موريتانيا تحل ضيف شرف السينما الأفريقية بخريبكة

المهرجان يستضيف 350 سينمائيًا من 45 دولة ويطرح الذكاء الاصطناعي للنقاش ضمن برمجة تحتفي بالتنوع الثقافي والتحول التكنولوجي في أفريقيا.

انطلق مهرجان السينما الأفريقية بخريبكة في دورته الخامسة والعشرين بتكريم السينما الموريتانية، إذ أقيمت فعاليات الافتتاح، السبت، بالمركب الثقافي محمد السادس بخريبكة، وتُنظمها مؤسسة مهرجان السينما الأفريقية إلى غاية الثامن والعشرين من يونيو/حزيران الجاري، تحت شعار "من جذبة الحكواتيين إلى صرامة الخوارزميات… تجاذبات السينما الإفريقية".

وحضر حفل الافتتاح وفد يضم عامل إقليم خريبكة، وسفير موريتانيا، ورئيس جهة بني ملال خنيفرة، ورئيس جماعة خريبكة، ومدير موقع المجمع الشريف للفوسفاط بخريبكة، إلى جانب عدد من الفاعلين السينمائيين من المغرب والقارة الأفريقية.

واستهلت فعاليات الحفل بلوحة فنية فلكلورية أفريقية قدمتها فرقة "بالي إفريقيا"، حيث مزجت بين الإيقاعات القوية لطبول القارة، والرقصات، والألوان الزاهية التي تعكس دفء أفريقيا وحلمها وجمالها الفني

وألقى عدد من الشخصيات كلمات افتتاحية من بينهم مدير المهرجان عز الدين كريران، ورئيس المجلس الجماعي، وسفير موريتانيا أحمد باهيا، الذي تُكرَّم سينما بلاده كضيف شرف لهذه الدورة، في لحظة رمزية قوية، احتفاءً بما تقدمه السينما الموريتانية من أعمال نالت تقديرًا دوليًا، وأسهمت في إبراز نبض المجتمع الأفريقي برؤية فنية صاعدة.

وشهد الحفل كذلك تكريم المخرج السنغالي منصور صورا واد، تقديرًا لمساره الطويل في خدمة السينما الأفريقية، كما تم خلاله تقديم أعضاء لجنتي تحكيم مسابقة الأفلام الطويلة والقصيرة، إلى جانب نبذة عن الأفلام المشاركة والمخرجين الحاضرين.

ويعرض المهرجان أول فيلم سينمائي ضمن برمجة هذه الدورة، إيذانًا بانطلاق أسبوع سينمائي أفريقي ينبض بالإبداع والتنوع، ويُجسد حلم قارة، وإبداع مدينة، ويُعبر عن إصرار مؤسسة مهرجان السينما الأفريقية بخريبكة على مواصلة التميز وتأكيد الحضور القوي لهذا الموعد السينمائي على خريطة المهرجانات داخل المغرب وخارجه.

ويضع المهرجان الدولي للسينما الأفريقية بخريبكة في دورته الخامسة والعشرين، النقاش بشأن الذكاء الاصطناعي في صميم برمجته، في مبادرة غير مسبوقة تمزج بين الابتكار التكنولوجي والتجذر الثقافي.

ويستضيف المهرجان الذي يُنظم في الفترة من 21 إلى 28 يونيو/حزيران الجاري، 350 سينمائيًا من 45 بلدًا، في احتفال بالإبداع السينمائي الأفريقي، ومواهبه الصاعدة، وتحولاته العميقة.

وتروم هذه الدورة التي تحمل شعار "من جذبة الحكواتيين إلى صرامة الخوارزميات.. تجاذبات السينما الإفريقية"، فتح نقاش عميق حول تأثير الذكاء الاصطناعي على المهن، والسرديات، والخيال في الفن السابع على مستوى القارة.

ويشهد المهرجان تنظيم ندوة حول هذا الموضوع من أجل تبادل وجهات النظر بين المبدعين، والباحثين، والمهنيين في القطاع، بهدف فهم التحولات الجارية، وهو ما يعكس رغبة المنظمين في تعزيز قدرة السينما الأفريقية على مواكبة عصرها، مع تجديد أشكال السرد والإبداع البصري الخاصة بالقارة.

ويشارك في المهرجان 15 فيلمًا طويلاً من 12 بلدًا أفريقيًا في المسابقة الرسمية، من بينها ثلاثة أفلام مغربية هي: "راضية" لخولة أسباب بنعمر، و"وشم الريح" لليلى تريكي، و"دكار كازا" لأحمد بولان.

وتتنافس كذلك في المسابقة أفلام من بلدان أخرى، من بينها "شاي أسود" لعبدالرحمن سيساكو ممثلًا لموريتانيا ضيف شرف الدورة، و"قصة الخريف" لكريم مكرم من مصر، و"قنطرة" لوليد مطار من تونس، و"أوموكاني" لجون كوييزي من رواندا، و"صانكو، حلم الرب" لفوسيني مايغا من مالي، و"كفى" لأليماطا ويدراوغو من بوركينا فاسو.

