هجوم دموي في تل أبيض يرسم الفشل التركي في سوريا

هجوم بسيارة مفخخة يخلف 13 قتيلا يسلط الضوء على حجم التحديات التي تواجهها أنقرة بعد احتلالها لأجزاء من مناطق سيطرة الأكراد في شمال شرق سوريا.

تركيا تتهم الوحدات الكردية بتنفيذ هجوم تل أبيض
هجوم تل أبيض يؤكد وجاهة التحذيرات من غرق تركيا في المستنقع السوري
تركيا تدفع لتغيير ديمغرافي بترحيل قسري للاجئين إلى مناطق الأقلية الكردية
المنطقة الآمنة التي أنشأتها تركيا لم تعد آمنة بعد أسبوع من إقامتها
أهالي القامشلي يتظاهرون تنديدا بالاحتلال التركي

تل أبيض (سوريا) - سلط هجوم دموي بسيارة مفخخة في مدينة تل أبيض بشمال شرق سوريا التي تسيطر عليها القوات التركية اليوم السبت، الضوء على حجم التحديات التي تواجهها أنقرة بعد عدوانها الأخير على مناطق سيطرة الأكراد.

وقتل في الهجوم اليوم السبت 13 شخصا على الأقل في حصيلة أولية قابلة للارتفاع في أية لحظة نظرا لوقوعه في سوق بالمدينة التي احتلتها تركيا في الفترة الأخيرة بينما لم تعرف الجهة التي نفذته وما إذا كان (الهجوم) من تنفيذ الوحدات الكردية التي تعتبرها أنقرة تنظيما "إرهابيا" وامتدادا لحزب العمال الكردستاني.

وسيطرت أنقرة على مدينة تل أبيض الواقعة على الحدود مع تركيا إضافة إلى بلدات أخرى الشهر الماضي، خلال هجوم بدأته في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول ضد المقاتلين الأكراد في شمال شرق سوريا، وهي العملية العسكرية الثالثة التي تشنها أنقرة في سوريا وتهدف من ورائها لإقامة منطقة آمنة على عمق 30 كيلومترا حتى توطن فيها مئات آلاف اللاجئين السوريين المقيمين على أراضيها.

وأعلنت وزارة الدفاع التركية أن الانفجار الذي وقع في سوق في تل أبيض، أسفر عن مقتل 13 مدنيا وإصابة عشرين آخرين، بينما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل 15 مدنيا وعنصرا من فصائل معارضة سورية تدعمها أنقرة، في الانفجار.

وشوهد في موقع التفجير رجل بدا وجهه محترقا تنقله شاحنة صغيرة بينما كان رجال يحاولون إخماد النيران التي اندلعت في دراجات نارية مستخدمين مشروبات غازية وقطع من القماش، فيما كان الدخان الأسود يتصاعد من أكوام الحطام التي خلفها الانفجار.

وبدت الصدمة والحزن على وجوه السكان الذين وقفوا يشاهدون حجم الدمار وضحايا التفجير.

ونسبت أنقرة الانفجار إلى وحدات حماية الشعب الكردية، فيما لم يتسنّ للمرصد تحديد هوية منفذي الاعتداء.

وقالت وزارة الدفاع التركية في بيان "نندّد بأشد العبارات بهذا الاعتداء غير الإنساني الذي ارتكبه إرهابيو وحدات حماية الشعب الكردية ضد مدنيين أبرياء في تل أبيض".

انفجار سيارة مفخخة في سوق بتل أبيض خلف أضرار جسيمة والمزيد من القتلى المدنيين والفصائل الموالية لأنقرة
انفجار سيارة مفخخة في سوق بتل أبيض خلف أضرار جسيمة والمزيد من القتلى المدنيين والفصائل الموالية لأنقرة

وهذا أسوأ هجوم تتعرض له منطقة تحت سيطرة أنقرة منذ إعلان تركيا في 23 أكتوبر/تشرين الأول إيقاف هجومها بعد وساطة أميركية واتفاق مع روسيا نصّ على أن تسهل موسكو انسحاب وحدات حماية الشعب الكردية من منطقة بعمق 30 كيلومترا من الحدود التركية. كما تم الاتفاق على تسيير دوريات مشتركة قرب الحدود، تستثني بشكل أساسي مدينة القامشلي.

ومن المتوقع أن تواجه تركيا المزيد من الهجمات في المنطقة التي تسيطر عليها في شمال شرق سوريا فيما سبق أن أشارت تقارير إلى أن الاحتلال التركي لأجزاء من سوريا ضمن مطامع توسعية، سيغرق أنقرة في المستنقع السوري.  

وتهدف أنقرة إلى إبعاد المقاتلين الأكراد من حدودها وإنشاء منطقة "آمنة" تنقل إليها قسما كبيرا من 3.6 ملايين لاجئ سوري لديها. وسيّرت القوات التركية والروسية الجمعة دوريات مشتركة للمرة الأولى لضمان الانسحاب الكامل للأكراد.

لكن هجوم السبت يؤكد وجاهة تحذيرات دولية من تعريض تركيا حياة آلاف الاجئين السوريين للخطر في حال قامت بترحيلهم للمنطقة الآمنة التي لا يبدو أنها ستكون آمنة كما يزعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وكبار المسؤولين في نظامه.

وفي مدينة القامشلي الخاضعة لسيطرة الأكراد على بعد أكثر من مئتي كيلومتر نحو شرق تل أبيض، تظاهر آلاف الأكراد السبت تنديدا بالوجود التركي في المنطقة.

وردد المتظاهرون "لا للاحتلال التركي" وذلك بعد انتشار قوات تركية وفصائل موالية لها في مناطق كانت خاضعة للإدارة الذاتية الكردية في أعقاب الهجوم التركي.

وقال المتظاهرون أيضا "نعم للمقاومة وتعيش قسد"، في إشارة إلى قوات سوريا الديمقراطية التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية عمودها الفقري واضطرت إلى الانسحاب من مناطق حدودية إثر الهجوم التركي.

وقال المتظاهر همبر حسن (45 عاما) "تقول تركيا إنها تريد إعادة اللاجئين... فليعيدوا اللاجئين إلى أرضهم. فليعد أهل الغوطة إلى الغوطة وسكان حلب إلى حلب وإدلب إلى إدلب".

وهذه أيضا أول انتفاضة كردية سلمية ضد الوجود التركي وضد عملية التغيير الديمغرافي التي تنفذها تركيا بسعيها لتوطين اللاجئين السوريين لديها في مناطق تعتبر تاريخيا معاقل للأقلية الكردية في سوريا.