هل أيقظ كوفيد موجة سرطانات نادرة؟
واشنطن – يبدو اننا لا نزال غير مدركين لكل تبعات كورونا على الصحة العامة رغم مرور سنوات على انحسار الوباء، والتي مازالت تتكشف يوما بعد يوم وأخرها ما اعتبره الأطباء موجة سرطانات نادرة.
وكشف تقرير أميركي جديد أن الأطباء بدأوا يشخصون سرطانات غير عادية ونادرة لدى أشخاص من مختلف الأعمار، ما أعاد فكرة معروفة لدى خبراء الصحة أن الفيروسات يمكن أن تسبب ظهور السرطان أو تعيده بسرعة للواجهة ثانية، وفقا لصحيفة "واشنطن بوست".
ينقل تقرير من صحيفة "واشنطن بوست" عن الطبيب كاشياب باتيل أنه في عام 2021، أي بعد عام من وباء كورونا، شخّص مريضا في الأربعينيات من عمره بسرطان القنوات الصفراوية، وهو سرطان نادر ومميت في القنوات الصفراوية يصيب عادة الأشخاص في عمر 70 و 80 عاما.
وعندما أخبر باتيل زملاءه بذلك، بدأوا أيضا يكشفون أنهم عالجوا مؤخرا مرضى لديهم تشخيصات مماثلة. وفي غضون سنة من ذلك الاجتماع، سجل المستشفى سبع حالات من هذا القبيل.
ويتذكر باتيل، الرئيس التنفيذي لشركة "Carolina Blood and Cancer Care Associates، "أمارس الطب لمدة 23 عاما ولم أرى شيئا كهذا من قبل".
ويوافقه الرأي أسوتوش غور، وهو طبيب أورام آخر: "لقد هزتنا جميعا".
أمارس الطب لمدة 23 عاما ولم أرى شيئا كهذا من قبل
كانت هناك غرابة أخرى أيضا: العديد من المرضى الذين يتعاملون مع أنواع متعددة من السرطان تنشأ في وقت واحد تقريبا، وأكثر من اثنتي عشرة حالة جديدة من السرطانات النادرة الأخرى.
ويدرس فريق من جامعة كولورادو ما إذا كان كوفيد يوقظ الخلايا السرطانية الخاملة في الفئران. وأظهرت النتائج التي توصل إليها أنه عندما أصيبت الفئران الناجية من السرطان بفيروس كورونا تكاثرت الخلايا السرطانية الخاملة في الرئتين، وتوصلوا إلى نتائج مماثلة مع فيروس الأنفلونزا.
وفكرة أن بعض الفيروسات يمكن أن تسبب السرطان أو تسرعه ليست جديدة، اذ أدرك العلماء هذا الاحتمال منذ ستينيات القرن العشرين، واليوم، يقدر الباحثون أن 15 إلى 20 في المئة من جميع أنواع السرطان في جميع أنحاء العالم تنشأ من عوامل معدية مثل فيروس الورم الحليمي البشري والتهاب الكبد B.
وجهة نظر اخرى
ولا توجد بيانات حقيقية تربط كورونا بالسرطان، ولا يزال بعض العلماء متشككين.
وقال جون تي شيلر، الباحث في المعاهد الوطنية للصحة والرائد في دراسة الفيروسات المسببة للسرطان، إن مسببات الأمراض المعروفة بأنها تسبب السرطان تستمر في الجسم على المدى الطويل، لكن فئة فيروسات الجهاز التنفسي التي تشمل الإنفلونزا وكورونا تصيب المريض ثم تختفي عادة بدلا من البقاء ولا يعتقد أنها تسبب السرطان.
وقال ديفيد توفيسون، مدير مركز السرطان في مختبر كولد سبرينج هاربور والرئيس السابق للجمعية الأميركية لأبحاث السرطان، إنه لا يوجد دليل على أن فيروس كورونا يحول الخلايا مباشرة لجعلها سرطانية. لكن قد لا تكون هذه هي القصة الكاملة.
وأوضح توفيسون أن عددا من الدراسات الصغيرة والمبكرة، التي نشر الكثير منها خلال الأشهر التسعة الماضية، تشير إلى أن عدوى فيروس كورونا يمكن أن تحفز سلسلة التهابية واستجابات أخرى يمكن أن تؤدي، من الناحية النظرية، إلى تفاقم نمو الخلايا السرطانية.
ويضيف توفيسون: "كوفيد يدمر الجسم، وهذا هو المكان الذي يمكن أن تبدأ فيه السرطانات".
وعزا شيوسونغ هان، المدير العلمي لأبحاث الخدمات الصحية في جمعية السرطان الأميركية والمؤلف الرئيسي لدراسة "لانسيت" للأورام، هذه القفزة إلى تأخر بعض الناس في طلب الرعاية بسبب المخاوف المتعلقة بالفيروس أو لأسباب اقتصادية.