وتتنافس هذه الأفلام على ست جوائز مرموقة وهي: الجائزة الكبرى "عثمان صامبين"، جائزة لجنة التحكيم "نور الدين الصايل"، جائزة الإخراج "إدريسا ويدراوغو"، جائزة السيناريو "سمير فريد"، جائزة أفضل دور نسائي "أمينة رشيد"، وجائزة أفضل دور رجالي "محمد البسطاوي".

وتتولى لجنة تحكيم الفيلم الطويل مهام تقييم الأفلام المتنافسة، وهي لجنة متعددة الجنسيات يرأسها المخرج الرواندي جويل كاريكزي، وتضم إلى جانبه المخرج المغربي محمد عهد بنسودة، والممثلة المالية فاتوماتا كوليبالي، والسينمائي البوروندي ليونس نكابو، والمخرج السنغالي كلارنس توماس ديلغادو.

وتعرض المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة 15 فيلمًا من 13 بلدًا أفريقيًا، منها "شيخة" من المغرب، و"ممنوع الوقوف والانتظار" من مصر، و"صورة لامرأة بلا وجه" من أفريقيا الوسطى، و"دجاكا" من كوت ديفوار.

ويرأس لجنة تحكيم الفيلم القصير الناقد السينمائي بلال مرميد، ويُشاركه في عضويتها الممثل التشادي يوسف دجاورو، والمخرجة المالية ديارا مولدي.

ويُكرم المهرجان هذا العام عددًا من رموز السينما الأفريقية، تقديرًا لمسيرتهم المهنية، ومساهمتهم في النهوض بالفن السابع الأفريقي.

ويعود مهرجان خريبكة للسينما الأفريقية إلى السجن المحلي بخريبكة، لتنظيم الدورة السادسة من المهرجان الثقافي للنزلاء الأفارقة، في تجسيد لالتزامه بضمان الولوج الشامل إلى الثقافة.

وينظم المهرجان أيضًا عروضًا وأنشطة بمدينة ابن جرير، في إشارة إلى انفتاحه على محيطه الجهوي، كما يحظى الأطفال ببرمجة خاصة ضمن سينما الطفل.

ويعتبر مهرجان السينما الأفريقية بخريبكة كأحد أبرز التظاهرات السينمائية المخصصة للفن السابع في القارة السمراء، ويُقام في مدينة خريبكة بالمغرب.

ويتربع على عرش أقدم المهرجانات السينمائية بالمغرب منذ تأسيسه سنة 1977، حيث يُعدّ منصة لتكريم الإبداع الأفريقي في مجالات الفيلم الروائي والوثائقي.

ويُصنف هذا المهرجان كمناسبة فنية وثقافية تمنح الجوائز للأفلام المتميزة من مختلف أنحاء أفريقيا، وهو ما يمنحه مكانة خاصة ضمن الخريطة السينمائية العربية والأفريقية.

 وينطلق تاريخ هذا الحدث من جذور عميقة تعود إلى عام 1967، حين تأسس أول نادٍ سينمائي في خريبكة، وضم ما يزيد عن 200 عضو نشيط نظموا عروضاً أسبوعية، مما ساهم في بناء جمهور سينمائي مهتم.

ويتواصل الدعم المؤسسي لهذا النادي حين ساعدت الجامعة الوطنية لنوادي السينما بالمغرب (FNCCM) سنة 1977 على تنظيم لقاءات سينمائية بقيادة نور الدين الصايل. ويحافظ نادي السينما المحلي على ديناميته بفضل الدعم المادي الذي وفره المكتب الشريف للفوسفاط، باعتباره القطاع الصناعي الأكبر في المدينة.

ويشهد المهرجان تطورا تدريجيا، حيث انعقد الاجتماع الثالث للفيلم الأفريقي في خريبكة من 2 إلى 9 أبريل/نيسان 1988، بميزانية قدرها 900 ألف درهم، وبتنظيم دقيق استُقبل فيه 100 ضيف مغربي و30 أجنبيا يمثلون دولاً من أفريقيا وأوروبا والعالم العربي.

ويحضر فعاليات المهرجان آلاف المتابعين، إذ شهدت الدورة الثالثة وحدها مشاركة ما لا يقل عن 50000 شخص، وتوزع الحضور بين قاعات العرض والأنشطة الموازية، بحضور رسمي تمثل في أربعة وزراء حكوميين.

وتتوالى الدورات لاحقاً، إذ انعقد الاجتماع الرابع في مارس/آذار 1990، ثم السادس في أبريل/نيسان 1994، ما يدل على استمرارية الحدث وتثبيت مكانته في الذاكرة السينمائية المغربية والأفريقية.

ويتحول المهرجان منذ عام 2004 إلى مؤسسة قائمة بذاتها، تُشرف على تسييره بشكل احترافي، تحت رئاسة نور الدين الصايل وإدارة تنفيذية يشرف عليها لحسين النداف، مما منح التظاهرة نفسا جديدا في التنظيم والانفتاح والتواصل.