مهرجان كناوة يحتفي ببلوغ رحلته الفريدة ربع قرن

حفل افتتاح دورة هذا العام يجمع بين ثلاثة أصناف فنية مدرجة على قائمة اليونسكو.

الصويرة (المغرب) - سيعرف حفل افتتاح الدورة الخامسة والعشرين لمهرجان كناوة وموسيقى العالم التي ستقام من السابع والعشرين إلى التاسع والعشرين من يونيو/حزيران الجاري بالصويرة، مزجا فريدا بين ثلاث ثقافات مدرجة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي غير المادي، وفق منظموه.

ليس من قبيل الصدفة أن يصبح واحدا من أكثر المواعيد الفنية المنتظرة كل سنة، فتفرد مفهومه للمزج، جعل مهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة أكثر التجارب الموسيقية جرأة وتميزا في إسعاد عشاق الموسيقى ورواد هذه التظاهرة.

وتهدف برمجة هذا العام إلى أن تكون رائدة وجريئة ومتناغمة وشاملة. ويتعلق الأمر بالدعوة لعيش تجربة فريدة من نوعها، لا يمكن أن يبدعها إلا مهرجان كناوة وموسيقى العالم.

وقالت مديرة ومنتجة المهرجان نائلة التازي إن المهرجان يحتفل هذه السنة بمرور ربع قرن على إطلاق "ملحمة فنية وإنسانية فريدة من نوعها"، مضيفة أن "هذا الحدث الذي لا مثيل له، قد تجاوز ومنذ بداياته الأولى حدود ما هو ترفيهي محض، ليصبح له وقع وتأثير كبيران على محيطه، فقد مكّن من إحياء وبعث مكوّن تراثي متجذر".

وشددت على أن المهرجان "أعطى الدليل على أن الثقافة يمكن أن تكون رافعة لتنمية شاملة ومستدامة، بل ساهم وبشكل ملحوظ في النهوض بوجهة الصويرة، وجعلها من بين أهم العواصم العالمية للموسيقى، وأحد رموز الثقافة المغربية والأفريقية على المستوى الدولي".

ووفق وكالة المغرب العربي للأنباء، كشفت التازي أنه تم إعداد برنامج استثنائي بمناسبة دورة هذه السنة، مبرزة أن "أكثر من 400 فنان سيلهبون خلال ثلاثة أيام متتالية من الحفلات الكبرى، منصات المهرجان الموزعة على فضاءات المدينة العتيقة وشاطئ الصويرة. وكما جرت العادة، سيحرص المعلمون الكناويون وضيوفهم الموسيقيون، الذين سيتوافدون من مختلف بقاع العالم، على إبداع لحظات من المزج الموسيقي غير المسبوق، حفلات أضحت علامة وسمة مميزة لمهرجان الصويرة".

ويشهد المهرجان هذا العام مشاركة موسيقيين من جميع أنحاء العالم، أتوا لتقديم عروضهم إلى جانب مْعلّمي كناوة. ويشكل الحدث أيضا فرصة للقاء بين فنانين ذوي شهرة عالمية مشهودة ونجوم صاعدة تتلمس سبيلها في الساحة الموسيقية.

وأشارت التازي إلى أنه في إطار دعم الشباب المبدع الآتي من ربوع المملكة ومن أفريقيا وباقي أقطار العالم، أطلق المهرجان برنامجا تكوينيا بشراكة مع واحدة من المؤسسات الموسيقية المرموقة في العالم: كلية بيركلي للموسيقى التي يوجد مقرها بمدينة بوسطن الأميركية.

وأبرز المنظمون في بلاغ لهم، أن برنامج هذه الدورة الذي يجمع أكثر من 400 فنان من 14 دولة، يتضمن حوالي 53 حفلا موسيقيا، ومنتدى لحقوق الإنسان، وبرنامجا تدريبيا مع المؤسسة الموسيقية المرموقة كلية بيركلي للموسيقى، وموائد مستديرة حول ثقافة كناوة، ومعرضا فنيا مشتركا لتقديم أعمال فنانين مغاربة والعديد من الأنشطة في جميع أنحاء المدينة.

وستتميز هذه الدورة بتعددية الأنماط الموسيقية، بدء بموسيقى الأفروبيت والعيطة مرورا بالجاز، والموسيقى العربية الأصيلة، وموسيقى السول وحتى البانك روك، فعلى مدار ثلاثة أيام، ستتحول الصويرة إلى ملتقى ثقافي تنصهر فيه إيقاعات كناوة مع أنغام من جميع أنحاء العالم. ويفرز هذا المزج الموسيقي عروضا استثنائية، حيث تنتفي الحواجز والحدود الثقافية، لإشاعة قيم السلام والتآزر والتسامح.

ويعتبر برنامج هذه السنة طليعيا، وجريئا، ومتناغما، ودامجا. ويتعلق الأمر بدعوة لخوض تجربة فريدة، لا يمكن أن يقدمها سوى مهرجان كناوة وموسيقى العالم.

عندما رأى مهرجان كناوة النور في الصويرة في يونيو/حزيران 1998، لم يكن أحد يتوقع مثل هذه التدفقات الفنية والإنسانية التي بثت روحا جديدة في مدينة موكادور العتيقة. مدفوعا بالحاجة إلى حماية تراث تليد مهدد بالاندثار، أحدث المهرجان ثورة في المشهد الثقافي المغربي.

