مساحات حرية الإعلام تزداد ضيقا في الجزائر

السلطات الجزائرية تحكم بالسجن عامين على صحافي وطرده من مكان عمله في أحدث حلقة من حملة القمع الهادفة لخنق مساحة حرية التعبير المحدود أصلا.
الجزائر حجبت منذ احتجاجات 2019 عديد وسائل الإعلام ودانت صحافيين
انتقادات غربية وأوروبية لاذعة لممارسات القمع المتزايدة في الجزائر

الجزائر - قضت محكمة تبسة شرق الجزائر، بالسجن عامين غيابيا في حق صحافي مع إصدار امر بالقبض عليه، بسبب منشورات على موقع فيسبوك، بحسب ما أعلن الصحافي نفسه في منشور الأحد.

وكتب الصحافي عادل صياد العامل بإذاعة تبسة المحلية "لم أتصوّر أبدا هذا المجدَ في الجزائر الجديدة؛ عامان حبسا نافذا مع أمر بالقبض، وأمر آخر بتعليق شغلي بالإذاعة التي قضيت بها 26 عاما".

وتابع "يا لها من أخبار سعيدة عشية عيد الأضحى. شكرا لك السيد عبدالمجيد تبون (رئيس الجمهورية) هذا الإنجاز الكبير. قريبا سأسلّم نفسي لعدالة التلفون ويشرفني إيداعي الحبس".

وبحسب نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان سعيد صالحي، فإن عادل صياد دين بموجب المادة 96 من قانون العقوبات التي تنص على أن "يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى 3 سنوات و بغرامة من 20.000 إلى 100.000 د.ج كل من يوزع أو يضع للبيع أو يعرض لأنظار الجمهور، أو يحوز بقصد التوزيع، أو البيع، أو العرض بغرض الدعاية منشورات أو نشرات أو أوراقا من شأنها الإضرار بالمصلحة الوطنية".

وأضاف صالحي "بالنسبة لنا فإن الصحافي دين بسبب كتاباته وآرائه، إنه صحافي آخر يُضاف إلى قائمة الصحافيين الطويلة الملاحقين او المسجونين او الموجودين تحت الرقابة القضائية في خضم القمع المستمر".

وبذلك "يفقد العفو الرئاسي (الذي أصدره الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون الأربعاء) كل معناه"، على قول صالحي.

وشمل هذا العفو 101 معتقل بسبب المشاركة او الدعوة إلى تظاهرات الحراك غير المرخص لها.

وتحتل الجزائر المركز 146 (من بين 180 دولة) في التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي أصدرته منظمة "مراسلون بلا حدود" سنة 2021.

هذا ويعاني صحافيون عدة في الأشهر الأخيرة من تضييق قضائي شمل محاكمات سريعة وعقوبات مشددة في الجزائر التي تعمل على خنق مساحة حرية التعبير المحدودة وفق نشطاء ومنظمات حقوقية.

يقدر المدير العام لمنظمة "مراسلون بلا حدود" كريستوف ديلوار أن البلد يحكمه "نظام غير مستقر يتصرف بشكل سيئ وهو في طور الانغلاق فجأة في دوامة" قمع.

في جزائر العام 2021 يمكن أن تقودك كلمة إلى السجن

الجزائر التي تشهد حراكا غير مسبوق منذ عام 2019 رافقته في البداية حرية تعبير نسبية، حجبت مؤخرا العديد من وسائل الإعلام المستقلة ودانت صحافيين مرموقين.

من بين المدانين خالد درارني مؤسس موقع صحافي مستقل ومراسل تلفزيونات أوروبية، وقد حكم عليه في سبتمبر/أيلول 2020 بالسجن لعامين بتهمة "التحريض على التجمهر غير المسلح" بعد تغطيته تظاهرات الحراك.

وقاد الحكم القاسي وغير المسبوق إلى حملة تنديد تخطت حدود البلاد.

درارني الذي حصل مذاك على عفو رئاسي وينتظر إعادة محاكمته، عبّر عن أسفه لأنه "في جزائر العام 2021 يمكن أن تقودك كلمة إلى السجن، ويجب أن ننتبه لكل ما نقول ونكتب".

ومن بين الوجوه البارزة الأخرى الصحافي رابح كراش من تمنراست (جنوب) المسجون منذ ثلاثة أشهر على خلفية تغطيته احتجاجا للطوارق الجزائريين ضد مصادرة أراضيهم.

ووجدت الجزائر نفسها عام 2020 في مرمى قرارين متتاليين للبرلمان الأوروبي انتقدا "تدهور أوضاع حقوق الإنسان"، وأشارا إلى حالة خالد درارني.

وفي مؤشر الى الانغلاق المتزايد، فان عدد المراسلين الأجانب في الجزائر والمغرب يتراجع بسبب صعوبات الحصول على اعتمادات عمل والقيود الصارمة على الارض.

وحذر كريستوف ديلوار من أن ذلك "يمس بسمعة البلد ويهدد بإلحاق الضرر بصورته، وحتى ببعض علاقاته الدبلوماسية".