ملتقى المنصف ونـاس الثاني يفتح 'المدرسة التاريخية التونسية'

المكتبة المغاربيّة تنظم ندوة مهمة لبسط أسئلة متصلة بـ'المدرسة التاريخية التونسية ودورها في كتابة التاريخ'.

تنظّم المكتبة المغاربيّة وجمعيّـة أحبّاء المكتبة والكتاب ببن عروس بالتعاون مع مركز الدراسات والبحوث الاجتماعيّة والاقتصادية بتونس وتحت إشراف المندوبيّة الجهويّة للشؤون الثقافيّة ببن عروس "الدورة الثالثة لملتقى المنصف ونّــاس للعلوم الاجتماعية والإنسانيّة" تحت عنوان "المدرسة التاريخيّة التونسيّة ودورها في كتابة التاريخ"، وذلك في إطار إحياء الذكرى الرابعة لوفاة الدكتور المنصف ونّـاس.

وتنوعت فقرات برنامج الملتقى الذي جاء في ورقته المنهجية ما يلي: ".. التاريخ وإن ظل حكاية وسردا، إلا أن هذا السرد لا يمكن أن يستغني عن أفق تصوري يؤسسه ويحدده، وإن كان أفقا ضمنيا غير واع بذاته في أحيان كثيرة، فالتاريخ هو وصف الفرد من خلال الكليات، وهذه الكليات هي مجموعة من المفاهيم الإجرائية ذات الطابع الإشكالي، حيث تسمح بفهم الوقائع، ومنه فهم الركائز المنهجية والنظرية التي تؤسس لمدرسة تاريخية جديدة لها خطابها التاريخي الراهن تكمن فيما يلي: أولا: إن التحول الأساسي في الكتابة التاريخية يكمن في إرساء تصور جديد للحدث التاريخي الذي لم يعد ينظر إليه كواقع تجريبي معطى يطمح المؤرخ إلى استرجاعه في تفصيلاته وحيويته الأصلية، فإبستيمولوجا التاريخ الجديد تؤكد أن الواقع التاريخي واقع يتم بناؤه تصوريا من خلال الممارسة النظرية. ثانيا: إن النقد الحاسم الذي وجه لمفهوم الحدث التاريخي ووحدته وشفافيته قد قوض النظرية التقليدية المبسطة للكتابة التاريخية التي لم تعد تسجيلا مباشرا وأمينا لأحداث الماضي. ثالثا: لقد تمت إعادة النظر في منزلة الحقيقة في التاريخ، إذ لم تعد تتماهى مع الإرادة المطلقة التي تحرك مسار التاريخ ولا هي غاية المسار، كما أن الخطاب التاريخي لا يدعي استعادة الحقيقة الأصلية للأحداث كما وقعت في الماضي، بل إنها نتاج بناء الواقعية كما يتحدد في الممارسة المنهجية. رابعا: إن التحول شمل أيضا مادة التاريخ ألا وهي الوثيقة؛ حيث اتسع مفهومها ولم تعد تقتصر على ما هو مكتوب فقط، وتخضع لعملية النقد بشقيه الظاهري والباطني، بل إنها أضحت تخضع لأسئلة المؤرخ الافتراضية وإلى ثقافته الفكرية. انطلاقا من هذه الأطروحات الجديدة للخطاب التاريخي الغربي الذي يؤسس لمدارس تاريخية جديدة في مفاهيمها ومناهجها وأهدافها، تجاوزت الأطروحات الكلاسيكية لقراءة وفهم وكتابة التاريخ، هل امتدت أفكارها إلى الفكر التاريخي العربي بصفة عامة، والمغاربي والتونسي بصفة خاصة؟ هل كان لهذا الحراك الفكري في الخطاب التاريخي المعاصر دور في إعادة النظر في ركائز ومبادئ المدرسة التاريخية المغاربية والتونسية؟ أم لا تزال تسيطر عليها مبادئ المدرسة الكولونيالية (المدرسة الاستشراقية) بمناهجها وأهدافها التقليدية؟ هل هناك محاولات للتأسيس لمدارس تاريخية مغاربية وتونسية خاصة تساير هذه التحولات الكبرى في كتابة التاريخ؟ هذه الأسئلة وغيرها سيحاول ملتقى المنصف وناس للعلوم الإنسانية الاجتماعية في دورته الثالثة، تحت عنوان: المدرسة التاريخية التونسية والتحولات الكبرى ودورها في كتابة التاريخ وتأسيس المدرسة التاريخية، والبحث عن إجابات لها من خلال أنموذج المدرسة التاريخية التونسية..".

في البرنامج مداخلات علمية، ويكون الافتتاح بتدشين معرض الدورة السابقة وهي الأولى ثم تقدم كلمات الأستاذة فتحية شعبــــــان، مديرة المكتبة المغاربية بن عروس، والأستاذ مهذب القرفي المندوب الجهوي للشؤون الثقافية ببن عروس والأستاذ عبدالوهاب بن حفيظ رئيس منتدى العلوم الاجتماعية التطبيقية، وأستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة تونس، والأستاذ يوسف بن عثمان مدير العام مركز الدراسات والبحوث الاقتصادية والاجتماعية تونس، مع  تكريم الأستاذ عبدالكريـم الماجري.

وتتواصل خلال اليوم الثاني بقية أعمال هذا الملتقى المميز المحتفي بعلم في مدرسة علم الاجتماع التونسية، ومن المحاضرين نذكر الأستاذ علي ايت موهوب؛ جامعة منوبة، التاريخ العسكري المعاصر في تونس: كتابة تاريخيةّ مستجدّة، تاريخ الحرب العالمية الأولى نموذجا، والأستاذ محمد ضيف الله جامعة تونس، المجلة التاريخية المغاربية، والاستاذ إبراهيم العمري؛ مركز الدراسات والبحوث الاقتصادية والاجتماعية، "تونس: أثر المدارس التاريخية الغربية على الكتابات التاريخية التونسية. 1974-2024" في سياق البحث التاريخي التونسي والمغاربي.

مداخلات وحوار مفتوح على امتداد يومين الأربعاء والخميس 27 و28 من شهر نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وهذا الملتقى يعد حلقة مهمة من مختلف حلقات النشاط والفعاليات واللقاءات بالمكتبة المغاربية ببن عروس.