ملف الإخوان يثقل على جهود المصالحة القطرية المصرية

وزير الخارجية المصري يتحدث عن رسائل ايجابية من قطر تجاه بلاده لجهة استعادة العلاقات بعد المصالحة الخليجية، في تطور لا يمكن النظر إليه بمعزل عن ملف جماعة الإخوان وقادتها الفارين في الدوحة.  
القمة الخليجية أرست أسس المصالحة ولم تتطرق للملفات الخلافية
أي مصير ينتظر قادة الإخوان في قطر وتركيا بعد المصالحة الخليجية
ترحيل ملفات خلافية إلى لجان خاصة لا يعني ضرورة القفز على ارتباط قطر بالإخوان
القرضاوي أفتى بالعمليات الانتحارية شرط أن يتلقى المنفذ الأمر من الجماعة!

القاهرة - قالت مصر اليوم الأحد إنها تلقت رسائل ايجابية من قطر لجهة استعادة زخم العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين بعد سنوات من القطيعة، بحسب ما نقلت وسائل إعلام محلية اليوم الأحد عن وزير الخارجية المصري سامح شكري.

لكن الوصول إلى مرحلة إعادة تطبيع العلاقات الكاملة يبدو مثقلا بملف شديد الحساسية بالنسبة للقاهرة التي تعمل على محاصرة أنشطة جماعة الإخوان المسلمين المصنفة تنظيما إرهابيا في مصر ودول خليجية ويقيم عدد من قادتها الفارين من أحكام قضائية في الدوحة وأنقرة.

ولم يتطرق الوزير المصري في جلسة للجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) لملف الإخوان، لكن طرحه في مرحلة ما من مسار إعادة تصحيح العلاقات بين البلدين، أمر قد يكون حتميا وقد سبق أن طرحته القاهرة ضمن الرباعي العربي.

كما لم يتم التطرق لهذا الملف خلال اجتماع قادة مجلس التعاون الخليجي في قمته الأخيرة في دورتها الـ41 بمدينة العلا في السعودية وهي القمة التي أرست أسسا لمصالحة بين الرباعي وقطر في ختام جلسة ودية عكسها مضمون البيان الختامي الذي شدّد على تعزيز التضامن والوحدة الخليجية، بينما رُحّلت ملفات خلافية كثيرة إلى لجان مختصة ستدرس كل ملف على حده.

كما عقدت وفود من مصر والإمارات وقطر لقاءات ثنائية هي الأولى منذ القمة الخليجية في دولة الكويت التي قادت جهود المصالحة، فيما ينتظر أن تعقد قطر والبحرين لقاء ثنائيا كانت قد دعت إليه المنامة ولم تتلق بعد ردا واضحا من الدوحة.

وبدا في الفترة الأخيرة أن الأجواء بين البلدين الخليجيين لاتزال متوترة رغم المصالحة حيث اشتكت البحرين من 'انتهاكات' قطرية وممارسات غير مقبولة بحق صياديها.

وقال وزير الخارجية المصري إن "هناك رسالة إيجابية من الأشقاء في قطر بأنهم يرغبون وعازمون على استعادة زخم العلاقة في كافة النواحي السياسية والاقتصادية... هناك سعي لتنفيذ ما جاء في قمة العلا بعد سنوات القطيعة بين الرباعي العربي وقطر".

وتعليقا على أسئلة نواب حول التزام الدوحة باتفاق المصالحة، أجاب شكري "نتوقع من قطر تنفيذ التزاماتها"، مضيفا "العلاقات مع الأشقاء العرب تنتهج سياسة الشراكة ونتطلع لتفعيل الالتزامات القائمة".

ما يجمع بين مصر وقطر أكثر مما يفرقهما
ما يجمع بين مصر وقطر أكثر مما يفرقهما

وأوضح أن "لجنة متابعة الاتفاق تراجع العناصر والالتزامات في هذا الشأن ومن المبكر الحكم بشكل نهائي على نتائج القمة، لأنها قيد المراجعة والمداولة والتقييم. إذا لم يوجد التزام، فسندخل صفحة أخرى"، من دون أن يقدم المزيد من التفاصيل.

والأسبوع الماضي زار وفد قطري القاهرة، بهدف "تسريع استئناف العلاقات"، بحسب صحيفة الأهرام المصرية المملوكة للدولة.

وفي 23 فبراير/شباط الماضي، أجرى وفدان رسميان من قطر ومصر مباحثات في الكويت حول آليات تنفيذ "بيان العلا" الخاص بالمصالحة.

وكانت كل من السعودية والإمارات ومصر والبحرين قطعت علاقاتها مع قطر في يونيو/حزيران 2017، متهمة الدوحة بدعم وتمويل الإرهاب وبالتقارب مع إيران التي تقوم بأنشطة مزعزعة للاستقرار في المنطقة، وهي اتهامات رفضتها قطر واعتبرتها محاولة للمساس بسيادتها.

وفي 5 يناير/كانون الثاني الماضي، صدر بيان عن القمة الخليجية الـ41 بمدينة العلا السعودية، معلنا نهاية أزمة حادة، فيما تستمر الجهود في شكل ثنائيات لتسوية الخلافات العالقة أو لحصر التباينات تمهيدا لإعادة بناء الثقة وإعطاء دفعة أقوى للمصالحة.

وأصبح ملف الإخوان مؤرقا بالنسبة للقيادة القطرية التي استمرت على نهج السياسات الخارجية التي اتبعها الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ووزير خارجيته رئيس الوزراء السابق حمد بن جاسم آل ثاني.

وتستضيف الدوحة الكثير من قادة الإخوان وزعيمهم "الروحي" الشيخ يوسف القرضاوي وهو بحدّ ذاته مشكلة لم يتضح بعد كيف ستحلها الدوحة.

وكان القرضاوي الصادر بحقه حكم غيابي بالإعدام في مصر في 2015، قد أفتى علنا في إحدى البرامج التي تبثها الجزيرة القطرية، بأنه يجوز للفرد تنفيذ هجوم انتحاري بشرط أن يكون ذلك بأمر من الجماعة وجاء ذلك في معرض تعليقه على الهجمات الإرهابية الانتحارية في سوريا. كما أكد أن "ثورات الربيع العربي" خرجت من تحت عباءته.

وتسعى تركيا التي قاد نظامها حملة شرسة ضد مصر وحرض على العنف والفوضى وقلب نظام الحكم، أيضا لمصالحة مع مصر في الوقت الذي توفر فيه ملاذ آمنا لقيادات اخوانية فارة من أحكام قضائية.

لكن الوضع قد يختلف من تركيا إلى قطر، فأنقرة ربما تسلم قيادات اخوانية للقاهرة بدفع من أزمتها الاقتصادية والإقليمية وسعيا لتجنب عزلة شديدة على خلفية الجبهات التي بدأت تتشكل في شرق المتوسط لمواجهة سلوكها العدواني.