نظرية التطهير والاصلاح في الجزائر.. بالفساد!

في كل صغيرة وكبيرة في الجزائر، أمور الإصلاح توكل إلى من ساهم في التخريب.

لو أعطيت مكشطة متسخة لصبي، وطلبت منه أن ينظف بها مكانا وصل الى درجة كبيرة من العفن لضحك عليك بفطرته وقال لك: إنّ المكشطة متسخة يا هذا وليس من المنطق ولا من العقل ولا من الحكمة أن أنظف مكانا بمكشطة متسخة. ناولني مكشطة نظيفة أستطيع أن أنقي بها هذا المكان المتعفن، وناولني المطهرات حتى أقضي على الميكروبات التي تتكاثر في هذا المكان وتعطي رائحة كريهة، حتى أضمن على الأقل توقيف تكاثرها وأخلص المحيط من درن هذه الفضلات وهاته النفايات.

إذا كان هذا الحال بتنظيف مكان محدود الرقعة، فكيف الحال يا ترى بتنظيف وطن بحجم قارة، عشعش فيه الفساد وتراكم وتغوّل وأصبح الفساد منظومة تسيره عصابات، نخرت جميع المؤسسات دون استثناء، وتحاول أن تقضي على بلد بإسره؟

يبدو أنّ ما يجري في الجزائر من خلال ما نسمعه عن عملية التطهير قاعدة شاذة، والشاذ يقاس عليه في الجزائر حسب المروجين لنظرية التطهير والاصلاح بأناس متورطين في الفساد ومنهم من هو والغ في الدماء!

إن من يتحدثون عن التطهير في مؤسسات الدولة الرسمية، يكذبهم الواقع كل يوم، من خلال خلف المواعيد، واعلان الصفقات، والتنحيات التي طالت شبابا واحالتهم على التقاعد فيما تعطى المسؤوليات لعجزة معروفين بمحدودية فكرهم، ومن خلال الزيارات المختلفة لأرباب المال الفاسد... وتبين أن دار لقمان لاتزال على حالها...بل يزداد الوضع تفاقما واحتقانا وتعفنا.

هل من المنطق أيها الناس: أن نستشرف المستقبل الزاهر بأناس أثبت الواقع كذا مرة أنهم محدودي الأفق وقصيري النظرة؟

هل يمكن أن نخطط الى التنمية المستدامة في الجزائر بأناس لا يعرفون تشغيل هواتفهم النقالة ولا الحواسب، الا باستعانة من الخدم، وثقافتهم هي القيل والقال؟

هل يمكن أن تحصل النهضة في الجزائر برؤوس فارغة لا تنتج ربع فكرة في العام؟ ويسترقون أفكار غيرهم ويحاولون تقمصها وعاجزين على تحريكها أو تطويرها؟

هل يمكن أن نطور التعليم في الجزائر بأناس لا يستطيعون قراءة جملة مفيدة دون أخطاء؟

هل يمكن أن نبني ثقافة سياحية واعلاما سياحيا في الجزائر بأناس لا يعرفون في السياحة الا احتساء الخمور وتناول المسكرات، والسهرات الماجنة، والجنس؟

هل يمكن أن نطور إعلامنا بأناس لا يعرفون الا فن التشهير والقذف والتشويه والاتهام والعربدة الاعلامية؟

هل يمكن أن ننهض بالدعوة في الجزائر بدعاة لا يحسنون الا التزلف والمديح والشعوذة الفكرية والهاء الناس بمواضيع غير مواكبة للعصر؟

هل يمكن أن ننهض بالمؤسسة العسكرية صناعيا وحربيا ونبني عقيدة عسكرية تتلاءم مع هوية الشعب وتاريخه، بأناس لم يدخلوا الجامعة ولا يعرفون من التاريخ الا اسمه، ونحن في عصر أصبح الأمي هو من لا يحسن الرقميات؟

هل يمكن أن نطور عدالتنا بالأوامر الفوقية التي تأتي عن طريق الهاتف؟

وهل يمكن أن ننهض بالصحة بأناس يفتقدون الى ثقافة صحية؟

هل يمكن أن نحل أزماتنا المختلفة بأناس تربوا على التزوير والظلم والغدر وخلف العهود؟

إننا محتاجون الى مسؤولين من ذوي الكفاءات في كل المستويات وفي كل التخصصات وتتوفر فيهم شروط النظافة العقلية قبل البدنية، والنزاهة الفكرية قبل الادارية، والأخلاق الفضيلة، والالمام بثقافة عامة.

إذا أردنا أن ننهض بالجزائر فلتعد الكلمة لأهل الرأي والبصيرة، لأهل العزيمة والنصح والرشد، لأهل القيم، للقدرات الشابة التي تم تهميشها.

ولا يمكن أبدا أن نطور منظوماتنا المختلفة بأناس عشعش فيهم الفساد والجهل ويخشون العدالة أن تقوم في الجزائر نظير ما قاموا به من تعدي في حق هذا الشعب الذي يئن من الظلم منذ الاحتلال.