مقترح إعادة لقب "الباشا" يستفز المصريين

الكاتب الصحفي أسامة الغزالي حرب يدعو في مقال لإعادة إحياء الألقاب المدنية مقابل مساهمات مالية كبيرة يقدمها الأثرياء لصالح الدولة.

القاهرة - أثارت دعوة الكاتب الصحفي والمفكر أسامة الغزالي حرب إلى إعادة إحياء الألقاب المدنية في مصر وفي مقدمتها لقب "الباشا" مقابل مساهمات مالية كبيرة يقدمها الأثرياء لصالح الدولة، موجة واسعة من الانتقادات، حيث اعتبر البعض المقترح عودة للطبقية والعصور القديمة التي كانت تفرق بين الأغنياء والفقراء.

واقترح الغزالي حرب، في مقال نُشر في صحيفة "الاهرام"، عودة منظمة لهذه الألقاب من خلال إنشاء هيئة متخصصة تتولى الترشيحات وفق معايير صارمة لتُعرض فيما بعد على البرلمان للموافقة، مشيرا إلى أن هذه المبادرة يمكن أن تسهم في تحفيز أصحاب الثروات الكبيرة على المساهمة في الحياة العامة والتنمية، فيما قدم قائمة رمزية لأسماء يراها مؤهلة للحصول هذه التشريفات ضمت كل من نجيب باشا ساوبرس وطلعت مصطفى ومحمد أبوالعينين ومنير عبدالنور وغيرهم من رجال الأعمال المعروفين.

ورأى أن قرار إلغاء الألقاب منذ أكثر من 70 عامًا حرم المجتمع من وسيلة فعالة لتكريم الشخصيات العامة ذات الإنجازات الرفيعة في مجالات مختلفة مثل الثقافة والصناعة والزراعة، مستشهدًا بالنموذج البريطاني، حيث لا تزال الألقاب مثل "سير" و"فارس" تُمنح تقديرا لشخصيات بارزة.

وقوبل المقترح بانتقادات لاذعة، إذ انتقد كتاب وسياسيون الى جانب نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي دعوة أسامة الغزالي حرب، مؤكّدين أنه انتهاك للدستور المصري كما أنه يفتقد للمنطق ولا يواكب العصر، فيما ايده البعض الآخر على أنه ينطوي على عمق ومحاولة لمواجهة فوضى الألقاب.

وقال الكاتب سامح عسكر في تغريدة على حسابه الرسمي على منصة اكس "عايش في القرن 21 ولكن بعقلية القرن 19"، مضيفا "يبدو أن بعض النخبة السياسية المصرية من كثر انغلاقها وعجزها وشعورها بالملل صارت تبحث عن (الفرقعة) وآهو أي صوت والسلام يشعرنا بالقيمة".

واعتبر أحد النشطاء على منصة اكس باسم داوود البصري أن "المطالبات بالعودة إلى لبس الطربوش وبإعادة احياء القاب مثل باشا وبيك وافندي هو إفلاس حقيقي لمجتمع دمره هيمنة الجيش على مقدراته منذ انقلاب البكباشيه عام 1952 الذي هشم مصر تلك القوة العربية العظمى وجعلها مفلسة ومديونه ومريضة تستعين بالقروض الدولية لمواصلة الحياة"، مضيفا "من الأفضل عودة الملكية لمصر التي كانت تحكم السودان ايضا!!… رحم الله الملك فاروق الاول ملك مصر والسودان ووادي النيل".

وغردت ناشطة باسم زهرة الجلاديوس قائلة "الألقاب موجودة لوحدها موش محتاجة فرمان"

 

ورأى مغرد آخر باسم عابد آل جياش أن "الفراغ وانعدام المشروع والرؤية يجعل الإنسان سواء كان عالم أو مثقف وخصوصا علماء الدين يجعلهم يهتمون لأشياء ليس خارج الواقع".

 

وتعامل مؤيدو الاقتراح مع الانتقادات على أنها هجوم لا أخلاقي، حيث علق الناشط  كمال زاخرعلى صفحته "ماهكذا يكون الاختلاف"، متابعا "مشكلتى ليست فى الرفض أو القبول، الأزمة فى الهجوم اللا أخلاقى والمحتشد بالتجريح الفج وسيل الاتهامات وخلط الأمور بشكل غير مفهوم."

وأضاف "لا اقل من ان نقول لأصحاب هذا الشكل من الهجوم "عيب" يمكنكم تفنيد الدعوة بشكل موضوعى، ولعلكم تنزلون الشارع لتتيقنوا من فوضى الألقاب المنتشرة حتى الى الأزقة والحوارى، وسيارات السرفيس والمكاتب الحكومية وأقسام الشرطة.وحتى فى اللقاءات الرسمية العليا تتداول القاب وفخامة الرئيس ودولة رئيس الوزراء ومعالى الوزير"، مشيرا الى أن  "الدعوة هى محاولة لمواجهة فوضى الألقاب والتى اختلط فيها الحابل بالنابل".

ولقرابة نصف قرن منح لقب الباشا في مصر لكبار رجال الدولة والاعيان والموظفين البارزين كنوع من التكريم والامتياز، إذ لم يكن هذا اللقب مجرد صفة بل كان عنوانا للهيبة والمكانة الاجتماعية والسياسية.

وكانت المناسبات الملكية مثل أعياد الميلاد أو الجلوس على العرش توقيتًا مناسبًا لتقديم طلبات الترقية ومنح الألقاب، لكن هذا النظام أُلغي رسميًا بعد ثورة 23 يوليو/تموز من العام 1952، ضمن جهود الدولة للقضاء على الطبقية وتحقيق العدالة الاجتماعية. ومنذ ذلك الحين، استُعيض عن هذه الألقاب بلقب "المحترم" في المخاطبات الرسمية، وأدرج حظر الألقاب ضمن مواد الدستور بداية من عام 1956 وحتى دستور 2014، الذي أكد في مادته 26 على منع إنشاء أو إحياء أي رتب مدنية.