موسكو تعدّ كتيبة من نخبة الجيش السوري لمعركة ادلب

كل المؤشرات تشير إلى أن دمشق وموسكو تستعدان ميدانيا لشنّ هجوم واسع على ادلب التي تتعرض بالفعل لقصف متقطع لإضعاف فصائل المعارضة في آخر معقل لها قرب الحدود التركية.

مستشارون روس يدربون كتيبة جديدة في الجيش السوري
موسكو تخفف الضغط على قواتها في سوريا بكتيبة نخبة من الجيش السوري
كتيبة النخبة السورية تجري مناورات تحت إشراف روسي

يعفور (سوريا) - يُشرف مستشارون روس على تدريب كتيبة للجيش السوري من النخبة ضمن استعدادات لتعزيز جبهة القتال في ادلب آخر معقل للمعارضة السورية بشقيها المعتدل والمتشدد قرب الحدود التركية.

وتتعرض ادلب المشمولة باتفاق خفض التصعيد لهجمات متقطعة تشنها القوات السورية بإسناد جوي روسي رغم اتفاق سابق بين روسيا وتركيا في سوتشي لوقف إطلاق النار وإنشاء منطقة عازلة.

ويرجح أيضا أن موسكو التي ألقت بثقلها العسكري في دعم النظام السوري في سبتمبر/أيلول 2015، ونجحت في ترجيح كفة قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد بعد أن اقتربت فصائل المعارضة المسلحة من معاقله، بدأت في إعداد قوات نخبة سورية لتخفيف الضغط على قواتها المنتشرة في بعض مناطق خفض التصعيد كقوات شرطة عسكرية.

وتحت حرارة الشمس الحارقة، يطلق جنود بثياب عسكرية مموهة القذائف الصاروخية ليثيروا عاصفة من الغبار حولهم في تدريب يخضعون له ككتيبة "نخبة" جديدة في الجيش السوري يشرف عليها المستشارون الروس.

وفي بلدة يعفور غرب دمشق، يصطنع الجنود هجوما مطلقين القذائف الصاروخية وقذائف الهاون، يجلس أحدهم خلف سلاح رشاش يطلق منه الرصاص في هذه المنطقة القاحلة، ويقوم آخرون بعمليات نزع ألغام أو إسعافات أولية.

وجرى التدريب الثلاثاء بحضور صحافيين من وسائل إعلام دولية يقومون بزيارة إلى سوريا بدعوة من الجانب الروسي.

في منصة تطل على ساحة التدريب، يجلس ضباط روس وسوريون يراقبون سير الأمور، فيما ينبطح جنود على الأرض يطلقون النار على أهداف أمامهم ويقوم آخران بنقل جندي ثالث يبدو وكأنه أصيب كجزء من التدريب.

ويقول قائد الكتيبة السورية الجديدة عمر محمد وقد وضع على ثيابه العسكرية شارة "الفرقة الرابعة" للصحافيين "نتيجة التعاون والتدريب من قبل الأصدقاء الروس، لاحظنا ارتفاع مستوى المقاتل واكتسابه خبرات جديدة بالتعامل مع كافة أنواع الأسلحة".

ويوضح أنه جرى إنشاء الكتيبة الجديدة في الأول من أغسطس/اب وقد بدأت في اليوم نفسه تدريباتها التي تطورت تدريجيا.

ومنذ بدء التدخل العسكري الروسي إلى جانب دمشق في سبتمبر/أيلول العام 2015، استعادت القوات الحكومية مساحات شاسعة وباتت تسيطر على أكثر من 60 بالمئة من مساحة البلاد بعد معارك عنيفة خاضتها في مواجهة الفصائل المعارضة بشكل أساسي كما تنظيم الدولة الإسلامية.

وتتحدث موسكو عن مستشارين لها على الأرض في سوريا، وتنتشر شرطتها العسكرية في معاقل سابقة للفصائل المعارضة استعادتها دمشق كما تنتشر في نقاط مراقبة قرب محافظة إدلب التي تسيطر هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) على الجزء الأكبر منها.

وبرغم التحفظ الشديد الذي يبديه الخبراء العسكريون الروس إزاء أنشطتهم في سوريا، إلا أنهم ظهروا هذه المرة أمام الصحافيين بعضهم ملثمو الوجه وقد وضعوا نظارات شمسية.

ويعطي أحدهم بمساعدة مترجم إلى اللغة العربية، توجيهاته لمجموعة من الجنود تتدرب على كيفية التعرف على الألغام ونزع فتيلها، فيما يشرح آخر الإسعافات الأولية للجرحى في أرض المعركة.

ويجلس أحد الجنود في حفرة عميقة في الأرض موجها سلاحه أمامه، يخبئ نفسه في الحفرة تماما أثناء عبورة دبابة من فوقها. وفي مكان قريب، يطلق زميل له النيران من خلف جدار صغير، يركض آخرون يقفزون من فوق النيران ويصعدون فوق عوائق خشبية، فيما تتساقط القذائف من حولهم.

وبعد انتهاء مرحلة التدريب الفردية التي استمرت شهرين، بدأت الكتيبة الجديدة مرحلة التدريب كجماعة و"على مستوى السرية"، وفق القيادي عمر محمد.

ولا يستبعد قياديون في الكتيبة إمكانية إرسالها إلى محافظة إدلب للمشاركة في عملية عسكرية بدأتها دمشق قبل نحو خمسة أشهر بدعم جوي روسي ويسري فيها منذ نهاية أغسطس/اب اتفاق هدنة لا يخلو من الانتهاكات.

والمحافظة ومحيطها مشمولان باتفاق أبرمته روسيا وتركيا في سوتشي في سبتمبر/ايلول 2018 ونص على إقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل بين مواقع سيطرة قوات النظام والفصائل، على أن تنسحب منها المجموعات الجهادية، إلا أنه لم يتم استكمال تنفيذه.

وتتهم دمشق أنقرة بالتلكؤ بتنفيذ الاتفاق، كما أنها تعهدت مرارا استعادة كامل إدلب.

وفي 16 سبتمبر/أيلول، استضاف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة نظيريه الروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني في القمة الخامسة من نوعها لبحث الوضع في سوريا وإدلب خصوصا.

وقد تعهّد القادة الثلاثة بالتعاون لتفادي تفاقم الأزمة الإنسانية في إدلب ومحيطها والتي تؤوي ثلاثة ملايين شخص.

ويقول أحد قادة الكتيبة السورية للصحافيين "إننا نبني آمالنا على المسار السياسي، لكن إذا لم نحقق نتائج فسنسلك الطريق العسكري".

وبدا رئيس الإدارة السياسية في الجيش السوري حسن حسن أكثر حدة في قراءته لمسار الأمور، إذ قال "سيتم تحرير إدلب على أي حال وسنرى ذلك قريبا".