نجوم عالميون يبعثون برسالة إلى غزة من كان السينمائي

طيف الحرب في أوكرانيا وغزة يحضر بقوة في انطلاق فعاليات الدورة الثامنة والسبعين من المهرجان.

كان (فرنسا) - ينطلق مهرجان كان السينمائي، الثلاثاء، بمشاركة كوكبة من النجوم بينهم روبرت دي نيرو وليوناردو دي كابريو، في ظل استمرار النزاعات في العالم، من أوكرانيا إلى غزة التي شكل الصراع فيها محور رسالة وقّع عليها مئات السينمائيين.

ويشهد حفل الافتتاح تقديم جائزة السعفة الذهبية الفخرية لروبرت دي نيرو البالغ 81 عاما عن مجمل مسيرته الفنية، وسيقدم له هذه الجائزة ليوناردو دي كابريو، شريكه على الشاشة في أحدث أفلام مارتن سكورسيزي، "كيلرز أوف ذي فلاور مون".

وسيصغي عالم السينما باهتمام شديد إلى كلمة دي نيرو المعروف بمعارضته العلنية لدونالد ترامب، والذي يشعر بالقلق إزاء صعود الأنظمة الاستبدادية وتهديد الرئيس الأميركي بفرض ضريبة بنسبة 100 في المئة على الأفلام المنتجة خارج الولايات المتحدة.

وكان ترامب أعلن في أوائل مايو/أيار الجاري أنه يريد فرض رسوم جمركية بنسبة مئة في المئة على الأفلام المنتجة خارج الولايات المتحدة، لإنقاذ هوليوود التي قال إنها "تموت بسرعة مذهلة" بسبب تصوير الأعمال في الخارج.

وأثار تصريح ترامب مخاوف في القطاع، إذ اعتبر محترفون كثر أن هذه الرسوم الإضافية من شأنها أن تضرّ بتمويل الأفلام والمسلسلات، من دون أن تتيح للولايات المتحدة بأن تصبح مرة جديدة موقع تصوير جذاب مقارنة بعدد كبير من البلدان (المملكة المتحدة، وكندا، وفرنسا…) التي تقدم مزايا ضريبية.

ودعت استوديوهات هوليوود الكبرى وعدد من النقابات المهنية في القطاع المرئي والمسموع ترامب إلى تقديم إعفاءات ضريبية لتصوير الأفلام والمسلسلات في الولايات المتحدة، في رسالة تتجاهل بشكل واضح الرسوم الجمركية التي يهدد الرئيس الأميركي بفرضها على القطاع.

وسيتضمن الحفل أيضا مفاجأة من ميلين فارمر، إذ ستؤدي المغنية وعاشقة السينما وعضو لجنة التحكيم السابقة أغنية خلال الأمسية.

ويشارك في الأمسية أيضا المغنية الفرنسية جولييت أرمانيه، وهي نجمة فيلم الافتتاح "بارتير أن جور" (Partir un jour)، وهو أول فيلم روائي طويل من إخراج أميلي بونان سيُعرض في صالات السينما في فرنسا في الوقت نفسه.

وهذه أول مرة يُفتتح فيها مهرجان كان بفيلم روائي طويل يشكل باكورة أعمال مخرجه، كما أنها "ثالث مرة فقط، بعد ديان كوريس ومايوين، تفتتح فيها مخرجة مهرجان كان السينمائي".

ودان كثر من نجوم السينما العالمية "الصمت" حيال "الإبادة الجماعية" في غزة، وذلك في رسالة مفتوحة نُشرت في عدد الثلاثاء من صحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية بمناسبة افتتاح مهرجان كان السينمائي

فبعيدا عن الشاشة، وقع نحو 400 مخرج سينمائي من بينهم المخرج الفائز بجائزة السعفة الذهبية مرتين السويدي روبن أوستلوند، والمخرج الكندي ديفيد كروننبرغ، والمخرج الإسباني بيدرو ألمودوبار، والممثلة والممثل الأميركيان سوزان ساراندون وريتشارد غير، رسالة مفتوحة لدعم غزة، جاء فيها "نحن الفنانين والممثلين الثقافيين، لا يمكننا أن نبقى صامتين بينما تقع إبادة جماعية في غزة".

