مصدر دبلوماسي: الدوحة انسحبت من جهود الوساطة بين حماس وإسرائيل

مسؤولون في حماس ينفون أن تكون قطر قد أبلغت قادة الحركة بأنهم لم يعودوا موضع ترحيب في البلاد.
واشنطن طالبت الدوحة بطرد قادة حماس لرفضهم صفقة الرهائن وفق مسؤول أميركي كبير

واشنطن/الدوحة – انسحبت قطر من دور الوسيط الرئيسي في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة والإفراج عن الرهائن، وأبلغت حماس بأن مكتبها في الدوحة "لم يعد يخدم الغرض منه"، وفق ما أفاد مصدر دبلوماسي السبت فيما نفى قادة في الحركة الفلسطينية تلقيهم دعوة لمغادرة البلاد.

وقد أكد مسؤول كبير في الإدارة الأميركية الجمعة أن الولايات المتحدة أبلغت قطر بأن وجود حماس في الدوحة لم يعد مقبولا بعد أن رفضت الحركة خلال الأسابيع القليلة الماضية أحدث مقترح للتوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن في غزة.

ولعبت قطر، إلى جانب الولايات المتحدة ومصر، دورا رئيسيا في جولات المحادثات غير المثمرة حتى الآن للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في الحرب الدائرة منذ عام في غزة. وفشلت الجولة الأخيرة من المحادثات في منتصف أكتوبر/تشرين الاول في التوصل إلى اتفاق، إذ رفضت حماس اقتراح وقف إطلاق نار قصير الأمد.

وقال المسؤول الكبير الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته "بعد رفض حماس للمقترحات المتكررة للإفراج عن الرهائن، لم يعد من الممكن الترحيب بقادتها في عواصم أي شريك للولايات المتحدة. أوضحنا ذلك لقطر في أعقاب رفض حماس قبل أسابيع لمقترح آخر للإفراج عن الرهائن".

وأضاف المسؤول أن قطر قدمت هذا الطلب إلى قادة حماس قبل نحو عشرة أيام.

ونقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن مسؤول أميركي قوله إن قرار الولايات المتحدة بمطالبة قطر بأن تطلب من حماس مغادرة البلاد جاء بسبب إعدام المواطن الأميركي الإسرائيلي هيرش غولدبرغ بولين وخمسة رهائن آخرين على يد حماس في نهاية أغسطس/اب الماضي، فضلا عن رفض المقترحات الأخيرة لوقف إطلاق النار في غزة.

وكانت واشنطن على اتصال بقطر بشأن موعد إغلاق المكتب السياسي للحركة، وأبلغت الدوحة أن الوقت قد حان الآن.

وقال مصدر دبلوماسي طلب عدم الكشف عن هويته "أبلغ القطريون الإسرائيليين وحماس أنه طالما كان هناك رفض للتفاوض على اتفاق بحسن نية، فلن يتمكنوا من الاستمرار في الوساطة. ونتيجة لذلك، لم يعد المكتب السياسي للحركة الفلسطينية يخدم الغرض منه".

ونفى ثلاثة مسؤولين في الحركة الفلسطينية أن تكون قطر قد أبلغت قادة الحركة بأنهم لم يعودوا موضع ترحيب في البلاد. ولم يرد المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية على الفور على طلب للتعقيب. ولم يتضح بعد ما إذا كان القطريون قدموا مهلة محددة لقادة حماس لمغادرة البلاد.

وفي نهاية أكتوبر/تشرين الاول، ذكرت تقارير إعلامية لصحف إسرائيلية أن حركة حماس تلقت اقتراحا، بوساطة من الولايات المتحدة وقطر وبعض الأطراف الدولية، يتضمن وقفا لإطلاق النار لمدة 30 يوما.

وأوضحت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أن هذه الهدنة ستشمل إطلاق سراح ما بين 11 و14 رهينة محتجزين في قطاع غزة.

ويهدف الاقتراح إلى بدء مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وحركة حماس سعيا إلى تحقيق انفراجة في الأزمة القائمة، مع إمكانية الإفراج التدريجي عن رهائن إضافيين خلال فترة الهدنة، وفق صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".

وتحاول إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن القيام بآخر المساعي لوقف الهجمات الإسرائيلية على غزة ولبنان، لكن انتخاب دونالد ترامب كرئيس جديد للولايات المتحدة يقلل على نحو واضح من نفوذ واشنطن في الأسابيع الأخيرة لبايدن في السلطة.

وفي الجولات السابقة من محادثات وقف إطلاق النار، أدت الخلافات حول المطالب الجديدة التي قدمتها إسرائيل بشأن الوجود العسكري المستقبلي في غزة إلى عرقلة الاتفاق، حتى بعد أن قبلت حماس نسخة من اقتراح وقف إطلاق النار الذي كشف عنه بايدن في مايو.

وقال مصدر قريب من المحادثات في أغسطس/اب إن الحركة في ذلك الوقت خشيت أن تقابل أي تنازلات تقدمها بمزيد من المطالب.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أدى مسار المفاوضات في الدوحة إلى هدنة لمدة سبعة أيام في غزة، مما سمح بالإفراج عن العشرات من الرهائن المحتجزين في غزة مقابل مئات السجناء الفلسطينيين، وتدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع الساحلي المدمر، قبل استئناف سريع للأعمال القتالية التي استمرت منذ ذلك الحين.

وتستضيف قطر المكتب السياسي لحماس في الدوحة منذ عام 2012، عندما أجبرتها الحرب الأهلية السورية على مغادرة قاعدتها في دمشق، وطلبت الولايات المتحدة من قطر فتح قناة اتصال مع المجموعة الفلسطينية.

ولم يتضح بعد عدد مسؤولي حماس الذين يقيمون في الدوحة، لكن من بينهم عدد من القادة الذين يوصفون بأنهم بدائل محتملة لرئيس المكتب السياسي للحركة يحيى السنوار، الذي قتلته القوات الإسرائيلية في غزة الشهر الماضي.

وتعرضت الدوحة لانتقادات من مشرعين أميركيين بسبب علاقاتها مع حماس.

والجمعة، كتب أربعة عشر عضوا جمهوريا في مجلس الشيوخ الأميركي رسالة إلى وزارة الخارجية يطلبون فيها من واشنطن تجميد أصول مسؤولي حماس المقيمين في قطر على الفور، وتسليم عدد من كبار مسؤولي حماس المقيمين في قطر ومطالبة الدوحة "بإنهاء استضافة كبار قادة حماس".

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني مرارا وتكرارا خلال العام الماضي إن مكتب حماس موجود في الدوحة للسماح بالمفاوضات مع الحركة، وأنه طالما ظلت قناة التواصل تلك مفيدة فإن قطر ستسمح ببقاء مكتب حماس مفتوحا.

وفي أعقاب الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الاول من العام الماضي على جنوب إسرائيل، والذي قتلت فيه حماس 1200 شخص واقتادت 250 آخرين إلى غزة كرهائن وفقا للإحصاءات الإسرائيلية، أبلغ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الزعماء في قطر وأماكن أخرى في المنطقة أنه "لم يعد من الممكن أن تستمر الأمور كالمعتاد" مع حماس.

وقال قطريون لبلينكن إنهم منفتحون على إعادة النظر في وجود حماس في البلاد عندما يحين الوقت.

وأدى الهجوم العسكري اللاحق الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة إلى مقتل أكثر من 43 ألف فلسطيني وتحويل القطاع إلى أرض خراب وحدوث كارثة إنسانية.