مناظرة تلفزيونية تكشف أوراق سعيد والقروي للتونسيين

المرشح سعيد يؤكد على ضرورة تطبيق القانون دون تمييز وتخفيف مركزية السلطة في حين يركز منافسه القروي على مكافحة الفقر وعلى الليبرالية الاقتصادية.
سعيد يرفض التطبيع مع اسرائيل
القروي يطالب بضرورة تطوير منظومة الأمن الرقمي
نبيل القروي يدعو الى دعم الحوار الليبي الى جانب الجزائر
القروي يؤكد على دعم تونس للسلطة الفلسطينية في حال انتخابه رئيسا

تونس - شهدت المناظرة التلفزيونية غير المسبوقة بين المرشحين للانتخابات الرئاسية في تونس الخبير في القانون الدستوري قيس سعيّد ورجل الاعلام نبيل القروي، تبادل عبارات مجاملة مع أنها حازمة، ومناقشة قضايا أساسية بلا مراعاة.
وقال الصحافيان اللذان أدارا الحوار الذي بثته كل شبكات التلفزيون في تونس بين المرشحين المتعارضين إنها "مناظرة تاريخية".

إنها مناظرة تاريخية

وتختتم المناظرة التي تناولت قضايا الأمن والدبلوماسية وغيرها، حملة انتخابية في مهد "الربيع العربي" (2011) شهدت إطلاق سراح القروي الذي كان موقوفا منذ شهر، الأربعاء.
وحول القضايا الأمنية، قال سعيد أن الحل يكمن "في القانون المطبق على الجميع بلا تمييز" وتحسين التعليم. أما خصمه فقد اكد أن الأولوية هي مكافحة "البؤس والفقر واليأس" لأن "التطرف ينبع منها".
ويشدد رجل الأعمال نبيل القروي على الدبلوماسية الاقتصادية ووضع سفير لدى مجموعات التكنولوجيا الأميركية العملاقة (غافا) مؤكدا أنه يريد "جذب المستثمرين" و"مساعدة الشركات التونسية على التمركز في إفريقيا".
وطوال المناظرة كرر قطب الإعلام الذي بدا مرتاحا لكن مترددا في بعض الأحيان وتحدث باللهجة التونسية، القضايا الأساسية التي يركز عليها أي مكافحة الفقر والليبرالية الاقتصادية.
أما قيس سعيد الذي كان جديا لكن مرتاحا، فقد دافع عن تخفيف مركزية السلطة وانتقد النظام الحزبي، مؤكدا في الوقت نفسه أنه لن يفككك الدستور. وشدد على حق "وإرادة الشعب" في ولايات قابلة للإلغاء. 
وقال سعيد الذي يحرص على التحدث باللغة العربية الفصحى، إن "قضاء مستقلا أحسن من ألف دستور". 

المرشح الرئاسي قيس سعيد
'قضاء مستقل خير من الف دستور'

وشدد سعيد المرشح الذي لا ينتمي لأي حزب ولا يملك خبرة في الحكم، مجددا على أنه "مستقل وسأبقى مستقلا"، بما في ذلك عن حزب النهضة الإسلامي الذي اتهمه معارضون له بأنه قريب منه.
وقال "يتهمونني مرة بأنني سلفي وأحيانا بأنني يساري. المهم هو إرادة الشعب. الشباب هم الذين يدعمونني".
وقال سعيّد خلال المناظرة، إنّه سيحرص على تطبيق القانون على الجميع دون أي تمييز، متعهدًا بـ"العمل على استرجاع الدولة لدورها الاجتماعي، وأن يكون رئيسا للجميع وفوق كل الانتماءات الحزبية".
وضمن برنامجه للأمن القومي، قال سعيّد إنّه "اقترح منذ سنة 2014 إحداث مؤسسة عمومية اسمها (فداء) مختصة بشهداء وجرحى المؤسستين الأمنية والعسكرية لرعايتهم وعائلاتهم".
وأضاف سعيّد أنّ "هذه المؤسسة ستعتبر من استشهد من الأمنيين والعسكريين والمصابين العاجزين عن مواصلة العمل وكأنهم على قيد الحياة وتمتيعهم بجرايتهم(مستحقاتهم) والترقيات".
وأعلن سعيّد أنّه "سيعمل على تأسيس مجلس أعلى للتربية والتعليم، وسيتقدم بهذه المبادرة للبرلمان"، موضّحا أن "الأمن القومي لا يشمل فقط الجانبين الأمني والعسكري بل يشمل أيضا التربية والتعليم والصحة". 
وعلى مستوى السياسة الخارجية، أوضح سعيّد موقفه من التطبيع مع إسرائيل قائلا "نحن نتعامل مع اليهود ولن نتعامل مع إسرائيليين وأرفض دخولهم إلى تونس". 
واعتبر سعيّد أنّ "تونس في حالة حرب مع الكيان الغاصب (يقصد إسرائيل) الذي شرّد الشعب الفلسطيني".
وفي علاقة بالملف الليبي، قال سعيّد إنّه "من الضروري الاحتماء بالشرعية الدولية فيما يتعلق بالأزمة الليبية، والمساهمة في تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي".
ولفت سعيّد إلى أنّ "لتونس دور أساسي في المسألة شريطة أن يرفع الجميع أياديهم عن ليبيا".

