مسار معقد وطويل لتسليم البشير للجنائية الدولية

المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية تبحث في اليوم الثاني من زيارة تستمر خمسة ايام للسودان قضايا تتعلق بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في عهد الرئيس المعزول عمر البشير.
حكومة حمدوك تجدد التزامها بتحقيق العدالة استجابة للمطالب الشعبية
بنسودا تبحث التنسيق بين القضاء السوداني والقضاء الدولي في جرائم دارفور
البشير أسس شبكة معقدة من العلاقات بجماعات الإسلام السياسي وحاضناتها الإقليمية

الخرطوم - يبحث وفد من المحكمة الجنائية الدولية بقيادة المدعية العامة فاتو بنسودا لليوم الثاني على التوالي عدة قضايا تتعلق أساسا بارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور خلال حكم الرئيس المعزول عمر البشير المطلوب للمحاكمة دوليا بالمسؤولية عن تلك الجرائم.

ولم تشر الحكومة السودانية صراحة إلى مناقشة تسليم البشير للجنائية الدولية، إلا أن رئيس الوزراء عبدالله حمدوك جدد اليوم الأحد التزام السودان بتحقيق العدالة وأن هذا الأمر هو استجابة للمطالب الشعبية وذلك خلال لقائه بفاتو بنسودا في اليوم الثاني من زيارتها للسودان.

ويبدو مسار تسليم البشير الذي يحاكم في أكثر من قضية أمام القضاء السوداني من ضمنها قضايا تتعلق بدعم الإرهاب وأخرى حول فساد مالي وإداري والانقلاب العسكري الذي قاده قبل نحو ثلاثة عقود، للجنائية الدولية مسارا معقدا.

ولايزال البشير المحتجز منذ عزله في ابريل/نيسان 2019، يحتفظ بنفوذ واسع بين أنصاره خاصة منهم الاسلاميون المدعومين من قطر وتركيا تجلى في محاولات زعزعة الاستقرار وتعطيل جهود الانتقال الديمقراطي.

وقال مكتب حمدوك في تصريح مكتوب تلقته وسائل الإعلام المحلية "إن التزام السودان بتحقيق العدالة ليس من الالتزامات الدولية فحسب وإنما يأتي استجابة للمطالبات الشعبية بإقامة العدل".

ووصلت بنسودا السبت إلى الخرطوم في زيارة للسودان تستمر خمسة أيام لبحث القضايا التي تنظر فيها المحكمة والمتصلة بإقليم دارفور غرب البلاد.

وكانت المحكمة أصدرت مذكرات اعتقال بحق البشير واثنين من مساعديه بتهم ارتكاب جرائم إبادة وتطهير عرقي وجرائم حرب وضد الإنسانية أثناء النزاع في إقليم دارفور غرب البلاد الذي استمر بين 1989 و2004 وأسفر عن 300 ألف قتيل وملايين النازحين. ويطالب ضحايا النزاع بتسليم المطلوبين للمحكمة.

وذكرت وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا) أن بنسودا التقت أيضا نصرالدين عبدالباري وزير العدل.

ونقلت عن المدعية العامة للجنائية الدولية قولها إن "هدف الزيارة من شقين، الأول هو الاجتماع بالمسؤولين السودانيين حول عمل الجنائية الدولية في دارفور وكيفية تنسيق التكامل بين عمل المحكمة وعمل الجهاز القضائي السوداني حول موضوعات ذات صلة بدارفور، والثاني هو كيفية الحصول على تعاون السلطات السودانية في جمع المعلومات ذات الصلة بقضية السيد عبدالرحمن (كوشيب)" أحد المطلوبين للمحكمة والذي سلم نفسه في يونيو/حزيران الماضي في دولة إفريقيا الوسطى المجاورة لدارفور.

وفي فبراير/شباط الماضي أعلنت الحكومة السودانية التي تولت السلطة بعد الإطاحة بالبشير في ابريل/نيسان 2019 موافقتها على "مثول" المطلوبين لدى المحكمة أمامها.

 

حمدوك رئيس الحكومة السودانية يناقش مع المدعية العامة للجنائية الدولية قضايا تتصل بدارفور
حمدوك رئيس الحكومة السودانية يناقش مع المدعية العامة للجنائية الدولية قضايا تتصل بدارفور

كما التقت بنسودا عضو مجلس السيادة الانتقالي محمد حسن التعايشي بحسب تصريح مكتوب من مكتب إعلام مجلس السيادة الانتقالي.

وأكد متحدّث باسم المحكمة الجنائية الدولية السبت أن "بنسودا ستكون مع وفد من مكتبها في الخرطوم على مدى الأيام القليلة المقبلة لبحث التعاون بين المحكمة الجنائية الدولية والسودان".

وطوال عقد، تجاهل الرئيس السوداني المعزول مذكرات التوقيف الدولية الصادرة بحقه. والبشير الذي حكم البلاد ثلاثين عاما موجود في سجن كوبر بالعاصمة السودانية الخرطوم وتجري محاكمته. وقد صدر حكم أول في حقه في قضية فساد في ديسمبر/كانون الأول وقضى بسجنه لمدة عامين.

ويحاكم البشير مع 27 شخصا آخرين بتهمة تدبير انقلاب 1989 الذي أطاح بالحكومة المنتخبة حينها.

وعانى السودان في حكم البشير لعقود من العزلة الدولية بسبب ارتباط نظامه بجماعات إسلامية مصنفة على القائمة الدولية للتنظيمات الإرهابية ومن ضمنها تنظيم القاعدة.

وكان السودان قد استضاف في السابق زعيم تنظيم القاعدة (الراحل) أسامة بن لادن لمدة خمس سنوات مطلع 1990.

وترك بن لادن في السودان حسب وثائق سرية أفرجت عنها واشنطن نحو 12 مليار دولار أوصى بأن تنفق على الجهاد.

وكون البشير شبكة واسعة ومعقدة من العلاقات والارتباطات المشبوهة خاصة بجماعات الإسلام السياسي وبحاضنات إقليمية وسخر امكانات الدولة في تمويل مشروع التمكين للاخوان.

وتتحرك السلطة الانتقالية الآن في السودان مثقلة بتركة من النزاعات والمشاكل الاقتصادية التي خلفها نظام البشير.