مظاهرات طلابية في إيران تدعو لتنحي خامنئي

علي شيرازي ممثل المرشد علي خامنئي في فيلق القدس التابع للحرس الثوري يصف الاحتجاجات بالتبعية لأميركا وإسرائيل ويهدد المتظاهرين.

طهران - خرج المتظاهرون الإيرانيون لليوم الثاني على التوالي إلى الشوارع اليوم الأحد مرددين هتافات مناهضة للسلطات في أعقاب إقرار الجيش بإسقاط طائرة الركاب الأوكرانية عن طريق الخطأ بعدما ظل لأيام ينفي مسؤوليته.

وكثّف المحتجون الإيرانيون والصحف الضغوط على النظام الإيراني، ما اضطر شرطة مكافحة الشغب تعزيز وجودها في طهران اليوم الأحد بعدما أقر الجيش بإسقاط طائرة ركاب أوكرانية بطريق الخطأ.

وشارك حشود من الطلاب في جامعات إيرانية منها جامعة بهشتي في العاصمة وجامعة دامغان شمال البلاد، في مظاهرات اليوم الأحد مرددين شعارات ضد النظام الحاكم.

ورفع الطلاب المحتجون من أمام جامعة بهشتي في طهران هتافات مناهضة للنظام ورددوا "يا قوات التعبئة ويا حرس ثوري أنتم داعش إيران".

وقال موقع "إيران إنترناشيونال" إن الحرس الثوري هدد المحتجين ردا على الموجة الجديدة من الاحتجاجات المناوئة للنظام، مشيرا إلى أن علي شيرازي، ممثل المرشد علي خامنئي في فيلق القدس التابع للحرس الثوري، هدد المحتجين وواصفا الاحتجاجات بالتبعية لأميركا وإسرائيل.

وأطلقت شرطة مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع على آلاف الإيرانيين الذين خرجوا إلى الشوارع في وقت متأخر من مساء أمس السبت في العاصمة ومدن أخرى، فيما ردد الكثيرون منهم شعار "الموت للديكتاتور" موجهين غضبهم إلى الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي.

ونشرت وكالات أنباء مرتبطة بالدولة تقارير عن الاحتجاجات بينما جرى تداول مقاطع مصورة للمظاهرات على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال سكان بطهران إن الشرطة عززت وجودها في العاصمة صباح اليوم الأحد.

وقالت صحيفة اعتماد الإيرانية المعتدلة في عنوان رئيسي اليوم الأحد "اعتذروا واستقيلوا"، مضيفة أن "مطلب الشعب" هو استقالة من هم وراء سوء إدارة أزمة الطائرة.

ولقي 176 شخصا كانوا على متن الطائرة حتفهم، ومن بينهم عدد كبير من الإيرانيين الذين يحملون جنسية مزدوجة.

وتفجرت الاحتجاجات في أعقاب الإقرار أمس السبت بأن الجيش أسقط الطائرة التابعة للخطوط الجوية الدولية الأوكرانية بطريق الخطأ بعد دقائق من إقلاعها يوم الأربعاء، أثناء حالة استنفار للقوات الإيرانية تحسبا لرد أميركي على ضربات طهران الانتقامية.

من جهته دعا المعارض الإيراني مهدي كروبي، وهو أحد زعماء الحركة الخضراء ويقبع تحت الإقامة الجبرية، خامنئي للتنحي، منتقدا سوء إدارته للبلاد، ومحملا إياه مسؤولية إسقاط الطائرة بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة.

وظل المسؤولون الإيرانيون لأيام ينفون بشدة مسؤولية البلاد عن إسقاط الطائرة، حتى بعدما قالت كندا، التي فقدت 57 من مواطنيها في التحطم، والولايات المتحدة إن معلومات مخابرات لديهما تشير إلى أن صاروخا إيرانيا، ربما أُطلق عن طريق الخطأ، هو ما أسقط الطائرة.

