نداءات دولية لاستعادة الجهاديين الأجانب المعتقلين في سوريا
ستراسبورغ (فرنسا) - دعت مفوضة مجلس أوروبا لحقوق الإنسان الجمعة الدول الأعضاء للسماح بعودة مواطنيها المعتقلين في سوريا بسبب التحاقهم بتنظيم الدولة الإسلامية، في خطوة تعارضها فرنسا وبريطانيا بشكل خاص.
وتثير هذه القضية سجالات بين الحكومات الأوروبية ومنظمات حقوقية، حيث تتردد الأولى في استعادة الجهاديين الأجانب وعددهم بالمئات قاتلوا في صفوف داعش إلى أن أسرتهم قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة أميركيا والتي تشكل الوحدات الكردية عمودها الفقري ورأس الحربة في الحرب على التنظيم المتطرف.
وفيما أعادت بعض الدول مثل ألمانيا وهولندا عددا من مواطنيها الذين قاتلوا مع الجهاديين، إلا أن دولا أخرى أعادت فقط الزوجات والأطفال الذين كانوا معهم.
ومن أكثر الدول التي تعارض فكرة ودعوات إعادة هؤلاء فرنسا وبريطانيا القلقتان من إعادة رعايا جنحوا إلى التطرف، وتعتبران أنه على أن البالغين الذين التحقوا بالمسلحين والمعتقلين في مخيم تسيطر عليه قوات كردية، يجب أن يمثلوا أمام محاكم محلية.
لكن مفوضة مجلس أوروبا لحقوق الإنسان دنيا مياتوفيتش قالت إن رعايا دول المجلس البالغ عددها 47 دولة "يدخلون ضمن الاختصاص القضائي لتلك الدول"، بحسب بيان لمكتبها.
وذكر البيان أن "الوضع الصحي والأمني القائم في المخيمات يعرض للخطر حياة والصحة الجسدية والعقلية لأولئك المعتقلين هناك، ولا سيما الأطفال".
وأضاف "وضع كهذا لا يمكن أن يتوافق مع منع التعذيب أو المعاملة غير الإنسانية أو المهينة المنصوص عليه في المادة 3" من الميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان.
وكانت مياتوفيتش ترد على طعنين قضائيين رفعتهما عائلات، برفض إعادة فرنسا أقارب معتقلين في مخيم الهول الشاسع في شمال شرق سوريا.
وأكدت المفوضة أن "إخراج جميع الأطفال الأجانب من المخيمات أولوية مطلقة"، مشددة على "ضرورة إعادة أمهاتهم معهم".
ويُحتجز في المخيم نحو 64 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، من بينهم آلاف من أوروبا وآسيا يشتبه بأنهم يرتبطون بعلاقة عائلية مع مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية.
في المخيم قرابة 80 فرنسية و200 من أطفالهن، على سبيل المثال، لكن فرنسا استعادت فقط 35 طفلا يتيما أو وحيدا، جميعهم دون عشر سنوات.
واعتبرت المحامية ماري دوسيه التي قدمت الطعنين أن "موقف المفوضة يتناقض في جميع النقاط مع موقف فرنسا، ويشكل دعما حاسما للعائلات ولحل هذه القضية"، مضيفة أن "هؤلاء الأطفال وأمهاتهم يجب إعادتهم في أسرع وقت، وإعادتهم تعتمد حصرا على السلطات الفرنسية".
وحذرت مجموعات إغاثة من الظروف السيئة لمخيم الهول بالنسبة لسجناء يفتقرون للرعاية الصحية الكافية والماء.
كما حض وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن حلفاء الولايات المتحدة هذا الأسبوع على استعادة مواطنين معتقلين لانضمامهم لتنظيم الدولة الإسلامية، محذرا من أنه من غير الممكن احتجازهم في سوريا إلى ما لا نهاية.
وقال مكتب مياتوفيتش إن "إخراج جميع الأطفال الأجانب من المخيمات أولوية مطلقة وإلزامية"، مضيفا "من أجل ضمان مصلحتهم، يتعين ترحيل أمهاتهم معهم".
ونشر نحو 120 أستاذا جامعيا ومثقفا فرنسيا مقالا في 18 يونيو/حزيران يدعو الحكومة إلى "الإعادة الفورية" للأطفال الفرنسيين المحتجزين مع أمهاتهم في مخيمات حيث "يموتون ببطء".
واشتكت قوات سوريا الديمقراطية التي تتولى مهمة إدارة مخيم الهول الأكثر اكتظاظا والذي شهد حوادث أمنية ضمن نشاط بعض نساء داعش تشكيل نواة جديدة للتنظيم بدفع من متطرفين من خارجه، من عب ثقيل في ظل ظروف أمنية صعبة.
وحذرت من انفجار الوضع في المخيم ومن فرار معتقلين من جهاديي داعش المعتقلين لديها، حيث أحبطت مرارا تمردا داخله ومحاولات فرار.
وتتولى الإدارة الكردية الذاتية إدارة تلك المخيمات والسجون التي تحتجز فيها المئات من الجهاديين الأجانب وعائلاتهم وأبنائهم، لكنها دعت مرارا الدول التي يتحدر منها هؤلاء لاستعادتهم.
وتخشى تلك الدول من أن يتحول ابناء الجهاديين خاصة إلى مشاريع إرهابيين على أراضيها بعد أن تربوا في بيئة خصبة بالتطرف وتشبعوا بأفكار داعش، بينما تطالب منظمات حقوقية باستردادهم وإعادة تأهيلهم وهي مهمة صعبة وغير مضمون النتائج.