مشكلة الأردنيين مع النسوان

لا بد للمجتمع الأردني أن ينصف نفسه ويترفع عن الخوض في أعراض النساء.

الحديث هنا يخص الشرق أردنيين والغرب  أردنيين. فالشعب الأردني عموما له مشكلة كبيرة مع المرأة، وعندما يستاؤون من امرأة فإنهم يطلقون ألسنتهم عليها بالمس بشرفها. وقد ارتبط اسم الأردن لدى كثير من الناس خارج الأردن بجرائم الشرف. وطالما كان الأردنيون قساة على المرأة بشكل غير عادي، فالمرأة المثالية لديهم هي الموظفة وربة المنزل البارعة والولود التي تنجب ذكورا بالتحديد والتي تعيش مع أهل الزوج وتكون طوع أمرهم، وقد عرفت فيما مضى امرأة أردنية تفعل كل ما سبق وفوق هذا وذاك، تصنع زيتونا محشيا وتبيعه. ولكي تغطي الدولة على وضع المرأة البائس، فإنها تقوم بتعيين النساء في مناصب عليا لتثبت للعالم أنها دولة تحترم حقوق النساء، وذلك دون الالتفات لقانون الأحوال الشخصية المتخلف. بل أن القضاة الشرعيين يحاججون النساء اللواتي يطلبن تعويضا عن الطلاق التعسفي بأن يطلبوا منهن أن تثبت أنه في الاسلام يوجد تعويض للطلاق التعسفي، كما يطلبون منها الإتيان بدليل يجبر الزوج على الانفاق دون رضاه، أو على تقسيم الممتلكات التي شاركت المرأة فيها بمالها، بحجة أنه لم يجبرها أحد على ذلك. وكلما جرت محاولات لتعديل قانون الأحوال الشخصية، هب الاخوان المسلمون لوقفه بحجة أنه مخالف للقرآن والسنة.

إن نقد الفاسدين واجب أخلاقي وتقديم الأدلة على فسادهم خدمة يقدمها المرء للمجتمع، ولكن المساس بأعراض النساء فهو يعبر عن كيد وغيرة فقط. ولو أن كل شخص هاجم الآخرين بأعراضهم لأسباب تتعلق بالمظهر أو السلوك الاجتماعي، لسجن الآباء بناتهن وأخفوهن عن الناس نهائيا. وانتشار هذا النوع من الهجوم على النساء هو بصراحة مؤشر قوي على تدني المستوى الثقافي الشعبي. ولا يهم عدد الخريجين والجامعيين ولا عدد حملة الشهادات العليا، فالثقافة الشعبية تفرض نفسها على القاضي والراعي، وهي تترك دمغة بشعة على المجتمع وهي انه مجتمع متخلف. لا بد للمجتمع الأردني أن ينصف نفسه ويترفع عن الخوض في أعراض النساء، لكي يستمع إليه الآخرون ويقتنعون ببراهينه وأدلته على الفساد، ولكي يستمع الناس الى المتحدث بوصفه رجلا محترما وليس امرأة "مكيودة" .

هناك خلط لدى عامة الناس بين الشهادة والثقافة، فهما شيئان مختلفان تماما، والشهادة تعني أن الشخص قارئ جيد ويتمتع بذكاء جيد، والثقافة تدل على أخلاقه وطريقة تفكيره. فاذا اغتاب الناس أو قذفهم أو اختبأ في منزله خوفا من المظاهرات أو تولى يوم الزحف على العدو أو رأى الظلم ولم يحرك ساكنا أو رأى مصابا ولم يسعفه خوفا من المساءلة أو تغول على حقوق المرأة والطفل لأنهم ضعفاء أو خاف أن يشتكي على من ظلمه أو رأى خطأ ولم يحاول تصحيحه أو لاحظ أن طفله يعاني من خلل صحي أو نفسي ولم يحاول علاجه أو شهد زورا أو تغول على خادمته أو سائقه أو نهب المال لأن لا أحد يراقبه أو انقاد للقبيلة أو العشيرة أو اتخذ موقفا من الناس تبعا لأصولهم أو دينهم أو حزبهم أو حاول مصادرة رأي الآخرين ومنعهم من التعبير عنه، هذه أمور أهم بكثير من الشهادة والدرجة العلمية وهي التي ترفع شأن المجتمع أو تهبط به في عالم الجهل والتخلف.

كلما سكت الناس عن الخطأ استفحل وصار صبغة عامة للمجتمع، وكلما أسرع الناس بتهذيب أنفسهم وأطفالهم، كان العلاج أيسر وأكثر فاعلية، وأنتم أيها الأردنيون تظلمون أنفسكم بهذا الخطاب الذي يصدر عنكم، هل ينقصكم مشاكل لكي تسيروا في هذا المسار المخزي، يكفي الفقر والفساد والضياع، فارفقوا بأنفسكم.