مسؤولون أوروبيون يلتقون اردوغان لبحث سلوك أنقرة المتقلب

زيارة فون دير لايين وشارل ميشال المرتقبة إلى تركيا للقاء الرئيس التركي تأتي بعد أيام على انسحاب أنقرة من اتفاقية لحماية المرأة والمضي قدما في إجراءات حظر الشعوب الديمقراطي واستئناف عمليات التنقيب بمياه المتوسط، في خطوات أقلقت الاتحاد الأوروبيين.
الاتحاد الأوروبي يضغط على تركيا ويمد يده لمصالحة مشروطة
المفوضية الأوروبية تحث تركيا على استقبال المهاجرين العائدين من اليونان
بروكسل تبحث عن ضمانات تترجم نوايا أنقرة الحسنة إلى خطوات جادة للتراجع عن مبدأ العقوبات

بروكسل - تزور رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال تركيا في 6 أبريل/نيسان للقاء الرئيس رجب طيب اردوغان، وفق ما أعلن الاثنين المتحدثان باسم المؤسستين على تويتر، في زيارة تأتي بعد أيام على انسحاب تركيا من اتفاقية لحماية المرأة والمضي قدما في إجراءات حظر الشعوب الديمقراطي واستئناف عمليات التنقيب بمياه المتوسط، في خطوات أقلقت الاتحاد الأوروبي حيال سلوك أنقرة المتقلب عقب إظهاراها بوادر لتصحيح مسار العلاقات مع الشركاء الأوروبيين بعد سنوات من التوتر والصدام.

ولم يذكر المتحدث أي تفاصيل عن زيارة شارل ميشيل وأورسولا فون دير لاين. لكن الزيارة تأتي في إطار إعادة إطلاق العلاقات التي وافق عليها زعماء الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي بعد أن اتخذت تركيا خطوات لتهدئة النزاع بشأن مصادر الطاقة في شرق البحر المتوسط.

واعتمد اردوغان مؤخرا أسلوبا مخالفا لنهجه التصعيدي المستفز بعد مغازلة الاتحاد الأوروبي لتجنب أي عقوبات أوروبية تعمق أزمة بلاده الاقتصادية وإظهار نوايا حسنة، لكن الأوروبيين طالبوا أنقرة بخطوات واقعية تظهر الجدية.

وإظهار النوايا الحسنة لا يكفي أنقرة لإقناع الاتحاد الأوروبي أوتمرير الأسلوب الجديد خاصة وأن اردوغان انقلب مرارا على تعهداته ما يجعل الأوربيين يطالبون بضمانات إزاء التزام تركيا بوعودها.

وكان الاتحاد الأوروبي قد أعرب في قمته الخميس الماضي عن استعداده "التعامل مع تركيا" إثر أشهر من التوتر في شرق المتوسط، لكنه وضع شروطا أبرزها مواصلة التهدئة.

وسيتابع قادة الاتحاد خلال اجتماع المجلس الأوروبي في يونيو/حزيران تطورات هذا المقاربة "التدريجية والمشروطة والتي يمكن الرجوع عنها من أجل تعزيز التعاون في عدد من المجالات ذات الاهتمام المشترك"، وفق ما جاء في بيان القمة.

وكشف الاتحاد الأوروبي عن استعداده لنقاشات حول تعصير الاتحاد الجمركي واستئناف الحوار رفيع المستوى والتفاوض بشأن تسهيلات الحصول على تأشيرة للمواطنين الأتراك.

وفي حال عدم إحراز تقدم في هذه الملفات، استعرض وزير خارجية الاتحاد جوزيب بوريل خيارات بينها فرض عقوبات على قطاع السياحة التركي.

من جهتها، انتقدت تركيا خلاصات القمة الأوروبية، لكنها وعدت باتخاذ "خطوات إيجابية" تفاعلا مع مبادرات التكتّل.

وأظهر الرئيس التركي رغبة في التهدئة نهاية 2020، بعد تصاعد التوتر مع الاتحاد الأوروبي على خلفية إرسال تركيا سفنًا لاستكشاف الغاز في مياه متنازع عليها مع اليونان ومياه جمهورية قبرص.

ملفات شائكة تغذي التوتر بين تركيا والاتحاد الأوروبي
ملفات شائكة تغذي التوتر بين تركيا والاتحاد الأوروبي

قبل أسبوعين حذر القادة الأوروبيون أنقرة من تبعات العبث بالديمقراطية وحقوق الإنسان في تركيا، وذلك بعد انسحابها من اتفاقية حماية المرأة من العنف والمضي قدما في خطوات حظر حزب الشعوب الديمقراطي المعارض، في انتهاكات دفعت الأوروبيين للنظر مجددا في سبل التعامل مع سلوك تركيا المستفز وإعادة تقييم العلاقة بعد هدوء نسبي للتوتر القائم بين الطرفين بسبب الأنشطة التركية غير القانونية في المتوسط وتراجع بروكسل أواخر العام الماضي عن فرض عقوبات تهدف لردع السلطات التركية. 

