موسكو تستثمر أخطاء بايدن في تعزيز علاقاتها مع الرياض

الفتور في العلاقات الأميركية السعودية بسبب انقلاب سياسات بايدن يفتح منافذ واسعة أمام روسيا لتوسيع التعاون التجاري والاقتصادي والعسكري مع دول الخليج.
جولة لافروف بالخليج تتوافق مع مسعى الرياض لمراجعة علاقتها مع واشنطن
اس_400 على رأس أجندة لافروف خلال زيارته إلى السعودية
الإمارات تؤكد أهمية عودة سوريا إلى محيطها الدبلوماسي العربي

موسكو - بدأ وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الاثنين جولة بمنطقة الخليج، في خطوة تترجم مساعي موسكو لاستثمار الفتور في العلاقات الأميركية السعودية بسبب سياسات الرئيس الجديد جو بايدن الخاطئة في تعاملها مع الرياض.

وذكرت وزارة الخارجية الروسية في بيان أصدرته الأحد، أن لافروف سيزور خلال الفترة بين 8 و12 مارس/آذار الجاري دولا بالخليج من بينها المملكة العربية السعودية، حيث سيلتقي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ووزير الخارجية فيصل بن فرحان.

وأضافت الوزارة وفقا لما نقله موقع قناة 'آر تي العربية'، أن المسائل المتعلقة بتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي ستتخذ مكانة خاصة في أجندة جولة لافروف القادمة، مع التركيز على تطبيق الاتفاقات المبرمة سابقا على أعلى المستويات.

وأشار مصدر دبلوماسي سعودي مقرب إلى أن جولة لافروف إلى الخليج تتوافق مع مسعى سعودي لإعادة معايرة علاقتها مع الولايات المتحدة، خاصة في ظل تراجع اهتمام بايدن بقضايا المنطقة وبروده تجاه الرياض خلافا لسلفه الرئيس السابق دونالد ترامب.

وقال المصدر لصحيفة العرب مفضلا عدم ذكر اسمه إن "العلاقة المتطورة مع روسيا يمكن أن تشهد أبعادا أوسع وأهم. الإدارة الأميركية الجديدة مزجت بين تحديها للسعودية وإظهار عدم الاهتمام بمخاوف المنطقة. نحن أيضا نعيد تقييم علاقاتنا مع واشنطن".

العلاقة السعودية المتطورة مع روسيا يمكن أن تشهد أبعادا أوسع وأهم

 وتعكس زيارة لافروف لمنطقة الخليج في هذا التوقيت بالذات مساعي موسكو لاستغلال أخطاء الإدارة الأميركية الجديدة التي تراجعت بشكل مفاجئ عن دعم الرياض لاسيما بعد قرارها وقف العمليات العسكرية في اليمن.

وأفاد المصدر السعودي بأن منظومة الدفاعات الجوية الروسية اس-400 ستكون من بين الموضوعات التي سيتم بحثها في الرياض التي تحتاج إلى أنظمة متطورة لمواجهة تحديات المنطقة أمنيا لاسيما في ظل التهديدات الإيرانية وذراعها الحوثية.

وتتحرك روسيا في التوقيت المناسب للاستفادة من الضبابية التي تشوب علاقة واشنطن بحلفائها التقليديين في الخليج، لتعرض بدائل على الرياض التي بدورها ستراجع حساباتها تجاه واشنطن خصوصا بعد المواقف الأميركية الملتبسة من الأمير بن سلمان وكذلك قراراتها بشأن حرب اليمن.

وبغض النظر عن مساعي موسكو للاستفادة من أخطاء الغدارة الأميركية الجديدة، فإن دول الخليج ستستثمر حتما زيارة لافروف في إظهار أن لديهم بدائل وأصدقاء بعد انقلاب بايدن عن سياسة سلفه تجاه الحلفاء الخليجيين، وأن وضعهم كدول نفطية لها وزن في العالم منحها ميزة تصويب علاقتها باتجاه التكافؤ وتبادل المصالح مع مختلف الدول.

ويبدو أن بايدن وقع في نفس الأخطاء التي ارتكبها الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما والتي دفعت آنذاك دول الخليج إلى الانفتاح على الصين وروسيا والهند ودول أوروبية.

ويجدر الإشارة إلى أن دول الخليج تمتلك من الإمكانيات الاقتصادية والثروات النفطية الضخمة ومزايا جغراسياسية في منطقة مهمة من العالم تغري مختلف الدول لكسب تحالفها.

بايدن أمام خيار مراجعة سياساته تجاه السعودية أو خسارة مزايا اقتصادية كبرى ستذهب إلى روسيا
بايدن أمام خيار مراجعة سياساته تجاه السعودية أو خسارة مزايا اقتصادية كبرى ستذهب إلى روسيا

اعتبر الخبير الأميركي الباحث في شؤون الدراسات الأمنية بمعهد كاتو وخبير الشؤون الدولية جالين كاربنتر أن المؤشرات الأولى لسياسة الرئيس بايدن الخارجية لا تتواكب مع قدر التوقعات السابقة لوصوله إلى البيت الأبيض.

وقال كاربنتر منتقدا سياسة بايدن الخارجية "إذا كانت سياسات الهواة الفظة تلك هي ما يمكن أن تتوقعه أميركا من محترفين يفترض أنهم يتمتعون بالخبرة، فإن الولايات المتحدة ستسير في طريق صعب خلال السنوات الأربع المقبلة".

وزيارة لافروف إلى الخليج ورقة في يد السعودية لتحذر بايدن وتخيره بين مراجعة سياساته تجاه الرياض أو خسارة مزايا اقتصادية كبرى ستذهب إلى روسيا كما ذهبت قبلها للصين.

الولايات المتحدة ستسير في طريق صعب خلال السنوات الأربع المقبلة

وكانت الخارجية الروسية قد أكدت أن موسكو تولي اهتماما كبيرا لمواصلة التنسيق مع دول الخليج بشأن الوضع في سوق الطاقة العالمية، لاسيما ضمن إطار تحالف 'أوبك بلاس' و'منتدى الدول المصدرة للنفط'.

ومن المتوقع أن يركز لافروف في أجندة مفاوضاته بالخليج على المسائل المتعلقة بالنزاعات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عبر حوار شامل يراعي مصالح ومباعث قلق جميع الأطراف المنخرطة فيها، حيث سيستعرض من هذه الزاوية الأوضاع في سوريا وليبيا واليمن، بالإضافة إلى التسوية العربية الإسرائيلية.

والتقى لافروف خلال محطته الأولى بالإمارات زير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان الذي أكد الثلاثاء على أن "عودة سوريا للعمل الإقليمي مع محيطها العربي أمر لابد منه".

وقال الوزير الإماراتي في مؤتمر صحفي مع نظيره الروسي، إن "قانون قيصر هو التحدي الأكبر الذي يواجه العمل المشترك مع سوريا".

ومن جانبه قال الوزير الروسي بلاده ترحب بتطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل ، معربا عن  استعداد بلاده للمساعدة في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وأشار لافروف إلى أن مباحثاته مع وزير الخارجية الإماراتي تناولت التطورات في الخليج واستقرار الأمن فيه، لافتا إلى أن  حجم التعاون التجاري مع الإمارات وصل إلى 3 مليارات دولار.

وبدأ وزير الخارجية الروسي زيارة اليوم لدولة الإمارات  في إطار جولة خليجية تشمل أيضا السعودية وقطر، فيما سيلتقي في الإمارات ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد بن سلطان آل نهيان.