موسكو تمطر خاركيف بالصواريخ وتدعو سكان كييف لاخلاء منازلهم

القوات الروسية تعيد ترتيب تكتيكاتها وأساليبها القتالية بعدما واجهت مقاومة شديدة وسط توقعات بأن تلجأ إلى قصف مكثف ومركز على المدن وبينها العاصمة كييف.
روسيا تعتزم قصف أهداف في كييف تستخدمها الأجهزة الأمنية الأوكرانية
روسيا لديها الكثير من القوات التي يمكن أن تدخل المعركة
القوات الروسية تعيد ترتيب أوراقها والتكيف مع مقاومة أوكرانية شرسة لم تكن تتوقعها

موسكو/كييف - حذرت روسيا سكان كييف اليوم الثلاثاء من البقاء في بيوتهم وأمطرت مدينة خاركيف بالصواريخ في الوقت الذي كثف فيه القادة العسكريون الروس قصف المناطق الحضرية الأوكرانية، في تحول لأساليبهم القتالية بعد توقف هجومهم الذي بدأ قبل ستة أيام.

وقال مسؤول أميركي إن رتلا من المدرعات طوله عدة كيلومترات يستهدف كييف لم يحقق أي تقدم صوب العاصمة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، وتوقف في مكانه بسبب مشكلات لوجستية ونقص في الطعام والوقود ومن الممكن أن يكون بهدف إعادة تقييم أساليبه القتالية.

وقالت وزارة الدفاع الروسية إنها تعتزم قصف أهداف في كييف تستخدمها الأجهزة الأمنية الأوكرانية. وطلبت من السكان المقيمين بالقرب من هذه المواقع إخلاء منازلهم، لكنها لم تنشر معلومات عن أماكن هذه المواقع في المدينة التي يسكنها ثلاثة ملايين نسمة.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، متحدثا في مجمع حكومي يخضع لحراسة مشددة في كييف، إن على روسيا "التوقف أولا عن قصف الناس" قبل أن تحرز محادثات السلام أي تقدم.

وفي مقابلة مشتركة مع رويترز و'سي.إن.إن'، حث زيلينسكي أيضا أعضاء حلف شمال الأطلسي على فرض منطقة حظر طيران لوقف القوات الجوية الروسية، وهو أمر يستبعده التحالف العسكري.

وبينما كان زيلينسكي يتحدث غير حليق الذقن ويرتدي زيا عسكريا بسيطا، وردت أنباء تفيد بأن صاروخا روسيا أصاب برجا تلفزيونيا بالقرب من موقع نصب تذكاري للمحرقة النازية (الهولوكوست) في كييف، مما أسقط خمسة قتلى.

وفي اليوم السادس من الغزو الروسي لأوكرانيا، تعاقبت الغارات القاتلة على مدينة خاركيف، ثاني مدن البلاد التي تغزوها القوات الروسية.

وقصفت الساحة المركزية لمدينة خاركيف الواقعة قرب الحدود الروسية. كما تضررت المحافظة الإقليمية، على ما أعلن الحاكم أوليغ سينيغوبوف في مقطع فيديو على تطبيق تلغرام يظهر الانفجار.

وقال مستشار وزارة الداخلية الأوكرانية أنطون هيراشتشينكو إن الضربات الصاروخية على وسط خاركيف قتلت عشرة أشخاص على الأقل وأصابت 35 آخرين. وقتلت ضربات مماثلة وأصابت العشرات في اليوم السابق.

وقال زيلينسكي، الذي تحدث أيضا إلى الرئيس الأميركي جو بايدن لنصف ساعة عبر الهاتف، إن القصف المدفعي الذي تتعرض له خاركيف التي يسكنها 1.5 مليون نسمة، يصل إلى حد "إرهاب دولة".

وفرض الغرب عقوبات شديدة على روسيا لعزل اقتصادها عن النظام المالي العالمي، مما دفع الشركات إلى وقف مبيعات وقطع علاقات والتخلي عن استثمارات بقيمة عشرات المليارات من الدولارات.

وبعد قرابة أسبوع من تدفق القوات الروسية على أوكرانيا عبر الحدود، فشلت روسيا في الاستيلاء على مدينة أوكرانية كبيرة واحدة بعد أن واجهت مقاومة شديدة.

وقال مايكل كوفمان الخبير في الشؤون العسكرية الروسية في مركز ولسون بواشنطن العاصمة، على تويتر "بالنظر إلى العملية الروسية حتى الآن، فإنهم يواجهون مشكلات هائلة في ما يتعلق بالأمور اللوجستية والاتصالات. ويبدو الجهد برمته بالغ السوء من الناحية التنظيمية".

