نتنياهو عالق في معادلة صعبة للبقاء في السلطة

رئيس الوزراء الإسرائيلي يجد نفسه في مفارقة عجيبة وسابقة في إسرائيل تفترض منه الجمع بين اليمين المتطرف وإسلاميين للبقاء في السلطة.
نتنياهو يحتاج ليستمر في السلطة إلى دعم الحركتين السلامية والصهيونية
البراغماتية ترسم تحالفات متناقضة عقائديا وسياسيا في إسرائيل
الحركة الإسلامية الجنوبية تتحول إلى رقم صعب في معادلة التوازنات السياسية
الحركة الإسلامية الجنوبية في إسرائيل تتبنى الفكر الإخواني

القدس - يجد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفسه هذا الأسبوع أمام تحد فريد من نوعه في تاريخ إسرائيل إذ يواجه صعوبة في تنفيذه وهو الجمع بين اليمين المتطرف والإسلاميين في حكومة واحدة.

ويوصف نتنياهو بالدهاء لقدرته على استخدام الألاعيب السياسية التي أبقته في السلطة سنوات طويلة، لكن التحدي الأخير يطرح تساؤلا حول قدرته على تجاوز هذا المأزق السياسي.

واستنادا إلى النتائج النهائية للانتخابات الإسرائيلية العامة التي جرت الثلاثاء، يحتاج نتنياهو ليستمر رئيسا للوزراء إلى دعم كل من القائمة العربية الموحدة التي تمثل الحركة الإسلامية الجنوبية التي تتبع فكر الإخوان المسلمين وحزب الصهيونية الدينية اليميني المتطرف الذي يعادي العرب والمسلمين بشكل علني.

وتقول جايل تالشير أستاذة العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس المختصة بمتابعة الانتخابات وهي الرابعة في غضون عامين "إنها مفارقة تاريخية. من غير المعقول" أن يكون المستقبل السياسي للدولة اليهودية الوحيدة في العالم مرتبطًا بذلك، بجزء من الحركة الإسلامية"، لكن حتى هذه الخبيرة كادت لا تجد كلمات تعبر عما يحدث هذه المرة.

ونُشرت النتائج الكاملة للانتخابات الأخيرة ليلة الخميس وهي الثانية في إسرائيل منذ بداية تفشي وباء كوفيد-19.

وبعد حساب توزيع المقاعد البرلمانية في ظل نظام التمثيل النسبي في إسرائيل ظهر أن حزب الليكود اليميني بزعامة نتنياهو يتصدر النتائج بحصوله على 30 من أصل 120 مقعدا في البرلمان.

وجاء حزب يش عتيد "يوجد مستقبل" الوسطي في المرتبة الثانية بفارق كبير إذ حصل على 17 مقعدا.

وحلت بعدهما مجموعة من الأحزاب ذات التوجهات والأجندات المختلفة تماما، الفلسطينيون العرب في إسرائيل واليهود المتشددون واليساريون والمحافظون واليمينيون المتطرفون.

ويجمع نتنياهو وحلفاؤه اليمينيون المعلنون 52 مقعدا، بينما يمكن أن يحصل يائير لبيد وشركاؤه المحتملون المناهضون لنتنياهو على تأييد 57 نائبا. ويتدافع كل جانب للحصول على تأييد 61 مقعدا مطلوبة للأغلبية.

ويجب على نتنياهو للاحتفاظ برئاسة الوزراء التي شغلها لمدة 12 عاما متتالية اجتذاب المنشقين عن الأحزاب المعارضة أو تجنيد واحد من اثنين من "صانعي الملوك" غير المنحازين حاليا لدعمه.

وأحدهما نفتالي بينيت وهو زعيم لليمين اليهودي المتشدد والآخر هو منصور عباس رئيس القائمة العربية الموحدة (الحركة الإسلامية الجنوبية) التي فاجأت المحللين بفوزها بأربعة مقاعد.

ولا يتعين على نتنياهو إيجاد أرضية مشتركة بين الرفقاء غير المتوقعين فحسب، بل يجب عليه أيضا أن يفعل ذلك دون أن يخسر حزب الصهيونية الدينية اليميني المتطرف كحليف له.

