مصر تتسلح بـ30 مقاتلة فرنسية في خضم توترات إقليمية

موافقة باريس على أن تبيع لمصر 30 طائرة رافال في صفقة تبلغ قيمتها 4.52 مليار دولار تأتي بينما تواجه القاهرة تحديات أمنية بسبب الاضطرابات الحاصلة في المنطقة.
فرنسا تدعم قدرة مصر العسكرية في مواجهة التهديدات الإرهابية
توافق مصري فرنسي على رفض الانتهاكات التركية المتمادية في المنطقة

باريس - ذكر موقع ديسكلوز الاستقصائي على الإنترنت الاثنين نقلا وثائق سرية أن فرنسا وافقت على أن تبيع لمصر 30 طائرة مقاتلة رافال في صفقة تبلغ قيمتها 3.75 مليار يورو (4.52 مليار دولار)، قائلا إن الصفقة قد تتم بحلول غد الثلاثاء.

وتأتي الصفقة فيما تواجه مصر تهديدات داخلية بسبب تواجد الجماعات الإرهابية في شمال سيناء وتوترات خارجية في ظل الوضع المضطرب في ليبيا وإثيوبيا وتشاد.

وتجمع مصر مع ليبيا حدود برية طويلة، حيث تنتشر بالأراضي الليبية بسبب الحرب المندلعة منذ سنوات ميليشيات مسلحة منفلتة وجماعات إرهابية، بينما تشهد كل من التشاد وإثيوبيا تمرد فصائل مسلحة، وتشكل هذه الاضطرابات تهديدا حقيقيا لاستقرار المنطقة.

كما تخشى مصر التمدد التركي في ليبيا ومياه شرق المتوسط، وتجمع باريس والقاهرة مصالح مشتركة وكلامها يرفض تدخلات تركيا العسكرية خاصة في ليبيا.

وقال مصدر بالحكومة الفرنسية لرويترز في تعليق على تقرير ديسكلوز الاثنين "جرت بالطبع مباحثات وصلت لمرحلة متقدمة للغاية وقد يصدر إعلان قريبا جدا".

وكانت القاهرة وهي زبون مهم بالنسبة إلى قطاع صناعة الأسلحة الفرنسي، أول بلد أجنبي يشتري مقاتلات رافال (24) في العام 2015.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد قال في ديسمبر/كانون الأول الماضي إنه لن يجعل بيع الأسلحة لمصر مشروطا بحقوق الإنسان لأنه لا يريد إضعاف قدرة القاهرة على مكافحة الإرهاب في المنطقة، وهو ما أثار غضب المنتقدين.

وقال موقع ديسكلوز إن الاتفاق بين فرنسا ومصر يشمل أيضا عقودا من شركة صناعة الصواريخ (إم.بي.دي.ايه) وشركة سافران للإلكترونيات والدفاع لتوريد عتاد قيمة 200 مليون يورو أخرى.

وقال الموقع إنه قد يتم إبرام اتفاق غدا الثلاثاء عندما يصل وفد مصري إلى باريس.

ولم ترغب شركة داسو في التعليق على هذه المعلومات التي من شأنها أن تمثل نجاحا تجاريا كبيرا جديدا لهذه المقاتلة الفرنسية.

وقال مصدر في الحكومة الفرنسية لوكالة فرانس برس إن "مناقشات متقدمة جدا تجري مع مصر ويمكن اعلانها قريبا جدا".

وكان من المقرر أن يوقع وفد مصري بالأحرف الأولى على الاتفاق الاثنين في باريس.

وأكد مصدر مطلع على الملف لوكالة فرانس برس طلبية مقاتلات رافال الثلاثين، بدون تحديد الترتيبات المالية.

ومن شأن عملية البيع هذه، تأكيد النجاح الكبير للمقاتلة الفرنسية، ولو جاء متأخرا. وبعد مصر، طلبت كل من قطر والهند 36 منها واشترت اليونان في يناير/كانون الثاني 18 مقاتلة رافال منها 12 مستعملة.

وقد تشهد الأشهر القليلة المقبلة ازدهارا، كما تأمل شركة داسو، فمقاتلة رافال تخوض منافسة في سويسرا وفنلندا وكرواتيا.

وقال نائب رئيس لجنة الدفاع في مجلس الشيوخ سيدريك بيران الاثنين "الأمر متروك للزبون للإعلان عن طلبات مماثلة، لكن إذا تم تأكيد هذا الإعلان، فسيكون نجاحا كبيرا للصناعة الفرنسية وللتوظيف في فرنسا".

وبحسب الموقع الذي استشهد بوثائق حكومية مصرية تفصّل شروط العقد، حصلت مصر على قرض بضمان فرنسا يصل إلى 85 في المئة لتمويل هذه المشتريات.

ملفات أمنية مشتركة تعزز التقارب المصري
ملفات أمنية مشتركة تعزز التقارب المصري

تقارب فرنسي مصري

ورغم رغبة باريس المعلنة في إعادة تركيز صادراتها من الأسلحة إلى أوروبا، تعد مصر إحدى الأسواق الرئيسية للمعدات العسكرية الفرنسية. وإذا كانت قيمة مشترياتها عشرات ملايين اليورو فقط في بداية العام 2010، فقد تعززت بشكل كبير مع وصول عبدالفتاح السيسي إلى السلطة في 2014، خصوصا بين عامي 2014 و2016 بعد شراء القاهرة مقاتلات رافال وفرقاطة وأربعة طرادات وحاملتي مروحيات من طراز ميسترال.

وبلغ مجموع الواردات المصرية من الأسلحة الفرنسية 7.7 مليارات يورو بين عامي 2010 و2019، ما جعل القاهرة رابع دولة من حيث شراء الأسلحة من فرنسا، وفقا للتقرير السنوي للبرلمان.

وكان القلق الذي أعرب عنه إيمانويل ماكرون بشأن أوضاع حقوق الإنسان في مصر خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره في يناير/كانون الثاني 2019 أنهى التقارب بين فرنسا ومصر اللتين لم تبرما أي عقود جديدة منذ ذلك الحين، وفق ما كتب النائب جاك مير في نوفمبر/تشرين الثاني في تقرير عن إدارة صادرات الأسلحة.

وفي أحدث إشارة الى التقارب بين البلدين، استقبل ماكرون في كانون الأول/ديسمبر السيسي ومنحه وسام جوقة الشرف. وأثار ذلك ردود فعل غاضبة على الشبكات الاجتماعية إذ تتهم منظمات غير حكومية السلطات المصرية بانتهاك حقوق الإنسان.

وخلال ذلك الاجتماع، امتنع ماكرون عن ممارسة ضغط كبير على مصر بعدما ترافق وصول السيسي إلى السلطة عام 2015 مع تزايد القمع ضد كل أشكال المعارضة الإسلامية أو الليبرالية.

وقال الرئيس الفرنسي "لن اجعل هذه الخلافات شرطا لتعاوننا في المجال الدفاعي، كما في المجال الاقتصادي".

من ناحية أخرى، تعد فرنسا من الدول التي طلبت من مصر التوقف عن استغلال تشريعاتها الخاصة بمكافحة الإرهاب لكم أفواه المعارضين.

ويظهر البلدان تقاربا بشأن قضايا الأمن الإقليمي الأخرى مثل الخلافات مع تركيا في شرق البحر المتوسط أو الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.