من يهدينا نصرا؟

حروب غزة حروب دورية تغدي التشتت وتوفر للاحتلال فرصا دورية للإيغال بتدميرنا.
المغيّب الحقيقي في الصراع هو الشعب الفلسطيني الذي لم يعد بيده اي خيار
السلطة الفلسطينية لم تتخذ قرار المواجهة وليس لها سلطة على الفصائل المسلحة

العدوان الإسرائيلي على غزة ليس الأول ولا نعتقد انه سيكون الأخير، طالما ان مبرراته موجودة عند الطرفين. الفلسطيني، ممثلا هنا بالفصائل المسلحة الرافضة لكل اشكال السلام مع اسرائيل. والاسرائيلي الذي يرى ان هذه الفصائل تشكل خطرا على امن اسرائيل وتتصرف خارج السلطة الفلسطينية ولا تعترف بها، ولم تتلق تعليماتها العسكرية والسياسية منها.

المأزق يتفاقم وفلسطين منقسمة على نفسها، سياسيا وعقائديا، نتيجة لانقسام المرجعيات الخارجية المؤثرة في قرارات قادتها بغياب العرب. فلا فصائل المقاومة قادرة على حسم المعركة استراتيجيا بما يعيد الحق الفلسطيني ولا اسرائيل تستجيب لما تريده هذه الفصائل، لأنه يتجاوز حتى ما اعترفت به السلطة الفلسطينية نفسها والمتمثل بمبدأ حل الدولتين، الذي تراه الفصائل خيانة للقضية.

المغيّب هنا هو الشعب الفلسطيني الذي لم يعد بيده اي خيار، فقضيته تبنتها اطراف دولية عديدة ومتناشزة ايضا في اهدافها، ليس في فلسطين وحدها بل في المنطقة، اي ان الاجندة الاقليمية المتصارعة دخلت على القضية وافقدتها استقلالية قرارها وزجت بها في متاهات يبدو انها لم تعد قادرة على العودة منها. سلطة معترف بها دوليا في رام الله تقابلها سلطة محلية غير معترف بها في غزة، تسيطر عليها فصائل المقاومة الاسلامية، والنتيجة انقسام يفيد اسرائيل وتعمل هي بطريقة خبيثة على ادامته، لأنه يقدمها للعالم على انها ضحية لأعداء السلام.

لقد تأجلت الانتخابات الفلسطينية التي كان من المقرر اجراؤها مؤخرا، بذريعة ان اسرائيل لم تسمح لفلسطينيي القدس المحتلة بالمشاركة فيها، ثم قامت اسرائيل بفعلة شنيعة تمثلت بمحاولة طرد سكان محلة الشيخ جراح في القدس من بيوتهم بذريعة تطبيق قوانين وضعتها هي نفسها، لتكون هذه بداية الشرارة التي ادت الى المواجهة العسكرية الاخيرة.

في كل الاحوال، السلطة الفلسطينية لم تتخذ قرار المواجهة وليس لها سلطة على الفصائل المسلحة، والعملية العسكرية ستنتهي بالتأكيد وسنؤبن الشهداء وربما نكتب الشعر والمراثي، لكن الدمار يتفاقم امامنا لأننا فرطنا بأهم شيء يوصلنا الى نصر حقيقي ممكن، نصر يتمثل بوحدة قرارنا السياسي والعسكري واستقلاليته بعيدا عن اهواء الآخرين، دوليين او اقليميين، لأننا بوحدة قرارنا مع حق مثلوم افضل من حروب دورية، تغدي تشتتنا وتوفر للاحتلال فرصا دورية للإيغال بتدميرنا.

نعم، هي معادلة قاسية لكن علينا ان نتعامل معها بوعي وواقعية!