نورالدين الرياحي يطل على 'أمل' من عوالم النوافذ

التشكيلي التونسي يرى النافذة كاطار للعبارة التشكيلية للقول بالجمال والبساطة والهدوء والشجن الناعم في عالم يلفه الصخب والافتعال والصراخ والضجيج القاتل ضمن عنوان عولمة هدامة كثيرا ما سعت لقتل الخصائص والمميزات البسيطة والعميقة.

بحضور عدد من الفنانين ورواد الفضاء المعد للمعارض "سانت كروا" بالمدينة العتيقة والتابع لبلدية تونس وباشرافها يفتتح الفنان التشكيلي نور الدين الرياحي معرضه الشخصي للعام الجديد وذلك بعنوان "أمل" عشية السبت ليتواصل الى غاية يوم 27 من يناير/كانون الثاني ليكون هذا المعرض بمثابة البانوراما الفنية لمنجزه الفني بعد سلسلة معارض ومشاركات فنية بين الجماعية والخاصة وخصوصا اثر اصداره لكاتالوغ فني يضم حيزا من تجربته التشكيلية لأكثر من أربعة عقود وفيه أعمال فنية متنوعة مع نصوص تحيل الى جوانب من أعماله.

معرض "أمل" تجربة جديدة يعيشها صاحب النوافذ الفنان نور الدين الرياحي الذي يرسم من خلال دواخله الملونة التي يقدمها في معارضه الفردية والجماعية حيث الفن لديه عالم بأسره والرسم جزيرة هواجسه وأحلامه يلوذ بها ولا يترك للعابرين غير نوافذ يفتحها عليهم مثقلة بالدهشة.. فيها المشاهد والأمكنة والظلال والغلال والثمار والحدائق القائلة بالعذوبة.. انها نوافذ النور الأخرى.. انها عبارات الأمل وهي تنبثق من الأعمال.

انها النافذة كاطار للعبارة التشكيلية للقول بالجمال والبساطة والهدوء والشجن الناعم في عالم يلفه الصخب والافتعال والصراخ والضجيج القاتل ضمن عنوان العولمة الهدامة التي كثيرا ما سعت لقتل الخصائص والمميزات البسيطة والعميقة..

عبر النوافذ اذن يفضح الفنان هذا الهراء الكوني ليأخذنا الى ما هو دافئ وباذخ في ذواتنا وصرنا نتناساه أو لا نبالي به في هذه الزحمة الموبوءة من الشواغل العابرة والضيقة والسطحية بالنظر الى تراثنا وحضارتنا وأمجاد أزمنتنا..

هكذا يأخذنا الرسام نورالدين الرياحي طوعا وكرها الى نشيده الملون والمعطر بالألفة والمحبة والتحنان لنرى عالما بسيطا وجميلا وساحرا بحميميته وعمقه وسعة حياته بعيدا عن الخراب والدمار المبين الذي حل بالكائن أيامنا هذه في حله وترحاله..

وهكذا كانت تحدثنا اللوحات.. الرسام نور الدين الرياحي هذا الطفل المأخوذ بالذكرى والمسكون بالجمال المبثوث في المشاهد يبرز ذلك في معرضه المذكور.. ان الرسم مساحة من مساحات القول الجمالي ذلك أن الحيز الممنوح للذات من عناصر وتفاصيل وأشياء يجعلها تتماهى بما توفر لديها من مفردة تشكيلية نحتا للقيمة وتأصيلا للكيان.. والفن تعدد اتجاهات وتيارات ورؤى مختلفة... الرسام نورالدين الرياحي انطلق مشواره الفني منذ الثمانينات وفق نهج يأخذ الفن الى حياة الناس اليومية بتفاصيلها المفعمة بالحميمية والحنين حيث تتعدد مناخات لوحاته بين اليومي وما ينطبع من حالات من البيت الى المقهى مرورا بالمشاهد من الأزقة والأمكنة التي رأى فيها الرياحي شيئا من حياته وأحلامه وهواجسه، تنوعت وتعددت معارض الرسام نور الدين الرياحي الذي وهب أحباءه فيها وجمهور فنه  نخبة من اللوحات التي نجد فيها  مسحة من حميمية العلاقة بالمكان حيث يبدع في مشهد الغابة أو أزقة المدينة الى جانب تلك العلاقة الوجدانية والفنية مع الحياة.. كما مثلت لوحات الشبابيك والنوافذ حيزا من علاقة النظر والانفتاح على الآخر بكثير من الرفعة والجمال والقول بالأصالة.

ان المتامل في أعمال الرياحي لا يملك الا أن ينساب مع عطور الحنين والذكرى والأصالة والتلقائية المولدة للألوان ضمن أحوال متعددة من الانطباعية والواقعية والبساطة حيث الرسم بالنسبة لنورالدين ذاك الضرب من بساطة الأشياء وحميمياتها الجارفة... والفن بالنهاية هو هذا...وذاك، معرض آخر وتجربة يسكنها الحنين.. الحنين الملون بحلم الرياحي في هذه الرياح العاتية للعولمة وتداعياتها في الأكوان..

النوافذ ..وآه من النوافذ. .ثمة ما يشي بالسحر في ما تمنحه من فسحة للعين..و هكذا هي نوافذ الفنان التي تمنحه من المشاهد والحكايات التي هي بالنهاية ما غنمه من حلمه الذي رافقه لسنوات وهو يهب الفرشاة والألوان شيئا من آهاته وغنائه الخافت وهبوبه الناعم مثل فراشات من ذهب الأزمنة. .نعم في سياق تجربته وفي هذا الحجر الصحي يواصل الفنان تأملاته الجمالية للقول بالفن يكتب عباراته ويطرح معانيه في هذا المجال الكوني والانساني المفتوح على النظر والرجاء..ا لفنان نور الدين الرياحي في معرض آخر وكتاب عن التجربة وهي تتواصل وأفق نحو الفن والابداع بتلوينات شتى.

"أمل" يشير الى تجربة الرياحي خلال عقود من المسيرة الفنية.. ويمضي باتجاه التفاؤل والمحبة والحياة رغم الحروب المدمرة ومنها الاعتداء الصهيوني الهمجي المتوحش بارادة ومشاركة من أميركا في عالم تنهار فيه القيم وهنا يفتح الرياحي رغم ذلك نوافذ للأمل لتنتصر مظاهر الجمال والسلام ومنها غزة الشامخة.