مظاهرات بيروت تتحول لاشتباكات بين محتجين ومسلحين من حزب الله وأمل

اتهامات ضد أنصار حركة أمل وحزب الله باللجوء إلى العنف لإفشال الاحتجاجات المناهضة للحكومة وتشويهها، بينما يطالب اللبنانيون بنزع أسلحة حزب الله واتخاذ إجراءات عمليّة في مجال مكافحة ‏الفساد ووقف الانهيار الاقتصادي.

بيروت - ساد هدوء حذر في العاصمة اللبنانية صباح اليوم الأحد بعد ليلة مشحونة واشتباكات مسلحة بين ميليشيات شيعية تابعة لحركة امل وحزب الله وبعض المحتجين من جهة ومتظاهرين وقوات الامن والجيش من جهة أخرى.

وشهدت بيروت مساء السبت اشتباكات مسلحة بين جماعة حركة أمل الشعية وبعض المتظاهرين الذين خرجوا خلال الاجتجاجات على حكومة حسان دياب التي يسيطر عليها حزب الله وذلك بعد أيام من مظاهرات طالب خلالها اللبنانيون بضرورة نزع سلاح الجماعة الشيعية المدعومة من إيران.

وتركزت الاشتباكات التي سمع خلالها ليل السبت صوت الأسلحة الرشاشة والمتوسطة في مناطق "الطريق الجديدة" و"بربور" لتمتد فيما بعد إلى مدينة "الرياضية" و"قصفص" و"شاتيلا".

وتأتي هذه الاشتباكات التي ذكرت اللبنانيين بفترة الحرب الأهلية (1975-1990) على إثر عودة مئات من المتظاهرين اللبنانيين إلى الشارع احتجاجاً على أداء السلطات العاجزة عن وضع حدّ للانهيار الاقتصادي المتسارع مطالبين أيضا بنزع أسلحة حزب الله المسيطر على الحكومة ومحاسبة المسؤولين الفاسدين.

واتهم نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي أنصار حركة أمل وحزب الله باللجوء إلى العنف لإفشال الاحتجاجات المناهضة للحكومة وتشويهها، بينما انتشر مقطع فيديو يظهر قيام مجموعة من الشبان وهم يهتفون عبارات مسيئة تتعرض للسيدة عائشة (زوجة النبي محمد) خلال المواجهات التي حصلت بين المحتجين في ساحة الشهداء ومجموعات التابعة لحركة أمل وحزب الله أثناء المظاهرات.

وكتب ناشط على تويتر "بعد فشل مهزلة التجمع ضد سلاح المقاومة في لبنان لجأ الفتنوين لتحريك الشارع من خلال مهزلة أخرى وهي تمثيلية سب أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها لإشعال نار الفتنة في لبنان ولتهيئة الأرضية للعدوان الصهيوني كفتنة عام 1982 لكن الشعب اللبناني وعلمائه ومقاومته أكبر من هذه المسرحية".

وخرج مئات اللبنانيين للاحتجاج بعدة مناطق غرب بيروت بعد ساعات من انطلاق احتجاجات أخرى حول مقر البرلمان وسط العاصمة أمس السبت.
وشهدت مناطق "الطريق الجديدة" و"وطى المصيطبة"، و"كورنيش المزرعة" فعاليات احتجاجية مع ظهور آليات عسكرية في الأخيرة، بجانب قطع طريق السعديات (الرئيسي) باتجاه العاصمة بالإطارات المشتعلة.
وأسفر اتساع رقعة الاحتجاجات التي كانت مشحونة ورافقتها أعمال شغب في وقت متأخر من ليل السبت عن إصابة 49 شخصا، فيما طالبت الحكومة بمزيد من الوعي.

وأفادت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية، بإصابة شخصين أحدهما في عينه والآخر إصابته طفيفة في منطقة "الطريق الجديدة"، دون تفاصيل عن الملابسات.
وأصيب العشرات خلال الاحتجاجات حول مقر البرلمان بعد مواجهات مع الأمن فيما شوهدت صور رئيس حزب الله حسن نصر الله وهي تحترق على أيدي متظاهرين.

