مصر تنهي حزمة إصلاحات ضمن اتفاق التمويل مع البنك الدولي

القاهرة تطبق سياسة تشديد مالي مما يجعل الأولوية للحصول على التمويلات موجهة للقطاع الخاص بدلاً من الحكومة.

القاهرة - أعلنت وزيرة التعاون الدولي المصرية رانيا المشاط، أن مصر انتهت من إعداد حزمة إصلاحات بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، وسيتم مناقشتها خلال مؤتمر يعقد في القاهرة نهاية الشهر الحالي. مؤكدة أن حزم الدعم المالي من البنك الدولي والاتحاد الأوروبي تعتمد على مصفوفة من الإصلاحات الهيكلية.

وأشارت المشاط إلى أن مصر تعتمد على نظام حوكمة للحصول على التمويلات، وأوضحت أنها لا تتوقع الحصول على دعم الاتحاد الأوروبي قبل نهاية العام الحالي، نظراً للإجراءات الدستورية اللازمة لدخول الاتفاقية حيز التنفيذ.

واتفقت مصر مع صندوق النقد الدولي، في مارس/آذار الماضي، على استئناف برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تم التوافق بشأنه في ديسمبر/كانون الأول 2022، وتعثر لأكثر من عام بسبب رفض السلطات تنفيذ بعض الإصلاحات المتفق عليها.

البنك المركزي المصري اتخذ حزمة من الإجراءات المؤلمة للتعامل مع التضخم ونقص العملة الصعبة وبيئة الأعمال.

وبموجب هذا البرنامج الذي يستمر حتى خريف 2026، رفع صندوق النقد الدولي تمويلاته إلى مصر من 3 مليارات دولار إلى 8 مليارات.

وتبنت القاهرة منذ ذلك الحين أسعار فائدة مرتفعة وصلت إلى 27.25 بالمئة، وخفض البنك المركزي سعر صرف الجنيه ليصل الدولار الواحد إلى 47.5 جنيها من 31.8 جنيها قبل 3 أشهر، مع زيادة أسعار بعض السلع الأساسية، في مقدمتها الخبز.

وناقشت الوزيرة أيضاً دور بنك التنمية الجديد، موضحة أنه يعتمد على آليات مختلفة عن مؤسسات التمويل الأخرى، ويركز في استراتيجيته على مجالات النقل المستدام، الموانئ، الطاقة، والتعليم. وأكدت أن مصر تطبق سياسة تشديد مالي، مما يجعل الأولوية للحصول على التمويلات موجهة للقطاع الخاص بدلاً من الحكومة. وأضافت أنه حتى الآن لا توجد مشروعات جاهزة بالتعاون مع القطاع الخاص، ولذلك يتم التركيز على تعريف المجتمع بالبنك.

كما ذكرت أن التعامل بالعملات المحلية قد بدأ بين بعض دول مجموعة البريكس، لكنها أشارت إلى أن مصر لم تتوصل إلى اتفاق بهذا الشأن حتى الآن.

وتمر مصر بـ"أزمة اقتصادية شديدة" من جراء نقص النقد الأجنبي، وتواجه تبعات جيوسياسية لنزاعين مفتوحين على حدودها وهي الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، والنزاع في السودان إلى الجنوب.

ويقول صندوق النقد الدولي إن أهم الإصلاحات الاقتصادية ضمن البرنامج، تشمل التحول إلى نظام سعر صرف مرن، وتشديد السياسة النقدية وسياسة المالية العامة، وإبطاء الإنفاق على البنية التحتية للحد من التضخم، والمحافظة على استدامة القدرة على تحمل الديون، مع تعزيز بيئة تمكن القطاع الخاص من ممارسة نشاطه.

ويضيف وفق بيان نشر على موقعه الإلكتروني "ستساعد هذه السياسات في المحافظة على الاستقرار الاقتصادي الكلي، واستعادة الثقة، كما ستمكن مصر من مواجهة التحديات التي اقترنت بالصدمات الخارجية في الآونة الأخيرة".

ويؤكد المسؤولون المصريون أنهم يمضون في الإصلاحات رغم قساوتها، وقال محافظ البنك المركزي المصري، حسن عبدالله، إن البنك اتخذ حزمة من الإجراءات المؤلمة للتعامل مع التضخم ونقص العملة الصعبة وبيئة الأعمال. وأوضح أن هذه الإجراءات كانت ضرورية لتلبية الاحتياجات الأساسية للأفراد ذوي الدخل المحدود.

وخلال جلسة بعنوان "إدارة الأزمات الاقتصادية الكلية: بعض الدروس من أفريقيا ومنطقة البحر الكاريبي"، أكد عبدالله أن الهيكل المالي العالمي لا يستجيب بشكل أمثل للأزمات المتكررة. مشيرا إلى أن العالم واجه أزمة حادة بعد وباء كوفيد، حيث ارتفعت معدلات التضخم بشكل كبير وتبعها توترات جيوسياسية أثرت على جميع الدول.

وأشار عبدالله إلى أن مصر تبذل جهودًا كبيرة لتحسين التوجه للفئات الأولى بالرعاية من خلال برنامج "تكافل وكرامة" وبرامج دعم أخرى تستهدف فئات وأسر محددة. مضيفا أن الأزمات التي واجهتها مصر تزامنت مع ضغوط سداد الدين وارتفاع معدلات الفائدة ونسب المخاطر، مما أدى إلى نقص التدفقات النقدية وارتفاع معدلات التضخم. وأضاف أن الاحتفاظ بالعملات الأجنبية ساهم في تعقيد المشكلة وزيادة نقص العملة الصعبة.

وللتعامل مع هذه الأزمة، اتجهت مصر لرفع معدلات الفائدة إلى 18 بالمئة لامتصاص السيولة، لكن دون تقدير معدلات التضخم بشكل كاف. وشدد عبدالله على أن تقدير التضخم والمصداقية هما العاملان الأهم لاستعادة الثقة في الأسواق.

ويؤكد صندوق النقد الدولي على ضرورة أن تقوم مصر بتحويل الدعم العيني للمحروقات والكهرباء إلى دعم نقدي من خلال برامج شبكة الحماية الاجتماعية، في ظل برنامج تكافل وكرامة وتوسيع نظام التأمين الصحي الشامل، إلى جانب التوسع في السجل الاجتماعي لتوجيه برامج الحماية الاجتماعية لمستحقيها على نحو أدق.