نوبل للسلام تكافئ الكفاح من أجل حرية التعبير

صحفيان أثار عملهما غضب السلطات في روسيا والفلبين هما دميتري موراتوف وماريا ريسا يحصدان الجائزة الرفيعة 'لنضالهما الشجاع في عالم تواجه فيه الديمقراطية وحرية الصحافة أوضاعا صعبة بشكل متزايد'.

أوسلو - حصل صحفيان أثار عملهما غضب السلطات في روسيا والفلبين على جائزة نوبل للسلام اليوم الجمعة تكريما للحق في حرية التعبير الذي وصفته اللجنة المانحة للجائزة بأنه معرض للخطر في مختلف أنحاء العالم.

وقالت رئيسة لجنة نوبل النرويجية بيريت رايس-أندرسن في مؤتمر صحفي إن الصحفية الفلبينية ماريا ريسا والصحفي الروسي دميتري موراتوف حصلا على الجائزة "لنضالهما الشجاع من أجل حرية التعبير في الفلبين وروسيا".

وأضافت "وهما من ناحية أخرى يمثلان جميع الصحفيين الذين يدافعون عن هذه المُثُل في عالم تواجه فيه الديمقراطية وحرية الصحافة أوضاعا صعبة بشكل متزايد".

وسارع الكرملين لتهنئة الفائز الروسي رئيس تحرير صحيفة نوفايا غازيتا الروسية المستقلة، بفوزه بجائزة نوبل للسلام على جهوده في حماية حرية التعبير.

وقال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الرئيس فلاديمير بوتين للصحافيين "نهنئه. إنه موهوب وشجاع".

وموراتوف البالغ من العمر 59 عامًا هو أحد أكثر الصحافيين الروس الذين يحظون بالتقدير. وهو شغل، منذ عام 1995، عدة مرات منصب رئيس تحرير نوفايا غازيتا التي شارك في تأسيسها الزعيم السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف في عام 1993.

نوفايا غازيتا هي واحدة من وسائل الإعلام القليلة المتبقية التي تنتقد الرئيس فلاديمير بوتين.

ونقلت وكالة الأنباء الروسية تاس عن موراتوف قوله بعد الإعلان عن الجائزة "لا يمكنني أن أستأثر بكل الفضل في ذلك. الفضل يرجع إلى نوفايا جازيتا. إنه يرجع إلى من ماتوا وهم يدافعون عن حق الناس في حرية التعبير".

منذ عام 2000، قُتل ستة من الصحفيين والمساهمين في الصحيفة على خلفية عملهم بمن فيهم الصحافية الاستقصائية الأبرز من بينهم آنا بوليتكوفسكايا.

والخميس، ترأس موراتوف في مقر تحرير الصحيفة حفل تكريم بوليتكوفسكايا التي قُتلت قبل 15 عامًا.

كانت بوليتكوفسكايا من أشد المنتقدين لبوتين وحروب الكرملين في الشيشان وقُتلت بالرصاص في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2006، في مدخل مبنى شقتها في وسط موسكو، وكانت تبلغ من العمر 48 عامًا.

اما ماريا ريسا البالغة من العمر 58 عاما فقد شاركت في 2021 في تأسيس المنصة الرقمية للصحافة الاستقصائية "رابلر" التي سلطت الضوء على "حملة نظام (الرئيس الفيليبيني رودريغو) دوتيرتي المثيرة للجدل والدموية لمكافحة المخدرات"، كما قالت لجنة نوبل.

وقالت ريسا إن منح جائزة نوبل للسلام لصحافيين يثبت أن "لا شيء ممكن بدون الحقائق". وأضافت في مقابلة أذاعتها على الهواء مباشرة عبر موقعها للإعلام الاستقصائي أن "عالمًا بلا حقائق يعني عالماً بلا حقيقة وبدون ثقة".

وهذه هي المرة الأولى التي يحصل فيها صحفيون على الجائزة منذ أن فاز بها الألماني كارل فون أوسيتسكي عام 1935 لكشفه عن برنامج بلاده السري لإعادة التسلح بعد الحرب.

