هل تدفع واشنطن لاستبدال الدبيبة بعبدالكريم مقيق

شبكة نيوز ماكس الأميركية تقول إن الرجل الذي يُذكر بشكل متزايد لهذا المنصب كان في واشنطن الأسبوع الماضي، بينما تتسارع فيه الاتصالات بشأن بديل محتمل".
تقرير أميركي يرجح مغادرة الدبيبة قريبا لمنصبه
عالم نووي ليبي يقدم نفسه بديلا للدبيبة
عبدالكريم مقيق يرى أن خليفة حفتر يرغب بالفعل في توحيد ليبيا
تحركات عسكرية لا تهدأ تثير مخاوف من الانزلاق الى حرب أهلية

واشنطن/طرابلس - ذكرت شبكة 'نيوز ماكس' التلفزيونية الأميركية في تقرير تحليلي بقلم مراسل الشبكة من البيت الأبيض وكاتب العمود السياسي الرئيسي فيها جون جيزي، أن رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة سيغادر منصبه قريبا، بينما برز اسم عبدالكريم مقيق كبديل محتمل له، مشيرة إلى أن خليفة الدبيبة كان في واشنطن الأسبوع الماضي.

وبحسب المصدر ذاته نقلا عن مصادر ليبية مطلعة، فإن العلامات تشير إلى أن "الدبيبة سيكون خارج السلطة الشهر المقبل على أقصى تقدير.

وكتب جيزي تحت عنوان هل ينجح رئيس الوزراء القادم في جعل ليبيا عظيمة مرة أخرى؟ "رغم أن مغادرة الدبيبة ليست مؤكدة بأي حال من الأحوال ــ واختيار رئيس للوزراء عملية معقدة تحتاج دعما من البرلمان الليبي ومباركة الأمم المتحدة، فإن الرجل الذي يُذكر بشكل متزايد لهذا المنصب كان في واشنطن الأسبوع الماضي، بينما تتسارع فيه الاتصالات بشأن بديل محتمل".

ولم يذكر ما اذا كانت الإدارة الأميركية هي من يدفع لمغادرة الدبيبة لمنصبه ضمن جهود لكسر حالة الجمود السياسي وانهاء الانقسامات التي يعتقد أن رئيس حكومة الوحدة جزء منها، لكنه أكد أن مقيق العالم النووي المعروف دوليا لإشرافه على تفكيك الترسانة النووية لمعمر القذافي، اجتمع مع أعضاء لجنتي العلاقات الخارجية في مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين وتحدث عن خطته لقيادة الحكومة و"جعل ليبيا عظيمة مرة أخرى".

ومنذ الإطاحة الدموية بالزعيم الليبي معمر القذافي في عام 2011، لم تتمكن الدولة الرابعة من حيث المساحة في أفريقيا والسابعة من حيث احتياطيات النفط في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) من فرض قبضتها القوية على حكمها.

وجاء في التقرير التحليلي للشبكة الأميركية أنه "في الواقع، ليبيا منقسمة إلى حد كبير مثل الولايات المتحدة خلال الحرب الأهلية من عام 1861 إلى عام 1865: حكومة في طرابلس تعترف بها الأمم المتحدة ومعظم الغرب، وحكومة متمردة في الجزء الغربي من ليبيا (بنغازي) برئاسة المشير خليفة حفتر، رئيس أركان جيش القذافي السابق والقائد العام للقوات المسلحة العربية الليبية الآن".

إن الانقسام بين "ليبيا الثانية" يتفاقم بسبب "تبادل الوقود" غير القانوني - أي أن كلا الجانبين يستفيدان من تبادل النفط الخام بالوقود المكرر، بدلاً من دفع ثمنه نقدا.

وفقًا لصحيفة فاينانشال تايمز، يُهرَّب الوقود إلى الخارج ليُباع بأسعار السوق السوداء أو بوثائق مزورة. ويُدرّ هذا النظام إيراداتٍ ثابتةً للجماعات المسلحة المرتبطة بالفصائل المتناحرة في البلاد.

وبعد خمسة رؤساء وزراء خلال عقد من الزمن، اختير الدبيبة للمنصب عام 2021، ووعد بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة، لكن ذلك لم يحدث بعد، مما أدى إلى فقدان رئيس الوزراء للدعم داخل ليبيا وخارجها وتصاعدت الدعوات لاستبداله.

وقد اتهم عقيلة صالح عيسى رئيس مجلس النواب الليبي حكومة الدبيبة مؤخرا بأنها "تفتقر إلى الشرعية التي تتمتع بها الحكومة لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية"، وأن الممثلين المنتخبين "سحبوا الثقة" من رئيس الوزراء.