ومع مرور ربع قرن، ستشكل دورة هذه السنة بداية فصل جديد يتجه بحزم نحو المستقبل، وحامل لباقة مشاريع مهيكلة ومستدامة.

يتميز مهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة، في أجندة المواعيد الموسيقية العالمية، بمفهومه المتفرد في المزج الموسيقي، فمن بين 400 فنان سيؤثثون هذه الدورة الخامسة والعشرين، سيستضيف المهرجان 34 مْعلّما كناويا و53 حفلا موسيقيا في المجموع، من ضمنها 6 حفلات مزج موسيقي.

ومن بين هذه الحفلات، حفل الافتتاح الذي يعد بإيقاعات تمتزج فيها موسيقى كناوة بالباتوكادا البرازيلية، والفلامنكو الإسبانية وزاولي من كوت ديفوار، وذلك في بوتقة تتبدى فيها أوجه التشابه بين هذه الألوان الموسيقية. كما سينبري كل من المعلم حسن بوصو (الدار البيضاء) والمعلم مولاي الطيب الدهبي (مراكش) مع فرقة دومانلي (كوت ديفوار)، ونينو دي لوس رييس (إسبانيا)، وإيلي أيي (البرازيل) لتقديم احتفالية باذخة للغاية.

حفل مزج موسيقي آخر لا ينبغي تفويته، وهو الذي سيجمع بين المعلم حميد القصري ومجموعة بوكانتي (الولايات المتحدة وكندا)، التي أسسها عازف القيثارة مايكل ليغ (ولقبه سناركي بابي) والحائز على عدة جوائز غرامي، بحيث اعتبرتها صحيفة نيويورك تايمز "تجربة آسرة لا تنسى".

ولطالما حرص هذا المهرجان الرائد والطليعي والملتزم، على السفر بالجمهور في رحلة عبر موسيقى العالم، مع التقريب بين الفنانين المخضرمين والنجوم الصاعدة.

الصويرة تتحول إلى ملتقى ثقافي تنصهر فيه إيقاعات كناوة مع أنغام من جميع أنحاء العالم

وسيكون الجمهور هذه السنة، على موعد مع مغني الراب الفلسطيني متعدد اللغات سانت ليفانت (واسمه الحقيقي مروان عبدالحميد) والثنائي المتمرس "عيطة مون أمور" الذي يتألف من المغنية المغربية وداد مجامة والموسيقي التونسي خليل إيبي، اللذين سيعيدان ببراعة إحياء هذا النوع الموسيقي المغربي التقليدي الشعبي وبعثه في العصر الحديث.

كما سيتمكن رواد المهرجان من الاستماع إلى واحدة من أجمل الأصوات في الفلامنكو وهي المغنية الإسبانية من أصل غيني استوائي بويكا، التي أشادت بها الصحافة العالمية لصوتها الفريد.

وسيكون الحفل الموسيقي لعازف الترومبيت الأميركي الأسطوري راندي بريكر، الحائز على 7 جوائز غرامي، من أبرز فعاليات المهرجان لهذا العام.

وبالموازاة مع الحفلات الموسيقية والأمسيات الفنية، ستنعقد الدورة الحادية عشرة من منتدى حقوق الإنسان لمهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة، والتي ستنظم بشراكة مع مجلس الجالية المغربية بالخارج، حول موضوع "المغرب – إسبانيا – البرتغال: تاريخ بمستقبل واعد".

فعلى بعد سنوات قليلة من الحدث التاريخي المتمثل في التنظيم المشترك لكأس العالم لكرة القدم 2030، ستتوقف هذه الدورة عند غنى وتعقد العلاقات التي تجمع بين المغرب وإسبانيا والبرتغال.

وسيتناول المنتدى الذي سيشارك فيه نحو 20 شخصية من مشارب شتى، على مدار صباحيتين، مواضيع تتعلق بالتاريخ المشترك، ومكانة ودور مغاربة المهجر، والتنقل ووقع كأس العالم 2030 على قضايا الجوار.

واستقبل منتدى حقوق الإنسان خلال 10 دورات، أكثر من 150 شخصية بارزة (علماء أنثروبولوجيا، وفنانين، وكتاب، ومؤرخين، ووزراء، وسياسيين، وفلاسفة، وباحثين، ودبلوماسيين ....) تنحدر من 25 دولة و4 قارات (أفريقيا وأميركا وآسيا وأوروبا).

ورسخ مهرجان كناوة بالصويرة على مر السنين، مكانته كملتقى لا محيد عنه ومختبر موسيقي فريد من نوعه في العالم، وذلك بفضل برمجة سمتها الأساسية، التعددية والجرأة.

ومهرجان كناوة وموسيقى العالم هو مهرجان ينظم كل سنة في مدينة الصويرة المغربية، ويقدم عروضا موسيقية فريدة من نوعها، تروج لموسيقى كناوة وللموسيقى العالمية والتقليدية، وتعزز ثراء التراث الموسيقي العالمي. ويشارك في هذا المهرجان العديد من المعلمين الكناويين والفنانين العالميين. ويستقطب خلال تنظيمه ما بين 250 و400 ألف زائر.