ويرتدي هذا النص رمزية كبيرة قبل ساعات قليلة من افتتاح أكبر مهرجان سينمائي في العالم.

وحيّت الرسالة ذكرى فاطمة حسونة، المصوّرة الصحافية التي قُتلت في قصف إسرائيلي في منتصف أبريل/نيسان، وهي محور فيلم وثائقي من المقرّر عرضه في المهرجان.

وتساءل الموقّعون على الرسالة، ومن بينهم أيضا المخرجة الفرنسية جوستين ترييه والممثل البريطاني رالف فاينز، "ما الهدف من مهنتنا إن لم نستخلص دروس التاريخ والأفلام الملتزمة، إن لم نكن موجودين لحماية الأصوات المضطهدة؟".

وقالت إحدى المجموعات التي تقف خلف هذه المبادرة لوكالة فرانس برس إنّ رئيسة لجنة تحكيم مهرجان كان السينمائي، الممثلة الفرنسية جولييت بينوش، كانت في البداية من بين الموقّعين على الرسالة، لكنّ اسمها لم يظهر بين الشخصيات الـ34 التي كشفت عنها صحيفة ليبيراسيون.

وأعرب النجوم أيضا في رسالتهم عن قلقهم إزاء "الافتقار إلى دعم" أكاديمية الأوسكار عندما تعرّض الفلسطيني حمدان بلال لاعتداء من جانب مستوطنين إسرائيليين في نهاية شهر مارس/آذار بعد أيام قليلة من فوزه بجائزة الأوسكار عن فيلمه الوثائقي "لا أرض أخرى".

ولفت النجوم إلى أن "مثل هذه السلبية تجعلنا نشعر بالخجل"، مطالبين بتحرّك "من أجل كلّ الذين يموتون في ظل عدم مبالاة"، مشددين على أنه "يجب على السينما أن تحمل رسائلهم".

ومن جانبها، قالت وزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي، الثلاثاء، إن نجوم السينما الذين وقّعوا على الرسالة المفتوحة إنما يؤدون "دورهم"، موضحة خلال زيارة إلى بروكسل أن "دورهم هو اتخاذ موقف والتعبئة بشأن ما يحدث في العالم"، مؤكدة أن "الالتزام جزء من دورهم"، معتبرة أن "الثقافة والسياسة تسيران جنبا إلى جنب".

وخصص المهرجان يوم افتتاحه لحرب أخرى، تلك التي تشنها روسيا على أوكرانيا، وذلك من خلال عرض ثلاثة أفلام وثائقية، من بينها "حربنا" (Notre Guerre) للمفكر الفرنسي برنار هنري ليفي.

قد يثير حدث آخر من خارج المهرجان ضجة الثلاثاء، إذ تنطلق الدورة الـ78 من الحدث السينمائي العالمي بعد ساعات قليلة من الحكم على جيرار دوبارديو بالسجن لمدة 18 شهرا مع وقف التنفيذ بتهمة الاعتداء الجنسي أثناء تصوير فيلم. وينوي الممثل استئناف الحكم.

ومن الأفلام إلى السجادة الحمراء، يجذب مهرجان كان السينمائي الذي حققت أفلامه العام الماضي نجاحا لافتا في حفلة توزيع جوائز الأوسكار، أسرابا من النجوم: من توم كروز إلى نيكول كيدمان ودنزل واشنطن، مرورا بجنيفر لورانس وروبرت باتينسون.

وتمنح جولييت بينوش وأعضاء لجنة التحكيم، بينهم الممثلان جيريمي سترونغ وهالي بيري والروائية ليلى سليماني، جائزة السعفة الذهبية في الرابع والعشرين من مايو/أيار الجاري إلى أحد الأفلام الـ22 المشاركة في المنافسة.

ويتنافس في مسابقة المهرجان 22 فيلما، من بينها فيلم "جون مير" (Jeunes meres) للأخوين البلجيكيين جان بيار ولوك داردين المتخصصين في الأفلام الاجتماعية والساعيين إلى الفوز بالسعفة الذهبية للمرة الثالثة، و"ألفا" (Alpha) للمخرجة الفرنسية جوليا دوكورناو التي استعانت بطاهر رحيم وغولشيفته فرحاني وتأمل في الحصول على لقب ثان بعد نيلها الأول عن "تيتان".