ويقال إن الدبيبة فقد أيضا الدعم في الأمم المتحدة، التي كان لها دور قوي في تنمية ليبيا في مرحلة ما بعد القذافي. وهنا يأتي دور العالم النووي مقيق الذي تحدث إلى 'نيوزماكس' بين مواعيده في واشنطن. وقال للشبكة الأميركية، إن البند الأول على جدول أعمال "رئيس الوزراء (مقيق) سيكون إعادة المتمرد حفتر إلى ليبيا موحدة".

وقال إن "حفتر يؤمن بتوحيد ليبيا"، مؤكدا أن "محاولات المشير للإطاحة بالحكومة في ليبيا بالقوة في عام 2019 لن تكن "عاملا حاسما وكان لديه الكثير من الخلافات مع الآخرين، لكن في قلبه رغبةٌ في إعادة بناء ليبيا. بالنسبة لي، من المهم جدًا الآن أن نجمع الجميع معا لنتحد ونحقق طموحاتنا".

تحركات عسكرية من مصراتة باتجاه طرابلس تعيد للأذهان مشاهد الحرب الأهلية
تحركات عسكرية من مصراتة باتجاه طرابلس تعيد للأذهان مشاهد الحرب الأهلية

وأضاف مقيق أن إصلاح ممارسات تهريب النفط في ليبيا لن يتحقق إلا "عندما يعمل حفتر والحكومة في طرابلس معًا"، موضحا أن أحد الأجزاء المحورية في أجندة الإصلاح التي يعتزم تنفيذها كرئيس للوزراء هو "بناء قناة قوية بين ليبيا والولايات المتحدة في الجوانب الاقتصادية وفي المشاريع الاستراتيجية مثل الطاقة والأمن".

كما أعرب مقيق عن تطلعه للعمل مع الرئيس دونالد ترامب الذي وصفه بأنه "يتمتع بالشخصية المثالية بالنسبة لليبيا ورجل مذهل، حقق الكثير كرئيس سابق".

ويعتقد أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني هي الشخص الذي يمكنه العمل معه لحل ما يعتبره المشكلة الأساسية لإيطاليا مع ليبيا والتي تتمثل، بحسب مقيق في "العدد الهائل من المهاجرين من السواحل الليبية إلى الموانئ الإيطالية".

وقال كاتب التقرير التحليلي إن مقيق يدرك تماما أن توليه منصب رئيس الوزراء في حال شغور المنصب عمليةٌ معقدة، لكنه يعتقد أن الأمم المتحدة وكذلك الولايات المتحدة والدول الأخرى التي تتعامل تجاريا مع ليبيا، قادرة على "تسريع العملية".

وتأتي هذه التقديرات بينما تشهد ليبيا تصعيدا خطيرا مع رصد تحركات عسكرية مكثفة لجماعات مسلحة من مصراتة باتجاه العاصمة طرابلس، في مشهد يعيد للأذهان أجواء ما قبل الحرب الأهلية.

وليس واضحا ما اذا كانت تلك التحركات على علاقة باحتمال مغادرة الدبيبة منصبه كرها، لكن بحسب تقارير محلية، فإن من يقود تلك التحركات هي القوة المشتركة الموالية لرئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها.

وقد أثارت تلك التحركات بالفعل غضب واستياء تشكيلات عسكرية أخرى اعتبرت تلك التحركات "محاولة غادرة مدعومة من أطراف خارجية"، فيما أصدرت فصائل مسلحة من مصراتة بيانا شديدة اللهجة حذرت فيه من "أي محاولة لفرض أمر واقع في طرابلس" وان ذلك "سيُواجه برد عنيف"، مشددة على أن أبناء المدينة "لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام محاولات تمكين أجندات أجنبية".

وبحسب مصادر محلية فإن مناطق مثل العاصمة طرابلس وصلاح الدين وسوق الجمعة تشهد انتشارا عسكريا مكثفا، الأمر الذي دفع المجالس المحلية إلى تشكيل قوات أمنية شعبية لحماية الأحياء في حال اندلاع أي مواجهات عنيفة.

واعتبر المحلل السياسي الليبي عبدالله الديباني أن تلك التحركات العسكرية إما تمهيدا أنها تمهد لحرب وشيكة أو أنها مجرد ضغوط لتحقيق مكاسب سياسية، مشيرا إلى استمرار التصعيد دون الانزلاق إلى مواجهات مسلحة مباشرة يجعل منها أقرب "لعبة ضغط"، لكنه حذّر من أن "أي مواجهة ولو محدودة قد تشعل فتيل مواجهة أوسع".