في المقابل، أكد منافسه القروي "ضرورة تطوير منظومة الأمن الرقمي وإيلاء أهمية بالأمنيين ووضعيتهم الاجتماعية وتوفير التجهيزات اللازمة".
وتعهّد القروي (56 عاما) "بمضاعفة راتب الأمني والعسكري الشهيد بثلاث مرات لأنهم يضحون بأنفسهم من أجل الوطن".

المرشح الرئاسي نبيل القروي
القروي طالب بمضاعفة راتب الأمني والعسكري الشهيد بثلاث مرات

واعتبر القروي أنّ "أمن تونس مرتبط بأمن ليبيا"، مستدركًا "لكن بلادنا اليوم تشاهد الوضع في ليبيا عن بعد بسبب تدخل قوى كبرى لهذا يجب أن تتدخل هي والجزائر لحل الأزمة".
وتابع قائلا "نحن شعب واحد ويجب أن تتحلى تونس بالجرأة للتدخل مع بقية الدول على أن يكون الحل ليبي ليبي دون الخروج من تحت غطاء القوى العظمى".
وأضاف "لو أصبحت رئيسا سأتعامل مع كل الأطراف الليبية وأتحدث معهم بنفس الطريقة لإيجاد حل ينهي الأزمة الراهنة".
أما عن موقفه من التطبيع قال القروي إن "موقف تونس سيكون موحّدا مع السلطة الفلسطينية لدعم جهودها".
وأضاف "أنا مع قانون لتجريم التطبيع والتعامل مع الكيان الصهيوني". 
واثنى عديد المراقبين على المناظرة التي اعتبرت ترجمة للديمقراطية التونسية الناشئة وفي هذا الاطار قال الصحفي المنجي الخضراوي في تدوينة عبر صفحته الرسمية على الفايسبوك " أروع ما في المناظرة ... الاختلاف داخل وحدة الوطن ... واجمل ما في المنافسة هذا الدور الحقيقي في احتضان النقاش العام، وهو جوهر الإعلام العمومي".

وكانت المواجهات المباشرة نادرة لكن المناظرة لقيت تفاعلا أكبر بكثير من المناظرات السابقة التي شارك فيها المرشحون ال24 قبل الدورة الأولى التي جرت في منتصف أيلول/سبتمبر.
وفي عدد من مقاهي تونس، نقلت المناظرة مباشرة إلى مشاهدين شباب تابعوها باهتمام. وقال علي مهني الناشط في المجتمع المدني "إنه حلم يصبح حقيقة! أكاد أبكي".
وفي شارع مرسيليا طغت المناظرة على مباراة لكرة القدم. وقال طارق نفيتي (33 عاما) "إنها مناظرة حاسمة! نبيل القروي حر الآن وأريد أن استمع إليه". وأضاف "هناك شيء واحد أكيد هو أننا مللنا نت الوعود والنظام! قيس سعيد يمتاز بأنه خارج النظام!".
وقيس سعيد تقاعد منذ 2018 من مهنة تدريس القانون الدستوري ويقطن منزلا في حيّ تسكنه الطبقة الاجتماعية المتوسطة في تونس العاصمة. 
أما القروي فتثير شخصيته جدلا. فقد احترف الاعلام والتسويق ويظهر في شكل أنيق ويسكن مع عائلته في منطقة راقية وسط العاصمة. 
ودعي أكثر من سبعة ملايين ناخب للعودة لصناديق الاقتراع الاحد للمرة الثالثة على التوالي خلال أقل من شهر لانتخاب رئيس يواجه تحدي اخراج البلاد من أزماتها الاقتصادية.

التونسيون تابعوا باهتمام المناظرة التلفزيونية
التونسيون تابعوا باهتمام المناظرة التلفزيونية