وتقول تالشير "إنه لأمر غريب تماما أن نرى أن منصور عباس قد يفسح المجال بأن يصبح معظم المعادين للمسلمين في البلاد في الحكومة". ومهما بدا الأمر غريبا، فإنها ترى أنه مع ذلك سيناريو معقول.

وتقول "عباس يمارس لعبة التكتيك" ومقابل الدعم الرسمي لنتنياهو فإن رئيس الوزراء "سيعِد عباس بأشياء يريدها من حيث تخصيص ميزانية وبرنامج للقطاع العربي"، مضيفة "ثم تصوت قائمة منصور عباس في البرلمان مع حكومة نتنياهو المقبلة، دون أن تكون رسميا جزءا منها".

وفي تصريحات نُشرت الخميس، رفض زعيم الصهيونية الدينية إيتمار بن غفير الذي اتهم عشرات المرات بالتحريض على العنصرية ودعم الإرهاب ضد العرب أي اتفاق مع عباس.

وكتبت السياسية سيما كادمون الجمعة في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية الأكثر مبيعا "لكن هذه ليست الكلمة الأخيرة"، مضيفة أن "نتنياهو معروف بقدرته على عصر الحجر" وما زال بإمكانه إقناع اليمين اليهودي بقبول المساعدة من حزب إسلامي. وقالت "سيؤكد لهم أنه سيغير تشكيل الحكومة في المستقبل، سيعدهم بالقمر".

ويرى المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية المشارك في جامعة تل أبيب أمل جمال أن "لا خطوط حمراء عند منصور عباس في الساحة الإسرائيلية".

وبحسب جمال، فإن عباس سيحاول "مغازلة جميع الأطراف"، مضيفا أن "اللعبة تتطلب البراغماتية وإتقان لعبة الأرقام".

وعما إذا كان نتنياهو سيطلب دعم عباس لتشكيل ائتلاف حكومي، يقول المحلل السياسي إن رئيس الوزراء سيقدم على ذلك "كورقة أخيرة".

ويرى أنه "يمكن لزعيم يش عتيد يائير لبيد تحسين فرصه من خلال محاولة تشكيل حكومة تدعمها الأحزاب العربية والحركة الإسلامية، لكن ليفعل ذلك، سيحتاج لبيد إلى الكثير من الخيال والإقناع.

وترشحت القائمة الموحدة بقيادة عباس منصور ضمن القائمة المشتركة في الانتخابات الماضية، لكنه انفصل عنها بسبب خلافات مع مكوناتها الشيوعية والعلمانية القومية وبالأساس لاتصالاته مع حزب الليكود.

ومن شأن حصوله على دعم الطرفين أن يجعل لبيد رئيسا لوزراء إسرائيل التي أصدرت في عام 2018 قانون القومية الذي يكرس الطابع اليهودي للدولة.

ولهذا، فإن بعض شركاء لبيد المحتملين من اليمين المناهض لنتنياهو كانوا مؤيدين لهذا القانون ويعارضون رؤية حكومة إسرائيلية تعتمد على دعم العرب.

وقال منصور عباس "هذه الانتخابات وضعتنا في مركز مهم وان نكون بيضة القبان"، مضيفا "اتصلت بنا كل القوى الساعية إلى تشكيل ائتلاف حكومي قبل وبعد الانتخابات"، موضحا "ما تحدثت به سابقا انه عندما نتحول إلى قوة سياسية عربية مستقلة واثقة مبادرة وفاعلة تفتح أمامنا خيارات واسعة ونخرج من وصاية اليسار ولا ندخل في وصاية اليمين".

وأشار إلى أن "كل ما تحدثت به يتحقق أمامي الآن ونحن نتجه في الاتجاه الصحيح وبدون أن نرفع سقف توقعاتنا، انشاء الله الأمور تسير بالشكل الصحيح".

وشدد "نحن كقائمة عربية خياراتنا مفتوحة على الجميع، قرارنا النهائي نأخذه بناء على تحقيق مصالح مجتمعنا العربي عندما نطمئن ونثق بأن مطالبنا ستتحقق نتخذ قرارنا بدعم هذا أو ذاك".

ورأى أن "إسرائيل تعيش أزمة سياسية حادة وما لم يستوعبوا الدرس أن الأحزاب السياسة العربية لها دور في السياسة العامة لن يخرجوا من الأزمة".