلب إليها المحبين ليمكثوا في الحلم والرغبات والتجريب ديدنهم الذهاب إلى الجمال والإبداع بعناوين شتى... إنها لعبة الفن في عالم متسارع النبض والإيقاع والأحداث.. الفن فكرة القلب التي ترنو إليها الفنانة مريم بكثير من الدأب والبهجة والأمل.