وتأتي تحذيرات الأوروبيين في وقت سرّعت فيه أنقرة انتهاكاتها باتخاذ إجراءات جديدة على طريق حظر الحزب المؤيد للأكراد وهي خطوة أثارت قلق المجتمع الدولي بشأن مصير الديمقراطية في تركيا، فضلا عن انسحابها من اتفاقية اسطنبول الهادفة لحماية المرأة من العنف وهو ما اعتبرته الدول الأوروبية خطرا على حياة النساء في بلد يتعرض لانتقادات مستمرة منذ سنوات بسبب ممارسات القمع ووضع حقوق الإنسان.

والأحد انتقد زعماء أوروبيون ما وصفوه بقرار تركيا المحير والداعي للقلق بالانسحاب من اتفاقية دولية تهدف لحماية النساء من العنف وحثوا الرئيس التركي على إعادة النظر فيه.

وكانت حكومة اردوغان قد انسحبت قبل نحو أسبوعين من اتفاقية إسطنبول، التي انضمت إليها في 2011 بعد صياغتها في تلك المدينة أكبر المدن التركية. وقالت تركيا إن القوانين المحلية لا الحلول الخارجية هي التي ستحمي حقوق النساء.

وتتعهد الاتفاقية التي أشرف عليها مجلس أوروبا بمنع العنف الأسري ومقاضاة مرتكبيه والقضاء عليه وتعزيز المساواة. وكانت جرائم قتل النساء قد ازدادت في تركيا في السنوات الأخيرة.

كما استأنفت تركيا مؤخرا عمليات التنقيب في مياه شرق المتوسط المتنازع عليها مع اليونان، في خطوة أثرت على المحادثات الجارية بين أنقرة وأثينا لخفض التوتر بينهما.

أما حملة القمع المسلط على حزب الشعوب الديمقراطي بعد أن تحرك المدعي العام لإغلاقه بسبب اتهامات بأنه على صلة بالمسلحين الأكراد، وهي اتهامات ينفيها حزب الشعوب الديمقراطي ويصفها بأنها "انقلاب سياسي، فقد أثارت إلى جانب قرار تجريد النائب بالبرلمان التركي عن الحزب عمر فاروق جرجرلي أوغلو من منصبه واعتقاله، حفيظة المجتمع الدولي الذي وجه انتقادات لاذعة إلى أنقرة وعبر عن قلقه بشأن مصير الديمقراطية.

وحذّرت الولايات المتحدة الأربعاء من أن الجهود التي تبذل لحظر حزب رئيسي موال للأكراد في تركيا ستشكل تقويضا للديمقراطية.

ولطالما انتقدت الدول الأوروبية سلوك اردوغان تجاه الأكراد وممارسات القمع المجحفة بحق المعارضة وأثارت تلك الممارسات مخاوف الأوربيين إزاء الديمقراطية والحقوق الأساسية في تركيا.

وكثفت السلطات التركية متجاهلة الانتقادات الغربية والأوربية، في السنوات الأخيرة عمليات الاعتقال وعزل مسؤولين منتخبين أعضاء في الحزب واستبدلت الغالبية العظمى لرؤساء البلديات الستة والخمسين المؤيدين للأكراد، في محاولة لتفكيك المعارضة وتقليص حظوظها في الانتخابات التركية المرتقبة وإفساح المجال أمام حزبه لضمان سيطرة مطلقة وأغلبية برلمانية.

وتركيا عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) وشريك للاتحاد الأوروبي في ملف الهجرة.

وقد قبلت أنقرة قبل أعوام فرض رقابة على حدودها مع التكتّل لمنع عبور المهاجرين غير النظاميين وطالبي اللجوء، وهي تستضيف منذ عشرة أعوام نحو أربعة ملايين لاجئ سوري فروا من الحرب في بلدهم.

ويستعد الاتحاد الأوروبي لزيادة التمويلات لصالح اللاجئين السوريين في تركيا ولبنان والأردن.

والاثنين قالت المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية إيلفا جوهانسون إن على تركيا أن تستقبل "بصفة عاجلة" مئات المهاجرين ممن رفضت طلبات لجوئهم على الجزر اليونانية.

وأضافت في تصريح من جزيرة ليسبوس اليونانية التي تستضيف نحو 8 آلاف طالب لجوء، "أدعو تركيا أن تستأنف بصفة عاجلة قبول المهاجرين (المعادين) من اليونان".