وقال الرئيس حسن روحاني إنه "خطأ كارثي" واعتذر. وذكر قائد كبير بالحرس الثوري أنه أبلغ السلطات بأن صاروخا أصاب الطائرة يوم تحطمها، مما زاد من حالة الغضب في البلاد من التأخر في الإقرار بالمسؤولية.

وكتبت صحيفة أخرى معتدلة هي "جمهوري إسلامي"، أو الجمهورية الإسلامية، في مقال افتتاحي "يتعين إقالة الذين أخروا نشر السبب وراء تحطم الطائرة وأضروا بثقة الناس في المؤسسة الحاكمة أو أن يستقيلوا".

وانتقاد السلطات في إيران ليس أمرا غير معتاد، لكنه يميل للبقاء ضمن حدود ضيقة.

كندا طالبت بالقصاص ومحاسبة النظام الإيراني
كندا طالبت بالقصاص ومحاسبة النظام الإيراني

وتزيد هجمات الصحف والاحتجاجات من التحديات الماثلة أمام المؤسسة الحاكمة التي واجهت في نوفمبر/تشرين الثاني أسوأ اضطرابات تشهدها البلاد وأكثرها دموية منذ الثورة الإسلامية في عام 1979.

ومع اتساع نطاق الاحتجاجات أمس في أنحاء إيران، بما في ذلك مدن كبرى مثل شيراز وأصفهان وهمدان وأروميه، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب على تويتر "نتابع احتجاجاتكم عن كثب وشجاعتكم مصدر إلهام".

وأضاف ترامب في تغريداته التي نشرها بالفارسية والإنكليزية "لا يمكن وقوع مذبحة أخرى للمحتجين السلميين ولا حجب الإنترنت. العالم يراقب".

وتأتي الاحتجاجات في إيران بعد تصاعد التوتر بينها وبين واشنطن التي انسحبت في عام 2018 من الاتفاق النووي الموقع بين طهران وست قوى عالمية ثم عاودت فرض عقوبات تصيب الاقتصاد الإيراني بالشلل.

وفي الثالث من يناير/كانون الثاني، قتلت ضربة أميركية بطائرة مسيرة قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني المسؤول عن بناء شبكة إيران المؤلفة من قوى إقليمية تحارب بالوكالة في العراق وخارجه. وردت طهران بضربات صاروخية على أهداف أميركية في العراق.

ولم تسفر الضربات عن مقتل أي جندي أميركي، لكن سُمح في الساعات التالية التي سادها التوتر بإقلاع طائرة أوكرانية من طراز بوينج 737 من مطار طهران فأسقطها صاروخ أطلقه مشغل ظن أن الطائرة مصدر هجوم.

وقال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو "إسقاط طائرة مدنية أمر مروع. يجب أن تتحمل إيران المسؤولية كاملة".

وأضاف أن روحاني تعهد بالتعاون مع المحققين الكنديين والعمل على وقف التوتر في المنطقة ومواصلة الحوار.

وفي تضافر مع المؤسسة الحاكمة، أشاد نواب إيرانيون بقادة الحرس الثوري لشجاعتهم في الإقرار بالخطأ، حسبما أفادت وكالة أنباء فارس التي تعتبر مقربة من الحرس الذي يمثل جيشا موازيا أنشئ للدفاع عن نظام الحكم الديني.

وأدى مقتل سليماني في الضربة الأمريكية إلى خروج حشود ضخمة من إلى الشوارع، وهو ما قال مسؤولون إنه يظهر الوحدة الوطنية. لكن سرعان ما طغت الاحتجاجات على ذلك، ومزق محتجون أمس صورا لسليماني.

وتفاقم الغضب الشعبي من السلطات الإيرانية مع تزايد التساؤلات بشأن تحطم الطائرة. فقد تساءل إيرانيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن سبب انشغال المسؤولين بدفع اتهامات الخارج بدل إبداء التعاطف مع عائلات الضحايا الحزينة. وتساءل آخرون عن سبب السماح للطائرة بالإقلاع في وقت يشهد توترا شديدا.

وهتف المحتجون الذين احتشدوا في شارع أمام جامعة في طهران "يكذبون ويقولون إن عدونا أميركا، عدونا هنا".