مصرية متحولة جنسيا تحلم فقط بحياة كريمة

فريدة رمضان تتحدى الأفكار السائدة في مجتمعها المحافظ وتضطر الى تغيير مكان إقامتها وتتخلى عن مهنتها في التدريس، ووزارة التعليم لم تحقق وعدها بالتعاقد معها للعمل مجددا كمعلمة.
القانون في مصر لا يعترف بالتحول الجنسي الا ان نقابة الأطباء تبيح جراحات تصحيح الجنس
جراحات تصحيح الجنس تتطلب الحصول على موافقة لجنة خاصة من الأطباء والأزهر

القاهرة - بحجاب ملوّن يغطي شعرها وكحل أسود يحدد عينيها وأحمر شفاه قانٍ، تتحدى المصرية المتحولة جنسيا فريدة رمضان الأفكار السائدة في مجتمعها المحافظ الذي لا يرحب بمجتمع الميم وينظر اليه نظرة سلبية.
تتحدر هذه المعلمة السابقة البالغة خمسين عاماً من أسرة متواضعة في مدينة دمياط (شمال شرق مصر)، وتروي أنها لم تكن تهتم على الاطلاق بألعاب الذكور عندما كانت صبياً صغيراً.
وعندما بلغت سن المراهقة، فاتحت اسرتها بما تشعر به من خلل في النوع (أي الفارق بين انتمائها الجنسي بيولوجيا وبين احساسها بنوعها). وتقول "في البداية صارحت القريبين مني، اي أمي وأختي وخالتي، فقوبلتُ باستهجان كبير جدا واستنكار وبقدر كبير من السخرية".
تركت فريدة رمضان بيت اسرتها عندما كانت في العشرينات وخاضت بمفردها معركة التحول الى أنثى. ولكنها اضطرت الى الانتظار طويلا قبل أن تُجرى لها الجراحة. وتروي أنها بدأت في العام 2000 "اجراءات طويلة للحصول على موافقة الجهات الرسمية على الجراحة"، لتحصل عليها "بعد ست سنوات".
فالقانون في مصر لا يعترف بـ"التحول الجنسي"، بحسب ما يشرح عضو مؤسس في جمعية "بداية" الأهلية التي تدافع عن حقوق مجتمع الميم.
إلاّ أن اللوائح الداخلية لنقابة الأطباء تبيح جراحات "تصحيح الجنس" بشرط الحصول على موافقة "لجنة خاصة" تضم أطباء وممثلا عن الأزهر.
ويوضح الناشط في "بداية" أن هذه اللجنة تجتمع بشكل غير منتظم ما يؤدي إلى تأخير الحصول على الموافقة المطلوبة فترات طويلة.
وتستند هذه اللجنة على فتوى مفادها أن جراحات تعديل النوع يجب أن تكون "لسبب عضوي وليس لسبب نفسي"، وفق الناشط في جمعية "بداية" الذي طلب عدم ذكر اسمه.
ولا تسمح لوائح النقابة بالجراحة الا بشروط عدة من بينها اجراء "تحاليل هرمونية وكروموسومية والخضوع لمدة عامين على الأقل لجلسات علاج نفسي وعلاج هرموني".
وكانت هذه الفحوص وجلسات العلاج والاجراءات تضطر فريدة للتغيب أوقاتاً كثيرة عن عملها ففصلت منه في العام 2006.
- عنف -
وبسبب قلة مواردها المالية اضطرت فريدة رمضان الى الانتظار عشر سنوات بعد حصولها على الموافقة لاجراء الجراحة.
وتقول "كنت أعمل في أي مجال متاح وأدخر قدر استطاعتي" الى أن توصلت عام 2016 إلى إجراء الجراحة.
ولكنها واجهت صعوبات في الاستمرار في العمل مع تحضيرها للجراحة لأنها باتت مرفوضة اجتماعيا واضطرت الى تغيير مكان إقامتها.
وتعتقد فريدة رمضان أن "وضع الذين يتحولون من إناث الى ذكور أفضل" من وضع الذكور الذين يتحولون إلى إناث، مثلها. وتضيف "هم مقبولون اجتماعيا أكثر منا".
في أيار/مايو 2020، أعلن الممثل هشام سليم دعمه لابنه المتحول جنسيا نور وحصل على تعاطف واسع بعد ذلك.
وبعد ذلك بستة أشهر، كتبت الصحافة المحلية عن فريدة رمضان ودعا وزير التعليم طارق شوقي، في موقف غير مسبوق، الى "قبول" المتحولين جنسيا.
ولكن الناشط في "بداية" يعتبر أن هذا الجدل لا يغير شيئًا من واقع الأمر.
ففي العام 2017، أوقفت الناشطة المثلية سارة حجازي لأنها رفعت علم المثليين خلال حفلة موسيقية في القاهرة وتعرضت للتعذيب قبل أن تغادر مصر وتنتحر في المنفى في العام 2020.
ويقول الناشط في "بداية" إن "نور وفريدة يحظيان بالدعم لآن المجتمع يعتقد أن ما أجري لهما عبارة عن عملية تصحيح".
ويلاحظ أن "التعاطف العام" مع نور "تحول الى غضب وهجوم" عندما ساند علنا سارة حجازي.
وتعهد وزير التعليم التعاقد مع فريدة رمضان للعمل مجددا كمعلمة، لكنّ وعده لم يتحقق وبقي حبرا على ورق.
- أم آلاء -
منذ أربع سنوات تقيم فريدة رمضان في قرية منشية سيرة بمحافظة البحيرة (شمال مصر).
وكل شهر، يبادر أهالي القرية رغم امكاناتهم "المتواضعة"، على قول فريدة، إلى جمع مبلغ من المال، يعطونها إياه كي تغطي نفقاتها الأساسية.
وتقول جارتها أم منة عبر الهاتف "فريدة خلقة ربنا، مثلها مثل كل الناس".
وتشرح فريدة أن جيرانها ينادونها الآن باسم "أم آلاء" وهو اسم اختارته بنفسها، إذ كانت تحلم وهي طفلة بأنها ستنجب بنتا تسميها آلاء. وتشرح قائلة "أنا أحب هذا الاسم كثيرا".
أما ما تطمح اليه فريدة رمضان الآن فهو "ليس أكثر" من أن تجد عملا. وتضيف "أريد أن أكف عن التسول وأن أعيش بكرامة".