ويخشى العديد من المحللين العسكريين الغربيين أن تلجأ روسيا الآن إلى أساليب تقوم على قصف مكثف للمناطق المأهولة قبل محاولة دخولها.

وقال مسؤول أميركي، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته "أحد أسباب توقف الأمور على ما يبدو شمالي كييف هو أن الروس أنفسهم يعيدون حشد صفوفهم ويعيدون التفكير ويحاولون التكيف مع التحديات التي يواجهونها".

وأضاف أن الروس لم يفاجئهم فقط حجم المقاومة الأوكرانية بل أيضا ضعف الروح المعنوية بين جنودهم الذين استسلم بعضهم دون قتال.

ولا يزال لدى روسيا المزيد من القوات التي يمكن أن تدخل المعركة على الرغم من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يواجه إدانة عالمية وعقوبات دولية بسبب إجراءاته التي بددت سلام أوروبا في فترة ما بعد الحرب الباردة.

وقال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويجو "العملية العسكرية الخاصة" ستستمر حتى تحقق أهدافها التي حددها بوتين على أنها نزع سلاح أوكرانيا والقبض على "النازيين الجدد" الذين يقول إنهم يديرون البلاد.

وفي الجنوب، قالت روسيا أنها طوقت بالكامل ساحل بحر آزوف الأوكراني. وإذا تم تأكيد ذلك، فإنه يعني أن القوات الروسية التي تغزو من شبه جزيرة القرم اتحدت مع الانفصاليين في الشرق وعزلت ميناء ماريوبول الشرقي الرئيسي في أوكرانيا.

وقال مستشار بوزارة الداخلية إن القوات الروسية دخلت أيضا مدينة خيرسون في جنوب غرب أوكرانيا اليوم الثلاثاء، لكن مبنى إدارة المدينة لا يزال في أيدي الأوكرانيين.

وفي صور أقمار صناعية نشرتها شركة ماكسار الأميركية، ظهرت دبابات ومدفعية وشاحنات وقود روسية تمتد لمسافة 60 كيلومترا على طول طريق سريع شمال كييف.

وقال زيلينسكي إن كييف لا تزال الهدف الرئيسي. ويحتمي بعض سكان كييف في محطات مترو الأنفاق ليلا. وهناك طوابير طويلة من أجل الحصول على الوقود وبعض المنتجات تنفد من المتاجر.

وفي خطاب مؤثر إلى البرلمان الأوروبي عبر رابط فيديو اليوم الثلاثاء، بعد يوم من توقيعه طلبا رسميا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، حث زيلينسكي التكتل على إثبات وقوفه إلى جانب أوكرانيا.

وقال "أثبتوا أنكم لن تتركونا وحدنا. أثبتوا أنكم أوروبيون بالفعل، وعندها ستنتصر الحياة على الموت وسينتصر النور على الظلام".

واتهمت جماعات حقوقية وسفير أوكرانيا في الولايات المتحدة روسيا باستخدام القنابل العنقودية والفراغية. وتنفي موسكو استهداف المدنيين.

وقالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية، إن الخسائر الروسية شملت 5710 أفراد و29 طائرة دُمرت ولحقت بها أضرار و198 دبابة، ولم يتسن التحقق من جميع الأرقام. كما لم تقدم روسيا تقريرا كاملا عن خسائرها في ساحة المعركة.

وأعلنت موسكو فرض حظر على بيع الشركات الأجنبية أصولها في محاولة لوقف هروب الشركات الغربية التي تخلت عن علاقاتها مع روسيا. كما أصدر بوتين مرسوما يحظر الصادرات النقدية من العملات الأجنبية من روسيا التي تتجاوز قيمتها عشرة آلاف دولار.

وكانت أكثر العقوبات فاعلية حتى الآن هي تلك المفروضة على البنك المركزي الروسي والتي تمنعه من استخدام صندوق الحرب البالغ حجمه 630 مليار دولار من احتياطيات النقد الأجنبي لدعم الروبل.

وتعرضت العملة لضغوط جديدة في وقت متأخر اليوم الثلاثاء، بعد يوم من تسجيلها مستوى قياسيا متدنيا مقابل الدولار.

وقالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن أكثر من 660 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، فروا من أوكرانيا إلى دول مجاورة مثل بولندا ورومانيا منذ بدء الغزو.

وعند معبر على الحدود المجرية، حملت أم طفلا بين ذراعيها بعد رحلة بالسيارة استغرقت أربعة أيام من كييف.

وقال ابنها الأكبر إيفان (15 عاما)، الذي بدا منهكا بعد الرحلة "رأيت الحرب وشاهدت صواريخ". وبقي والده للقتال.