وتوجّهت مجموعات داعمة لـحزب الله باتجاه المحتجين في ساحة الشهداء وسط بيروت، وهي تهتف بشعارات طائفية "شيعة، شيعة" و"لبيك يا حسين" و"مناصرة لسلاح الحزب"، وذلك على خلفية مطالبة المحتجين بنزع سلاح الحزب، وتحدث نشطاء عن خروج إساءات للسيدة عائشة وقتها.

وبعد ان توقفت الاحتجاجات لاحقا تفجرت على ما يبدو التوترات الطائفية مع سماع دوي إطلاق نار في بعض أحياء بيروت وحدوث مواجهة سادها التوتر في منطقة مسيحية-شيعية مرتبطة ببدء الحرب الأهلية مما دفع قوات الأمن للانتشار بأعداد كبيرة طبقا لما ذكرته وسائل الإعلام اللبنانية.

وقال شهود عيان إن مناصرو حركة أمل الشيعية خرجوا بأسلحتهم إلى الشوارع بعد ان قطع مناصرو تيار المستقبل طريق "كورنيش المزرعة" عند تقاطع "جامع عبدالناصر" و"بربور". وأظهرت مقاطع فيديو تم تداولها بشكل مكثف على مواقع التواصل الاجتماعي اشتباكات عنيفة على وقع أصوات الرصاص في وقت متأخر من ليل السبت.

وحذر الزعماء السياسيون والدينيون عبر الخطوط الطائفية من خطر حدوث عنف طائفي.

وقال رئيس الوزراء حسان دياب، في بيان، إن حكومته "تدين وتستنكر بأشد العبارات، كل هتاف أو شعار طائفي مذهبي، ولا سيما التعرض لأم المؤمنين السيدة عائشة".
وأهاب بـ"جميع اللبنانيين وقياداتهم السياسية والروحية التحلي بالوعي".

وتولى دياب منصبه في يناير بدعم من حزب الله المدعوم من إيران وحلفاء الجماعة بعد الإطاحة بالحكومة السابقة التي كان يترأسها سعد الحريري بسبب الاحتجاجات التي اندلعت في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ونشر سعد الحريري، رئيس تيار المستقبل، سلسلة تغريدات على صفحته عبر تويتر قال فيها "اتوجه إلى كافة المواطنين الذين هالهم التعرض لأم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، منبهاً الى التزام حدود الوعي والحكمة وعدم الانجرار لأي ردات فعل يمكن ان تهدد السلم الأهلي وتفسح في المجال أمام الجهلة لإشعال الفتنة بين أبناء الوطن الواحد".

بدورها، حذرت دار الفتوى، في بيان، من "شتم أم المؤمنين السيدة عائشة"، مؤكدة أنها صدرت من "جهلة موتورين".
ودون أن يتطرق إلى اتهامات طالت أنصاره، قال حزب الله في بيان إن "ما صدر من إساءات وهتافات من قبل بعض الأشخاص مرفوض ومستنكر".

وأضاف بيان حزب الله الذي تدعمه طهران "يذكر حزب الله بالموقف الشرعي والديني لسماحة الامام القائد السيد علي الخامنئي حفظه الله وفتواه المعروفة بحرمة التعرض لزوجات الرسول (ص) وأمهات المؤمنين وعامة مقدسات المسلمين".

وزاد البيان الذي استشهد بالخامنئي من الانتقادات للجماعة الشيعية التي يطالب اللبنايون بنزع سلاحها الذي تزودها به إيران.
ولم يعلن من جانب المحتجين أي بيان بشأن استمرار التظاهرات من عدمها، غير أن تلك الاحتجاجات كثيرا ما تخرج عفوية بالعاصمة ومناطق عدة بالبلاد.
ويشهد لبنان، منذ 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2019، احتجاجات شعبية ترفع مطالب اقتصادية وسياسية، أجبرت حكومة سعد الحريري، على الاستقالة في 29 من الشهر نفسه.
وفي 29 أبريل/ نيسان الماضي، صادقت حكومة حسان دياب الجديدة بالإجماع على خطة إنقاذ اقتصادي تستمر 5 سنوات، لانتشال الاقتصاد من مستويات تراجع حادة، أفضت إلى عجز عن دفع ديون خارجية.

ويعدّ التحرّك في وسط بيروت الأول، بعد تخفيف السلطات مطلع الأسبوع الحالي قيود الإغلاق العام التي فرضتها منذ منتصف مارس لمكافحة وباء كوفيد-19، وأدت الى تراجع وتيرة التحركات المناوئة للسلطة.