مقترح منطقة أمنية في المنطقة الآمنة بسوريا يكتسب زخما أكبر

وزير الدفاع الألمانية تتمسك بإقامة منطقة أمنية في شمال سوريا لمنع أي عدوان تركي جديد على الأكراد في فكرة رحبت بها واشنطن ولم ترفضها أنقرة بينما طالب أمين حلف الناتو بمشاركة أممية.

برلين ترفض استحواذ أنقرة وموسكو بتسيير دوريات على الحدود السورية التركية
ألمانيا تسعى لاحتواء الانقسام في الناتو بعد الانسحاب الأميركي من سوريا
اشتباكات بين الأكراد وميليشات أنقرة تخترق الهدوء في الحسكة
أكراد سوريا يرحبون بمقترح ألمانيا اقامة منطقة أمنية في المنطقة الآمنة

بروكسل - طرحت وزيرة الدفاع الألمانية على حلف شمال الأطلسي اقتراحا لإقامة منطقة أمنية في شمال سوريا اليوم الخميس وهي خطة حظيت بدعم تركيا والولايات المتحدة، لكن الأمين العام للحلف أشار إلى أنها قد تتطلب مشاركة الأمم المتحدة.

وقال دبلوماسيون إن الوزيرة أنيجريت كرامب كارينباور أبلغت حلفاء بلادها بأن إقامة منطقة تتم السيطرة عليها دوليا يتطلب أيضا مشاركة روسيا، القوة المهيمنة حاليا في سوريا، حتى يتسنى بذلك حماية المدنيين النازحين وضمان استمرار قتال تنظيم الدولة الإسلامية.

لكنها أصرت في اجتماع لوزراء دفاع دول حلف شمال الأطلسي في بروكسل على أن مهمة تنفيذ دوريات على الحدود التركية السورية لا يمكن أن تترك لموسكو وأنقرة فحسب وقالت للصحفيين "الوضع الحالي غير مرض".

ويرى دبلوماسيون أن طرح الفكرة وهي المرة الأولى التي تقترح فيها برلين مهمة عسكرية في الشرق الأوسط، أدى إلى عودة التماسك للحلف بعد أن تعرض لهزة عنيفة إثر قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب سحب القوات من سوريا مما أفسح المجال لبدء تركيا للعملية العسكرية على شمال شرق سوريا في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول.

وأثارت العملية العسكرية التركية عبر الحدود قلق أوروبا مع استهدافها للقوات الكردية التي قاتلت تنظيم الدولة الإسلامية مع واشنطن. وعلقت عدة حكومات دول في الاتحاد الأوروبي مبيعات الأسلحة لتركيا احتجاجا على العملية العسكرية.

روسيا بدأت الخميس تسيير دوريات مشتركة مع تركيا في شمال شرق سوريا
روسيا بدأت الخميس تسيير دوريات مشتركة مع تركيا في شمال شرق سوريا

وقال وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر في بروكسل اليوم الخميس إن التوغل التركي "لم يكن مبررا".

وبموجب اتفاق تم التوصل إليه يوم الثلاثاء بين روسيا وتركيا في منتجع سوتشي الروسي على البحر الأسود وافقت أنقرة على الحد من عملياتها العسكرية في شمال سوريا، لكن حلفاء تركيا الأوروبيين لا يزالون قلقين من خطط أنقرة لطرد مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية السورية مع أسلحتهم بعيدا عن الحدود.

ودعم حلفاء أوروبيون لفترة طويلة جهود منح الأكراد حقوقا ثقافية أكبر وحكما ذاتيا أوسع نطاقا في الأماكن التي يشكلون فيها أغلبية السكان.

وقالت كرامب كارينباور إنها تلقت تطمينات من أنقرة على أن العمليات العسكرية التركية لن تسفر عن إعادة توطين جماعية للسكان أو تطهير عرقي.

وأضافت للصحفيين "اتفاق سوتشي لم يجلب السلام ولا يوفر أساسا لحل سياسي على المدى الطويل. نبحث عن حلّ يشمل المجتمع الدولي".

وانسحبت القوات الكردية من عدة مواقع في شمال شرق سوريا حدودية مع تركيا، تطبيقا لاتفاق أبرمته موسكو وأنقرة مكنهما من فرض سيطرتهما مع دمشق على مناطق كانت تابعة للإدارة الذاتية الكردية.

وبدأت القوات الروسية منذ الأربعاء بموجب الاتفاق مع أنقرة تسيير دورياتها في المناطق الشمالية قرب الحدود مع تركيا لملء فراغ خلفه الانسحاب الأميركي من المنطقة التي باتت عمليا تحت سيطرة النظام السوري المدعوم من موسكو.

