هدنة ادلب ترسم حدود الفشل التركي في سوريا

الوقائع على الأرض تشير إلى أن هدنة ادلب لن تصمد طويلا وسط تهديدات متبادلة بين هيئة تحرير الشام ودمشق.

النصرة تحذّر من أنها لن تلتزم بهدنة ادلب إذا قصفت مناطق سيطرتها
دمشق: لن ننتظر إلى ما لانهاية حتى ينفذ النظام التركي التزاماته
هدنة ادلب أقرب للانهيار منها للصمود

بيروت /أستانا - أعطت هدنة ادلب الأخيرة فسحة أمل لوقف التصعيد في المنطقة المشمولة باتفاق خفض التصعيد والتي تضم منطقة منزوعة السلاح بعمق 20 كيلمتر وتفصل قوات النظام السوري عن الفصائل الإسلامية المسلحة التي تهيمن عليها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) بموجب الاتفاق السابق بين روسيا تركيا في سبتمبر/ايلول من العام الماضي.

لكن الوقائع على الأرض تشير إلى أنها (الهدنة) لن تصمد طويلا فيما تشكل اختبارا لحدود نجاح أو فشل تركيا في الحفاظ على استمرارية وقف اطلاق النار، وسط تهديدات متبادلة بين هيئة تحرير الشام ودمشق، فيما أعطى التشكيك الروسي في التزام تلك الفصائل بوقف إطلاق النار انطباعا قويا بأن انهيار الهدنة مسألة وقت.

ولا توجد حتى الآن ضمانات متينة وقوية تضمن عدم حدوث انتهاكات للهدنة الهشة وسط تهديد سوري ووعيد من الفصائل الإسلامية المتشددة المنتشرة في ادلب.

وفشلت كل الجهود التي بذلتها تركيا التي أقامت نحو 12 نقطة مراقبة في المنطقة المشمولة باتفاق خفض التصعيد، في دفع الفصائل الإسلامية المتشددة ومنها هيئة تحرير الشام وبعضها مدعوم من أنقرة أو لها ارتباطات سريّة، للانسحاب من المنطقة بأسلحتها الثقيلة، ما يلقي بظلال من الشك حول امكانية نجاح أنقرة في الحفاظ على الهدنة.

وتقول موسكو إن تركيا هي المسؤولة عن تنفيذ اتفاق خفض التصعيد في ادلب بموجب اتفاق سوتشي، حيث أقامت أنقرة 12 نقطة مراقبة، لكنها اصطمت برفض جماعات اسلامية القاء السلاح والخروج من المنطقة.

وتريد تركيا تعزيز وجودها في المنطقة تحت عنوان حماية أمنها القومي وتسعى في الوقت ذاته لتحجيم دور المسلحين الأكراد، فيما ترى دمشق في الوجود العسكري التركي احتلالا.

وحذّرت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) الجمعة من أن أي قصف على مناطق سيطرتها في شمال غرب سوريا سيؤدي إلى عدم التزامها بوقف إطلاق النار الساري منذ منتصف الليل في إدلب ومحيطها.

وقالت في بيان تعليقا على الهدنة التي أعلنتها دمشق الخميس ورحّبت بها موسكو "إن أي قصف أو اعتداء يطال مدن وبلدات الشمال المحرر سيؤدي إلى إلغاء وقف إطلاق النار من جهتنا ويكون لنا حق الرد عليه".

تركيا تعزز وجودها العسكري في سوريا
تركيا أمام اختبار منع هدنة ادلب من الانهيار

وكانت روسيا التي رحبت بموافقة دمشق على الهدنة، قد شكّكت يوم الخميس في التزام الجماعات الإسلامية المتشددة بوقف إطلاق النار.

وفي المقابل شكك رئيس الوفد السوري إلى محادثات أستانا بشار الجعفري في التزام تركيا وهي إلى جانب روسيا وإيران من الدول الراعية لاتفاق استانا، بتطبيق الاتفاق.

وقال خلال مؤتمر صحفي في ختام الجولة 13 من محادثات أستانا اليوم الجمعة "سوريا لا ترى تطبيقا نزيها من جانب النظام التركي لتفاهمات أستانا واتفاق سوتشي حول إدلب الذي يقضي بانسحاب التنظيمات الإرهابية إلى عمق 20 كلم وسحب الأسلحة الثقيلة والمتوسطة"، مطالبا "جميع الأطراف في مسار أستانا بتحمل مسؤولياتهم والضغط على تركيا في هذا الشأن".

وحذّر من أن دمشق "لن تنتظر إلى ما لا نهاية حتى ينفذ النظام التركي التزاماته، إذ أن هناك ملايين السوريين في إدلب يناشدون الدولة السورية تخليصهم من الإرهاب".

ادلب آخر معاقل المعارضة تحت قصف مستمر منذ اشهر
ادلب آخر معاقل المعارضة تحت قصف مستمر منذ اشهر

كما اتهم أنقرة بالاستمرار في احتلال أجزاء من الأراضي السورية في انتهاك لتفاهمات أستانا التي تشدد على وحدة سوريا وسيادتها.

وقال الجعفري إنه "لا يحق لتركيا ولا للولايات المتحدة أن تتحدث عن أي شبر من سوريا فيما تنتهكان القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة بوجودهما غير الشرعي على الأراضي السورية".

لكنه اعتبر في المقابل أن البيان الختامي لهذه الجولة من المفاوضات هو الأفضل لسوريا، من ناحية مضمونه السياسي ومقاربته للوضع فيها.

وأعربت روسيا وتركيا وإيران في البيان الختامي للجولة الـ13 لمفاوضات أستانا عن ارتياحها لما اعتبرته تقدما في تحديد قوام ونظام عمل اللجنة الدستورية السورية. وأعلنت استعدادها للمساعدة في انعقاد هذه اللجنة في أقرب الآجال الممكنة.

واتفقت الدول الضامنة والراعية لاتفاق أستانا على اتخاذ إجراءات لحماية المدنيين والعسكريين للدول الضامنة في منطقة خفض التصعيد في ادلب وخارجها، معبرة في الوقت ذاته عن أسفها لسقوط ضحايا من المدنيين.

وتفكر الدول الضامنة لاتفاق أستانا في عقد مؤتمر دولي لتقديم المساعدات الإنسانية للشعب السوري، وهي فكرة من المستبعد جدا أن توافق عليها دول غربية بينها الولايات المتحدة التي تشترط إتمام العملية السياسية والمرحلة الانتقالية.