هل تستعجل قضية "إسكوبار الصحراء" تعديلا حكوميا في المغرب؟

إبعاد الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة عبداللطيف وهبي عن الحكومة سينعكس بشكل مباشر على التوازن في التعديل الحكومي المقبل.

الرباط – اعتقلت السلطات المغربية قياديين بحزب الأصالة والمعاصرة الذي يشارك في الائتلاف الحكومي على خلفية قضية بارون المخدرات المالي المعروف إعلاميا بـ"إسكوبار الصحراء"، في واقعة هزت الرأي العام الوطني والدولي وأثارت أسئلة تتعلق بمصير الحزب  في الحكومة الحالية، خصوصا أنها فتحت الباب لتصفية الحسابات السياسية من قبل خصومه.
وتصدر اسم "إسكوبار الصحراء"، الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي في المغرب خلال اليومين الماضيين خاصة بعد أن طالت القضية شخصيات سياسية ورياضية بارزة باتهامات خطيرة مثل تجارة المخدرات والتزوير والنصب والاستيلاء على ممتلكات عقارية. ومن أبرز المتهمين عبد النبي بعيوي رئيس الجهة الشرقية للمغرب ورئيس نادي الوداد المغربي سعيد الناصيري. وهما أعضاء في حزب الأصالة والمعاصرة، وقد أعلن الحزب تجميد عضوية العضوين المعنيين بالقضية، واحترام قرار القضاء.

وقالت مصادر مطلعة أنه من المنتظر أن يكون هناك تعديل حكومي منتصف السنة المقبلة، سواء عن طريق إدماج أحزاب أخرى في الأغلبية الحكومية أو تغيير بعض الوزراء، وفي حالة تم إبعاد الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة عبد اللطيف وهبي، عن الحكومة سينعكس بشكل مباشر على التوازن الحكومي.

وأضافت المصادر أن اعتقال مجموعة من أعضاء حزب الأصالة والمعاصرة بسبب تورطهم في قضايا تتعلق بالتهريب الدولي للمخدرات، انعكس بشكل كبير على الحزب لأن هؤلاء الأشخاص يتقلدون مناصب ومسؤوليات عمومية في مختلف المدن، كما أنه تمت تزكيتهم من قبل قيادة الحزب وهذه الأوضاع ستؤثر على الحزب في الاستحقاقات القادمة وأيضا على القيادات المتمثلة في شخص وهبي.

وفي خضم الضجة التي أثيرت، أصدرت رئاسة المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة بيانا للتعليق على اعتقال أعضاء من الحزب، وقالت "إنها وكغيرها من مناضلات ومناضلي الحزب، تابعت التطورات الأخيرة التي عرفها ملف البحث المجرى في حق عضوين بالحزب، يمارسان باسمه مهام رئاسة جماعتين ترابيتين"، لافتة إلى أنها "وفي انتظار استكمال كافة المعطيات المحيطة بالموضوع، والتي لم يصدر بشأنها لحد الآن، أي بلاغ رسمي من الجهة القضائية المعنية، واستحضارا منها لرمزية المجلس، وصلاحياته القانونية، وشرعيته التي تجعل منه المؤسسة الوطنية الأولى بعد المؤتمر الوطني، تود التأكيد على أن المكتب السياسي للحزب، قد سبق له، أن أخد علما بتجميد الانتماء الحزبي للمعنيين بالأمر، بعد مباشرة البحث معهما".

وأشارت رئاسة المجلس الوطني للحزب إلى أن التجميد كان مبادرة آلية ذاتية وصادرة عن المعنين به وكانت الغاية منه "عدم التشويش على مسار البحث، وغاية الحقيقة التي يتوق الوصول إليها، وإبعاد الحزب ومؤسساته عن التصرفات الشخصية، لبعض من أعضائه، والمتخذة في سياقات لا تحضر فيها صفتهم الحزبية أو الانتخابية".

واعتبر البعض أن هذا البيان إشارة إيجابية من قبل الحزب باعتباره إجراء وقائيا مرتبط بتجميد عضويتهم، وأن الحزب أكد على أن المعتقلين يتحملون مسؤوليتهم الشخصية في الأفعال المنسوبة إليهم.

وأعلنت النيابة العامة في الدار البيضاء إيداع 20 شخصاً السجن في هذه القضية، في ارتباط بالتحقيقات المتواصلة في واحدة من أكبر شبكات الاتجار الدولي في المخدرات، وقال بيان النيابة الأحد الماضي، إن نتائج الأبحاث التي أنجزتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، كشفت عن الاشتباه في قيام بعض الأشخاص بارتكاب أفعال لها ارتباط في أغلبها بذات الوقائع التي سبق أن تُوبع في إطارها الشخص الأجنبي المذكور، وآخرون لهم ارتباط به أدينوا بعقوبات سالبة للحرية.

وضمت قائمة الاتهامات بحسب البيان "المشاركة في اتفاق قصد مسك المخدرات والاتجار فيها ونقلها وتصديرها ومحاولة تصديرها، والإرشاء والتزوير في محرر رسمي، ومباشرة عمل تحكمي ماس بالحرية الشخصية والفردية قصد إرضاء أهواء شخصية، والحصول على محررات تثبت تصرفاً وإبراءً تحت الإكراه، وتسهيل خروج ودخول أشخاص مغاربة من وإلى التراب المغربي بصفة اعتيادية في إطار عصابة واتفاق وإخفاء أشياء متحصل عليها من جنحة".

وأفاد البيان بأن قاضي التحقيق قرر إيداع 20 متهماً السجن مع إخضاع شخص واحد للمراقبة القضائية، فيما عملت النيابة العامة على تكليف الشرطة القضائية المختصة بمواصلة الأبحاث في حق 4 آخرين، بهدف استجلاء خيوط بعض جوانب وقائع هذه الجريمة.

وتتعلق القضية بـ"بارون مخدرات" يلقب بـ "إسكوبار الصحراء" وأيضا بـ"المالي" لكونه ينحدر من دولة مالي، اعتقل في المغرب عام 2019 وحكم عليه بالسجن عشر سنوات في قضية "اتجار دولي في المخدرات"، بحسب ما كشفت مجلة "جون أفريك" في أغسطس/آب الماضي.

وظل ملف "إسكوبار الصحراء" في حالة جمود منذ اعتقاله عام 2019 من قبل السلطات المغربية في مطار محمد الخامس، لتتم محاكمته وإيداعه سجن مدينة الجديدة (180 كلم جنوب الرباط)، إلى أن قرر تقديم شكاوى ضد قائمة من الأسماء تضم شخصيات عامة في البلاد، في مقدمتهم عبد النبي بعيوي وسعيد الناصري.

وسبق وأُدين "إسكوبار" بالسجن النافذ 4 سنوات في موريتانيا فقرر بعد مغادرته السجن أن يعود إلى المغرب لاستعادة مكانته في سوق المخدرات، لكنه لم يتوقع السقوط من جديد في فخ الاعتقال.