ممول قطري للقاعدة يستفيد من غطاء الدوحة

تحقيق لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية يسلط الضوء على رجل القاعدة القطري خليفة السبيعي الذي استفاد تحت غطاء الدوحة من ثغرات في تطبيق العقوبات الأممية لمواصلة نشاط تمويل الإرهاب والتواصل مع عملاء إيرانيين.

خليفة السبيعي مشمول بالعقوبات الأممية يواصل نشاطه الإرهابي
تقرير وول ستريت جورنال يؤكد وجاهة قرار مقاطعة قطر
السبيعي سحب 10 آلاف دولار شهريا تحت مسمى تغطية تكاليف معيشية
قطر احتجزت السبيعي لـ6 أشهر فقط ورفضت استجوابه في الخارج

واشنطن - كشفت صحيفة 'وول ستريت جورنال' الأميركية عن ثغرات في تطبيق العقوبات التي فرضها مجلس الأمن الدولي على أفراد وكيانات متهمة أو يشتبه في تمويلها لتنظيمات إرهابية مثل القاعدة والدولة الإسلامية.

وبرز من ضمن الأسماء المشمولة بالعقوبات والمدرجة على القائمة السوداء القطري خليفة السبيعي الممول الرئيسي لتنظيم القاعدة ممن استفادوا من حساباتهم المصرفية على الرغم من قرارات دولية بتجميد أصوله، فيما تسلط هذه الثغرات الضوء على انتهاك قطر للعقوبات الأممية وتساهلها مع عمليات تمويل أنشطة إرهابية.

والسبيعي مدرج منذ العام 2008 على  قائمة الأمم المتحدة السوداء للإرهاب عام 2008، لكن الأمم المتحدة سمحت له منذ ذلك الحين بأخذ ما يصل إلى عشرة آلاف دولار شهريا من الحسابات المجمدة لأغراض "الضروريات الأساسية" للحياة، وفق ما جاء في وثائق نشرتها الصحيفة الأميركية.

وأدين السبيعي في محاكمة غيابية عام 2008 في البحرين بتهمة تمويل الإرهاب وتسهيله وألقي عليه القبض في قطر وسُجن لمدة 6 أشهر ثم أطلق سراحه ليستأنف نشاطه في التواصل مع عملاء القاعدة وتدبير الأموال لدعم التنظيم المتطرف.

كما تشير المعلومات إلى أنه عاود تنشيط شبكة التواصل السرية مع عملاء في إيران في 2009 و2011 وطوال عام 2012 لتحويل مبالغ مالية لكبار قادة تنظيم القاعدة في باكستان حتى عام 2013.

وتقول واشنطن إن السبيعي ممول قطري لتنظيمات إرهابية وقدم منذ فترة طويلة دعما ماليا لقادة تنظيم القاعدة البارزين من ضمنهم خالد شيخ محمد العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 على برجي مركز التجارة الدولية بمنهاتن ومقر وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون).

قطر احتجزت السبيعي لـ6 اشهر فقط
واشنطن: السبيعي ممول قطري لتنظيمات إرهابية وقدم دعم ماليا لقادة القاعدة ومنهم العقل المدبر لهجمات سبتمبر 2001

وتُظهر سجلات الأمم المتحدة أن مجلس الأمن سمح للأفراد المدرجين في القائمة السوداء بالوصول إلى حساباتهم على 71 طلبا من أصل 72 بين عامي 2008 و 2018.

واستعرضت 'وول ستريت جورنال' عددا من الوثائق تكشف استفادة المدرجين على قائمة الإرهاب الأميركية من حساباتهم المصرفية على الرغم من تجميد أصولهم.

وتؤكد مضامين الوثائق وجاهة قرار مقاطعة الدوحة الذي اتخذته السعودية والإمارات والبحرين ومصر في يونيو/حزيران 2017 لتورطها في دعم وتمويل الإرهاب.

واتخذ قرار المقاطعة بعد أن استنفدت الدول الخليجية الثلاث كل الجهود الدبلوماسية لدفع الدوحة للتخلي عن سياسة دعم وتمويل الإرهاب. ونقضت قطر تعهدات كان قطعتها على نفسها ضمن اتفاق الرياض 2013 وملحقاته في 2014 بعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى والتوقف عن احتضان ودعم وتمويل قيادات وكيانات إرهابية.

وتشير مصادر مطلعة ووثائق وول ستريت جورنال إلى أن قطر تقدمت نيابة عن السبيعي بطلبات لتمكين مواطنها السبيعي من الوصول لحسابته.

ولا يمكن للأعضاء وأنصار الجماعات المتطرفة المصنفة إرهابيا، الوصول إلى أي شكل من أشكال التمويل، لكن السبيعي مثلا حصل على تمويلات في أكثر من مناسبة.

وفي حالة السبيعي وهو مسؤول سابق في البنك المركزي القطري، فقد تم تداول هذا الأمر علنا في الأمم المتحدة من خلال عدد من الإفصاحات لأنه واصل تمويل الأنشطة الإرهابية خلال عام 2013 على الأقل.

السبيعي كان على صلة وثيقة بالعقل المدبر لهجمات سبتمبر 2001 خالد الشيخ محمد
السبيعي كان على صلة وثيقة بالعقل المدبر لهجمات سبتمبر 2001 خالد الشيخ محمد

ولا يتم تحديد هوية الشخص المدرج على القائمة السوداء للإرهاب أو قيمة المبلغ الذي تم السماح بسحبه تحت مسمى تغطية التكاليف المعيشية.

