نائب الغنوشي يدعو لاستبعاده من رئاسة النهضة

علي العريض يطالب باحترام القانون الذي ينص على أنه لا يمكن لأي فرد تجاوز دورتين متتاليتين في رئاسة الحركة.
الغنوشي يقود مساعي للانقلاب على النظام الداخلي للحركة
انضمام قيادات وازنة لمطالب التغيير يربك أجندات الغنوشي

تونس - تربك مساندة النائب الأول لرئيس حركة النهضة الاسلامية علي العريض لدعوات استبعاد راشد الغنوشي من رئاسة الحركة مساعي الأخير لتجديد ولايته، فيما تنامت الأصوات المطالبة بالتجديد في سلم قيادة الحركة الاسلامية التي يحتكر الغنوشي قيادتها منذ 5 عقود على الأقل.   
وقال العريض في حوار على قناة فرنس 24 الاثنين إنه "مع احترام القانون الأساسي للحركة الذي ينص على أنه لا يمكن لأي فرد تجاوز دورتين على رأس الحركة"، فيما تنتهي الولاية الثانية للغنوشي مع تحديد موعد المؤتمر الحادي عشر للحركة المزمع عقده  العام الجاري.
وأضاف رئيس الوزراء الأسبق والقيادي البارز في الحركة ان "راشد الغنوشي بإمكانه تقديم الإضافة للنهضة حتى وإن لم يمكن على رأسها ويجب تعويد الجيل الجديد الذي سيكون القيادات المستقبلية للحركة على احترام القانون".
وتكثف تصريحات العريض الضغوط على رئيس الحركة الذي يقود مساعي للالتفاف على القانون الداخلي عبر تنقيحه بما يسمح له بتجديد ولايته.
ويلقى هذا السيناريو مقاومة شديدة من قبل أبرز قيادات الحركة على غرار وزير الصحة عبداللطيف المكي ورئيس مجلس شورى الحركة عبد الكريم الهاروني الذين يقودون تيارا في الحركة يطالب بالتغيير والتجديد.  
 ويعمق انضمام العريض، كونه ثاني شخصية قيادية في الحزب، إلى التيار المطالب بالتغيير في الحركة الضغوط على الغنوشي الذي قد يضطر إلى التنحي بعد معارضة أغلب القيادات التاريخية لبقائه على رأس الحركة.
وقالت أوساط من داخل الحركة الاسلامية أن التيار المناصر لبقاء الغنوشي على رئاسة الحركة يعمل على حشد الدعم لتنقيح النظام الداخلي الذي يحدد مدة الرئاسة بدورتين، ما يمكن الغنوشي من الترشح لولاية ثالثة أو حتى رابعة خلال المؤتمر القادم.  
وتداولت صفحات مقرّبة من الحركة مبادرة لعدد من القيادات حملت عنوان "مجموعة الوحدة والتجديد" قدمت خارطة طريق من سبع نقاط بشأن دور رئيس الحركة وموعد المؤتمر الذي تعطل عقده في موعده بسبب عدم تحمّس الغنوشي لعقده قبل ضمان تعديلات تتيح له الاستمرار كرجل رقم واحد في الحركة.
وتضمّ "مجموعة الوحدة والتجديد" كلا من الهاروني، ومسؤول مكتب العلاقات الخارجية رفيق عبدالسلام (صهر الغنوشي)، ومسؤول المكتب السياسي نورالدين العرباوي.
ودعت المبادرة إلى "ضمان التداول القيادي في الحركة بما يسمح بتجديد نخبها"، وذلك وفق "مقتضيات نظامها الأساسي والأعراف الديمقراطية وسلطة المؤسسات".
وتواجه الحركة عدّة مشاكل، خاصة في ما يسمي بـ"الانتقال القيادي"، في أجواء مشحونة بالتجاذب والمغالبة، بين نفوذ الغنوشي وتمسّكه بكرسي الرئاسة، وبين شق آخر يضم وجوها بارزة على رأسها وزير الصحة الحالي عبداللطيف المكي.

المنظومة الحزبية للنهضة بمجملها مريضة وأصبحت عبئا على تونس

وتأتي مبادرة القيادات التاريخية المطالبة بالتغيير في وقت تفاقمت فيه الضغوط على الغنوشي الذي يترأس البرلمان التونسي أيضا ويواجه مساعي لعزله من منصبه تقودها رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي التي تمكنت من استنهاض معارضة برلمانية واسعة لترؤس الغنوشي للبرلمان التونسي.
ولا يخفي عديد من القيادات المحسوبة على "تيار الصقور" امتعاضهم من طريقة تسيير الحركة واتخاذ القرار فيها، بعد أن استفحل تجاوز الغنوشي لمقررات مجلس الشورى وتوجيهاتها في العديد من المناسبات.
وتحمل هذه القيادات الغنوشي مسؤولية تراجع " شعبية" الحركة وتقلص أنصارها وذلك بعد اتباعه سياسات تخالف مقررات مجلس الشورى خاصة في علاقته بالتحالفات الحزبية والتوجهات الكبرى للحركة. 
وقال عبد الحميد الجلاصي، وهو من القيادات الوازنة المستقيلة من الحركة مؤخرا، إنه "يوجد فجوة بين النهضة وقاعدتها الانتخابية وبين القاعدة النضالية والقيادات الحزبية، المنظومة الحزبية بمجملها مريضة وأصبحت عبئا على تونس".
ولمح الجلاصي لمحاولات الغنوشي الالتفاف على القانون الداخلي واعتزامه الترشح لولاية أخرى بالقول "لو كان الغنوشي ينوي تمرير السلطة لبدأ في تفويضها تدريجيا لكنه لا ينوي المغادرة وسيبحثون عن اليات قانونية لتجديد عهدته."
وتضع الاستقالات من الوزن الثقيل الغنوشي أمام خيارين: إما الانسحاب من رئاسة الحركة أو المضي قدما في تجاهل الأصوات المطالبة بالتغيير، فيما لا يبدو انسحابه السيناريو الأكثر ترجيحا. 
ويمثل تجاهل الأصوات المطالبة بالتغيير السيناريو الأقرب الذي سينتهجه الغنوشي، ما لم يحصل طارئ، فهو منهمك الأن في المناورات السياسية وتحصين موقع الحركة في الحكم بعد دعوته الى توسيع الائتلاف الحكومي، ما لم يترك وقتا لتنظيم المؤتمر الحادي عشر وبالتالي امكانية تأجيله أصبحت في حكم المؤكد نظرا لضيق وقت الترتيبات.  
وليس مستبعدا أن يتم تأخير تاريخ عقد المؤتمر مرة أخرى بعد أن كان مقررا في شهر مايو/أيار الماضي بانتظار التوصل إلى صيغة من شأنها التحكم في الخلافات الداخلية في الحركة الاسلامية.