وقالت رايس أندرسن "تعمل الصحافة الحرة المستقلة القائمة على الحقائق على الحماية من إساءة استخدام السلطة والأكاذيب والدعاية للحرب"

وستمنح جائزة نوبل للسلام في العاشر من ديسمبر/كانون الأول، في ذكرى وفاة رجل الصناعة السويدي ألفريد نوبل الذي أسس الجوائز المرموقة في وصيته عام 1895.

"دعوة إلى العمل" 

أكد الأمين العام لمنظمة مراسلون بلا حدود كريستوف ديلوار بعد الإعلان عن منح الجائزة لصحافيين "في هذه اللحظة هناك شعور بالفرح وآخر بالإلحاح... الفرح لأنها رسالة رائعة وقوية للغاية لصالح الصحافة. تحية طيبة جدا لصحافيين ... يمثلان جميع الصحافيين على هذا الكوكب الذين يخاطرون لتعزيز الحق في المعلومات". وأضاف "وفي الوقت نفسه هناك شعور بالإلحاح لأن الصحافة تضعف ولأن الصحافة تتعرض للهجوم والديموقراطيات كذلك".

ورأى أن "المعلومات المضللة والشائعات تضعف الصحافة بقدر ما تضعف الديموقراطيات وأن الوقت قد حان للعمل".

قالت ريس اندرسن إن "لجنة نوبل النروجية مقتنعة بأن حرية التعبير وحرية المعلومات تساعدان على إبقاء الجمهور على اطلاع. هذه الحقوق هي شروط أساسية مسبقة للديموقراطية ولتجنب الحروب والنزاعات".

واضافت أن "الصحافة الحرة المستقلة والواقعية تعمل على الحماية من إساءة استخدام السلطة والأكاذيب والدعاية للحرب".

وحسب آخر ترتيب سنوي لمنظمة "مراسلون بلا حدود" التي يعتقد أنها كانت مرشحة للجائزة، فإن وضع حرية الصحافة إشكالي وصعب وخطير جدًا في حوالى ثلاثة أرباع (73%) 180 دولة تم تقييمها، وجيد أو مرض في 27% منها فقط.

ويظهر على عداد وضعته مراسلون بلا حدود على موقعها الالكتروني أن 24 صحافيا محترفا قتلوا منذ بداية 2021 و350 آخرين لا يزالون في السجن حتى الآن.

ومن الصحافي السعودي جمال خاشقجي الذي قُتل في قنصلية بلده في إسطنبول في 2018 إلى صحيفة "آبل ديلي" المؤيدة للديموقراطية التي انتقدتها بكين مرارا وأجبرت على الإغلاق هذا العام في هونغ كونغ، تتصاعد محاولات إسكات الصحافة.

"تضليل" 

تُستهدف المعلومات بشكل منهجي في الأنظمة الاستبدادية وفي ساحات القتال لكن "التضليل" يشوش على النقاش العام في البلدان التي تعيش بسلام.

وخلال جائحة كوفيد شعرت منظمة الصحة العالمية بالقلق منذ بداية 2020 بشأن "وباء المعلومات"، وهو فيروس يمكن أن يتخذ أشكالًا مختلفة ويخدم أغراضًا مختلفة.

ومن خلال جيوش من "المتصيدين" على شبكات التواصل الاجتماعية اتُهمت روسيا بمحاولة التدخل في الانتخابات في الولايات المتحدة وأماكن أخرى وهو ما نفته موسكو.

وقالت ريس أندرسن "بدون حرية التعبير وحرية الصحافة، سيكون من الصعب النجاح في تعزيز الأخوة بين الأمم ونزع السلاح وإيجاد عالم أفضل".

تُسلم الجائزة التي تتألف من شهادة وشيك بقيمة عشرة ملايين كرونة (980 الف يورو) تقليديا في العاشر من كانون الأول/ديسمبر في ذكرى وفاة ألفريد نوبل (1833-1896).

وبعد جائزة السلام وهي الوحيدة التي التي تُمنح في العاصمة النروجية، سيعود موسم نوبل إلى ستوكهولم لمنح جائزة الاقتصاد الاثنين.