وبحسب وثائق وول ستريت جورنال وتحليل قاعدة البيانات، برز الحساب البنكي الخاص بالسبيعي بين السجلات في قاعدة بيانات مسربة من أحد البنوك القطرية الرئيسية وهو بنك قطر الوطني الذي أقر بأن أنظمته تم خرقها بواسطة قراصنة مجهولين في عام 2016.

ويطرح وجود حساب بنكي نشط لأحد المشمولين بالعقوبات الأممية والمدرجة على القائمة السوداء (أي السبيعي) أكثر من نقطة استفهام أولا حول دور الدوحة الرسمي في المراقبة أو السحب لصالح الشخص المصنف إرهابيا وثانيا حول الثغرات القانونية في تطبيق العقوبات الأممية لكبح الأنشطة الإرهابية.

إلا أن مسؤولين قطريين قالوا إن السحب من رصيد السبيعي تمت الموافقة عليه من قبل الأمم المتحدة وأنه تم تجميد جميع حساباته المصرفية في عام 2008.

وقال هانز جاكوب شندلر كبير المديرين في مشروع مكافحة التطرف والمستشار السابق لمجلس الأمن الدولي "إن ضبط شخص بارز مثله في عملية لتمويل الإرهاب أمر يسير للغاية".

وأدان المسؤولون السابقون في وزارة الخزانة الأميركية الحكم المتساهل ضد السبيعي بالسجن لمدة ستة أشهر فقط. وقال محللون أمنيون أميركيون إنه حدث نكوص في تأكيدات قطر بمراقبة أنشطة السبيعي بعدما كشفت الأمم المتحدة عن استئنافه أنشطة تمويل الإرهاب.

وأتاحت الثغرات للأفراد المدرجين على القائمة الأممية للإرهاب ومن ضمنهم السبيعي، الحصول على تمويلات من حساباتهم تحت عنوان إعانتهم على دفع تكاليف المعيشة الأساسية، وهذا يتطلب أن تقدم بلدانهم الأصلية طلبات إعفاء من الأمم المتحدة تتيح لهؤلاء الأفراد سحب مبالغ صغيرة من أرصدتهم بناء على ميزانية مفصلة يتم إرفاقها بطلب الإعفاء لسداد تكاليف المعيشة من غذاء وإيجار وغيرها من الضروريات.

إلا أن هذه الطلبات لا تكشف في المقابل وبشكل دقيق عدد المرات التي وصل فيها المدرجة أسماؤهم على القائمة الأممية السوداء للإرهاب، إلى حساباتهم المصرفية.

السبيعي شكل شريانا ماليا حيويا للجماعات المتطرفة
السبيعي شكل شريانا ماليا حيويا للجماعات المتطرفة

وكان مجلس الأمن الدولي قد أدرج أكثر من 250 شخصا كأعضاء في تنظيم القاعدة أو داعش أو داعمين لهما، مما يشير إلى أنه ربما تم السماح للعديد منهم بالاطلاع على حساباتهم دون طلب إذن من مجلس الأمن.

ولا يُفترض أن يكون لأعضاء وأنصار الجماعات الإرهابية، المدرجة أسماؤهم في القائمة السوداء من قبل الأمم المتحدة، إمكانية الوصول إلى أي شكل من أشكال التمويل وذلك إلى حد كبير لضمان عدم قيامهم مجددا بالدعم أو التنظيم لهجمات أخرى جديدة.

ولكن بغرض إعانتهم على دفع تكاليف المعيشة الأساسية، يُفترض أن تقدم بلدانهم الأصلية طلبات إعفاء من الأمم المتحدة تتيح لهؤلاء الأفراد سحب مبالغ صغيرة من أرصدتهم بناء على ميزانية مفصلة يتم إرفاقها بطلب الإعفاء لسداد تكاليف المعيشة من غذاء وإيجار وغيرها من الضروريات.

ويقول بعض مسؤولي الأمم المتحدة إن الدول الأعضاء لا تقوم بمراقبة كافية للإرهابيين المدرجة أسماؤهم في القائمة السوداء والذين يعيشون داخل حدودها، وتفشل في ضمان عدم حصولهم على مصادر تمويل.

ويقرّ خبراء من الأمم المتحدة بأن إجراء الموافقة على الإعفاءات إلى الإحكام يفتقر بشكل كبير ويشوبه نقص ضوابط الرقابة.

وأشاروا إلى أنه تم بالفعل منح الموافقة على الإعفاءات لأي شخص يتقدم بطلب وتتم الموافقة أيضا على مبالغ مالية تعد أحيانا كبيرة بشكل غير مبرر.

ومن الثغرات أيضا أن الكثير من الطلبات لا تتضمن تفصيلا للاحتياجات على النحو المناسب كما هو مطلوب. كما لا توجد عمليات تدقيق لما يتم إنفاقه بالفعل في البنود المتضمنة في الطلبات لاحقا.

ومسار هذه العلمية يبدو سالكا بحيث أنه لا توجد قيود على الوصول للأموال المجمدة، فطلب الدولة التي يعيش بها المدرج في القائمة السوداء على غرار حالة الممول القطري للقاعدة لا يمكن رفضه إلا من خلال تصويت بالإجماع من جانب جميع أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر.

ويطالب مسؤولون أمميون في الوقت الحالي بتصحيح وتعديل إجراءات وقواعد الإعفاء، إلا مشاكل تتعلق بإجراءات الإعفاء ذاتها في برامج عقوبات أخرى للأمم المتحدة تشكل عائقا.

ويعد قرار الموافقة من جانب مجلس الأمن بشأن الوصول إلى الأموال المجمدة سريا، حيث لا يتم تحديد هوية الشخص المدرج في القائمة السوداء أو قيمة المبلغ الذي تم السماح بالحصول عليه.