ويقضي الاتفاق الذي توصلت إليه روسيا وتركيا بانسحاب القوات الكردية من منطقة حدودية مع تركيا بعمق 30 كيلومترا وطول 440 كيلومترا.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن الخميس "انسحبت قوات سوريا الديمقراطية من ست نقاط بين الدرباسية وعامودا في ريف الحسكة عند الشريط الحدودي مع تركيا". ولا تزال القوات الكردية تحتفظ بمواقع جنوب الدرباسية، وفق المرصد.

المنطقة العازلة في شمال شرق سوريا
المنطقة العازلة في شمال شرق سوريا

وسيّرت روسيا الخميس دورية في منطقة عامودا ضمّت مدرعتين رفعتا العلم الروسي بعد وصولهما إلى مطار مدينة القامشلي. ورافق الدورية مقاتلون من قوات الأمن الكردية (أساييش).

وقالت وزارة الدفاع الروسية إن الدورية اجتازت ستين كيلومترا بين القامشلي وعامودا. ويتعيّن على الشرطة العسكرية الروسية وحرس الحدود السوري بموجب الاتفاق الذي تم توقيعه في سوتشي في روسيا "تسهيل انسحاب" قوات سوريا الديمقراطية التي تعد الوحدات الكردية عمودها الفقري، مع أسلحتها من المنطقة الحدودية، خلال مهلة 150 ساعة، تنتهي الثلاثاء.

وكانت قوات سوريا الديمقراطية انسحبت في وقت سابق هذا الأسبوع من منطقة حدودية ذات غالبية عربية تمتد بطول 120 كيلومترا من رأس العين حتى تل أبيض، على وقع تقدم أحرزته القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها في إطار هجوم بدأته في التاسع من الشهر الحالي.

وأفاد المرصد أيضا بوقوع اشتباكات بين قوات سوريا الديمقراطية وفصائل سورية موالية لأنقرة قرب بلدة تل تمر في الحسكة (شمال شرق) وفي ريف تل أبيض في محافظة الرقة شمالا.

واتهم قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي في تغريدة تركيا بـ"خرق" اتفاق وقف إطلاق النار وشنّ هجمات شرق رأس العين. ودعا "الجهات الضامنة لوقف إطلاق النار إلى القيام بمسؤولياتهم في لجم الأتراك ووقف عملياتهم".

وخلال تصريحات للصحافيين في الحسكة، أبدى عبدي الخميس دعم قواته لاقتراح ألماني يقضي بنشر قوات دولية لإقامة "منطقة آمنة" في شمال شرق سوريا.

القوات الكردية تبدي دعمها لاقتراح ألماني يقضي بنشر قوات دولية لإقامة منطقة آمنة في شمال شرق سوريا

وقال "هناك مشروع بين فرنسا وألمانيا وبريطانيا حول مبادرة جديدة تحدّ من التعديات وهجوم الدولة التركية ويهدف لتموضع قوات دولية في المنطقة الآمنة"، موضحا أنه "لم يتبلور بشكل كامل ويحتاج إلى دعم أميركي وروسي".

وانسحبت القوات الأميركية في وقت سابق هذا الشهر من المناطق الحدودية في خطوة اعتبرت أنها بمثابة تخل عن الأكراد.

وراهن الأكراد على أن يكون لتضحياتهم في قتال تنظيم الدولة الإسلامية بدعم من التحالف الدولي بقيادة أميركية، لكن عوض دعم مشروعهم السياسي، بدأت الولايات المتحدة بالانسحاب من سوريا، واضعة بذلك حدا لطموحات الأقلية الكردية في سوريا بالحكم الذاتي.

وفي كلمة في البيت الأبيض اعتبرت إعلانا رسميا عن تخلي بلاده عن المنطقة التي كان لواشنطن تواجد عسكري فيها مع المقاتلين الأكراد لصالح تركيا وروسيا، قال ترامب "لندع الآخرين يقاتلون" من أجل البلد "الملطخ بالدماء".

ويشير ترامب على الأرجح إلى روسيا، حليفة النظام السوري التي كرّست باتفاقها مع تركيا، وفق محللين، صاحبة اليد الطولى في سوريا.

ويقول الباحث والأستاذ الجامعي فابريس بالانش "يستعيد الأسد ثلث مساحة البلاد من دون أن يطلق رصاصة".

وستحتفظ الولايات المتحدة، وفق ما قال ترامب، بقوات لها في شرق سوريا حيث بدأت قوات النظام الانتشار بدعوة كردية مؤخرا من دون أن تستلم زمام الأمور ميدانيا بشكل كامل.

وقال ترامب "ضمنّا أمن النفط وبالتالي، سيبقى عدد محدود من الجنود الأميركيين في المنطقة حيث النفط".

وتشكل استعادة شمال وشرق سوريا أولوية بالنسبة إلى دمشق، كون المنطقة غنية بحقول النفط الغزيرة والسهول الزراعية.

ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) الخميس أن أرتالا جديدة من الجيش السوري دخلت ريفي الرقة (شمال) والحسكة (شمال شرق) لتعزيز انتشاره في شمال شرق البلاد.