
هجمات طالبان المكثفة تستنفر القوات الأفغانية
هرات (أفغانستان) - اشتدت المعارك الخميس بين طالبان والجيش الأفغاني لليوم الثاني على التوالي في مدينة قلعة نو وارتفعت سحب الدخان الأسود فوق عاصمة ولاية بادغيس هذه في شمال غرب أفغانستان.
وأعلنت الحكومة إرسال مئات عناصر الكوماندوس بالمروحيات الى ولاية بادغيس للتصدي لهذا الهجوم الذي تشنه حركة طالبان، وهو الأول على عاصمة ولاية منذ بدء آخر مرحلة لانسحاب القوات الأميركية.
وقال عزيز توكلي وهو أحد سكان قلعة نو إن "حركة طالبان لا تزال في المدينة، يمكننا رؤيتهم يمرون على متن دراجاتهم النارية"، مضيفا "المتاجر مغلقة والشوارع مقفرة"، موضحا أن نصف السكان تقريبا فروا.
وقال مدير شؤون الصحة في بادغيس عبداللطيف روستي إن عشرة مدنيين أصيبوا بجروح ونقلوا الى المستشفى المركزي في المدينة منذ الصباح، بينهم نساء وأطفال.
الأربعاء وبعد ساعات فقط على إعلان الجيش الأميركي أنه أنجز انسحابه من أفغانستان بنسبة "أكثر من 90 بالمئة"، دخلت حركة طالبان التي استولت منذ مايو/أيار على مناطق ريفية واسعة واقتربت من عدة مدن كبرى، مدينة قلعة نو التي تعد حوالى 75 ألف نسمة.
وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن الخميس أن انسحاب قوات بلاده من أفغانستان سوف "ينتهي في 31 أغسطس/آب"، مشيرا إلى أن "على الأفغان إدارة بلادهم بأنفسهم".
وقال حاكم ولاية بادغيس حسام الدين شمس لوكالة فرانس برس إن "طالبان استأنفت هجماتها على عدة أقسام من المدينة"، لكنه أكد أنه "يجري صد العدو وهو يفر".
وأطلقت القوات الأفغانية هجوما مضادا لاستعادة المدينة.
وروت باريسيلا هيراوي وهي ناشطة في قلعة نو "لم يتمكن أحد من النوم الليلة الماضية بسبب القصف"، مضيفة أن "بصفتنا نساء، نحن قلقات جدا. اذا بقيت طالبان في المدينة، فلن نتمكن من العمل بعد الآن وسنفقد كل التقدم في مجال حقوق المرأة الذي تحقق في السنوات العشرين الماضية".
وأكدت ضياء غول حبيبي وهي عضو في مجلس ولاية بادغيس أن "الوضع لم يتغير فعليا منذ (الأربعاء)" مشيرة الى معارك "متقطعة" في المدينة.
وقالت "بعض عناصر قوات الأمن الذين انضموا الى صفوف طالبان يساعدونهم ويقومون بإرشادهم".
الأربعاء أفرج المتمردون عن مئات المعتقلين في سجن المدينة وسيطروا على مركز الشرطة.
على تويتر قال الناطق باسم وزارة الدفاع فؤاد أمان إن "وحدة كوماندوس وصلت الى بادغيس الليلة الماضية وستطلق عملية واسعة النطاق".

تقدم ثابت
وقال مسؤول أمني إن الهجوم "أثر أيضا على الولايات المجاورة" وبينها هرات الواقعة على الحدود مع إيران حيث سقط إقليم حدودي مع بادغيس في أيدي المتمردين الليلة الماضية.
وأضاف المصدر نفسه رافضا الكشف عن اسمه "هذا بث الذعر في كل مكان تقريبا".
وقال مسؤولون محليون ومن المتمردين إنه تمت السيطرة على إقليمين في هرات فيما كانت حركة طالبان تقترب من وسط الولاية.
انتقد روس ويلسون القائم بالأعمال الأميركي بشدة الهجوم على بادغيس الذي "ينتهك الحقوق الانسانية" بحسب قوله و"يزيد من صعوبة حياة المدنيين الأفغان الذين يواجهون أساسا الجفاف والفقر وفيروس كورونا".
بحسب منظمة هيومن رايتس ووتش فإن حركة طالبان أخرجت سكانا من بيوتهم في شمال أفغانستان وتقوم بنهب أو إحراق بعض المنازل بينما يضاعف مقاتلوها هجومهم على القوات الحكومية.
وذكرت المنظمة غير الحكومية أن سكانا في باغ شركت في ولاية قندوز تلقوا إنذارا صوتيا من المتمردين في نهاية يونيو/حزيران يطلب منهم مغادرة منازلهم خلال ساعتين "حفاظا على سلامتهم".
على مدى أشهر كانت طالبان تنتشر في محيط عواصم عدة ولايات في مختلف أنحاء البلاد فيما كان مراقبون يتوقعون أن تنتظر استكمال انسحاب القوات الأجنبية قبل أن تأمر بمهاجمة المدن.
على مر السنوات، أطلقت طالبان هجمات على عواصم ولايات في مختلف أنحاء البلاد وسيطرت لفترات وجيزة على مناطق حضرية قبل أن تطرد منها أمام الضربات الجوية الأميركية وبضغط من القوات البرية الأفغانية.
في هذا الوقت، يتواصل انسحاب القوات الأميركية من البلاد رغم تقدم حركة طالبان في مختلف أنحاء البلاد وتراجع القوات الأفغانية.
حُرمت القوات الأفغانية بذلك من الدعم الجوي الأميركي الذي كان يعتبر عاملا حاسما في المعارك، وهو يثير مخاوف بشأن عودة الحكم في قبضة المتمردين.
انسحبت القوات الأجنبية من العديد من القواعد بما يشمل قاعدة باغرام الجوية بشمال كابول الأسبوع الماضي. وهي أكبر منشأة عسكرية للتحالف في افغانستان وعصب العمليات منذ دخول القوات الأميركية البلاد بعد اعتداءات 11 سبتمبر/أيلول في الولايات المتحدة.
أعلن البيت الأبيض أن الانسحاب النهائي للجيش الأميركي سينجز بحلول نهاية آب/اغسطس. وسينهي بذلك 20 عاما من التدخل الأميركي في البلاد، وأطول حرب في تاريخ الولايات المتحدة.