مواجهة فنية بين أم وابنها على الجدران في بيروت

معرض تشكيلي للشاعرة والناقدة لور غريب ونجلها مازن كرباج يتناول العلاقة المؤثرة والحقيقية في تقلباتها وعمقها وحنانها.
أمومة في منمنمات وأشكال متداخلة
علاقة إنسانية تصوغها اللوحات

بيروت - يتناول معرض فني أقيم في بيروت هذا الاسبوع العلاقة المؤثرة والحقيقية في تقلباتها وعمقها وحنانها بين شاعرة وناقدة فنية ورسامة بصرية ثمانينية تتميز بالمنمنمات والأشكال المتداخلة وابنها الفنان البصري المتخصص في الرسوم المصورة والموسيقى.
ومعرض (لور ومازن : بيني وبينك) المستمر في متحف سرسق حتى 26 أغسطس/آب هو خلاصة علاقة فنية مستمرة منذ عام 2006 بين لور غريب (87 عاما) ونجلها مازن كرباج (43 عاما).
وفي المعرض يظهر تداخل العلاقة بينهما بحيث تنصهر الأشكال والرسومات والأفكار والحوارات البصرية المصنوعة بواسطة الحبر الصيني والأقلام الملونة على مختلف أنواع الورق فلا يعرف الزائر من الذي أنجزها الأم أم الابن.
المعرض مؤلف من لوحات فردية لكل منهما معلقة على الشق العلوي للجدران وتنضم إليها في القسم السفلي لفائف ورق عملاقة تنتشر على نحو 50 مترا في القاعة المخصصة لهذا الحدث أنجزتها لور وكرباج معا.
وهذه اللفائف الورقية هي في الواقع نتيجة مراسلات طويلة بين الفنانة ونجلها بدأت في صيف عام 2006 إبان الهجوم الإسرائيلي على لبنان. واتفق الاثنان أن يرسم كل منهما على انفراد في منزله رد فعله نتيجة العنف في تلك السنة على دفتر شخصي فيتبادلان بعدها الدفاتر ليضيف كل منهما جوابه لرسمة الآخر ويعودان مجددا للرسم وهكذا دواليك.

واستمرت هذه المراسلات بعد انتقال مازن إلى برلين قبل سنوات قليلة بمنحة سنوية مع عائلته الصغيرة وبدأ الاثنان العمل على هذه اللفائف منذ ثلاث سنوات عرضا قسما منها في متحف روما وها هي تعرض كاملة في متحف سرسق الأثري.
وتعالج اللفائف الورقية المعروضة أحاسيس شخصية وحوادث عالمية وأخرى عائلية وموضوعات سياسية وأخرى اجتماعية وبعض أفكار حميمية.
كما يتضمن المعرض لوحة جدارية أنجزتها لور ومازن في العام المنصرم وهي تنطوي على العشاق عبر التاريخ وقصصهم الملبدة بالأحاسيس المشحونة والخيبات والمآسي.
وأكدت لور لرويترز أن علاقتها بنجلها متينة بحيث يعرف عنهما مواجهاتهما العنيفة التي لا يستطيع أحد من أفراد العائلة أن يتدخل فيها عندما يعملان معا على مشروع فني وغالبا ما تنتهي بالدموع والكلمات الحنونة ويعودان مجددا إلى الاحترام والتهذيب والتقدير لوجهة نظر الآخر.
وقدم مازن إلى أمه مفاجأة أثرت فيها كثيرا وهي لوحة تصورها ووالده الممثل المسرحي المخضرم أنطوان كرباج ويعالج الابن من خلالها قصة حب والديه المستمرة منذ أكثر من 50 عاما.

اتفق الاثنان أن يرسم كل منهما على انفراد في منزله رد فعله نتيجة العنف في تلك السنة على دفتر شخصي فيتبادلان بعدها الدفاتر 

ومازن كرباج الذي يصفه النقاد بأنه "عازف الترومبيت السحرية" الذي يعزف بطريقة ارتجالية أو غير المتآلفة في سردها النغمي استلهم معظم رسوماته وخصوصا الكاريكاتيرية منها من معايشته للحرب الأهلية التي دارت بين 1975 و1990 والأحداث التي تلتها. ويعبر مازن برسوماته عن أحوال المجتمع بطريقة أقرب إلى السخرية.
أما لور فعلى مدى عشرات السنين ظلت تنقش على صفحات جريدة النهار اللبنانية نقدها لأعمال أبرز الفنانين اللبنانيين بطريقة صادقة بعيدا عن النقد الجارح.
شهد افتتاح المعرض ليل الجمعة إقبالا كبيرا من فنانين وهواة عبروا عن إعجابهم بالفكرة والتناغم بين الجيلين.
وقالت ايزابيل فبيير (29 عاما) الفرنسية المقيمة في لبنان لرويترز "أتابع أعمال مازن كرباج منذ سنوات برسوماته الخارجة عن التقاليد مما دفعني إلى زيارة المعرض ليلة الافتتاح للتعرف إليه والتحدث معه. وفي الحقيقة تفاعلت كثيرا مع أعمال والدته عندما شاهدتها للمرة الاولى كما أن العلاقة بينهما رائعة، شاهدته يقبلها على رأسها بحنان مرات عدة".