هل تميل كفة الصناعات الغذائية الى التكنولوجيا أم الى المكونات الطبيعية؟

تميز في النزعة الابتكارية لدى الشركات الفرنسية العاملة في قطاع الصناعات الغذائية رغم نقص الاستثمارات التنموية، وخبراء يفضلون التركيز على العودة القوية للأطعمة الطبيعية والسليمة.
الأطعمة العضوية والخضر والحبوب بديل جزئي عن اللحم
الأوروبيون يعتمدون على النموذج الكوري في الغذاء
شركات فرنسية تقدم بدائل غذائية متوازنة لسكان المدن
تطبيقات عبر الهواتف الذكية تقتحم قطاع الصناعات الغذائية
المنتجات السائلة أشبه بـ'الغذاء غير البشري'

باريس – جسّد المعرض الدولي للغذاء الذي اختتم أعماله أخيرا في باريس حالة التنازع التي يعيشها قطاع الصناعات الغذائية بين أهمية اعتماد التكنولوجيا على نحو أكبر والاعتماد أكثر على مكونات طبيعية.
وشهدت أروقة المعرض تميزا في النزعة الابتكارية لدى الشركات الفرنسية العاملة في قطاع الصناعات الغذائية رغم نقص الاستثمارات التنموية، مع تقديم بدائل غذائية متوازنة للأشخاص الرياضيين أو سكان المدن من ذوي الحركة الجسدية العالية.

على صعيد غذاء المستقبل، ثمة نزعة فردية واضحة. هناك حميات غذائية مختلفة تبعا لوضع الشخص ووزنه ومعاناته من حساسية الغلوتين أو السكري 

غير أن خبراء كثيرين يفضلون التركيز على العودة القوية للأطعمة الطبيعية والسليمة.
فقد طُبع هذا المعرض الذي يقام كل سنتين في منطقة فيلبانت قرب باريس بالرواج الكبير للأطعمة العضوية والبروتينات النباتية والخضر والحبوب على اختلافها كبديل جزئي عن اللحم الذي يحذر علماء من ضرر الإسراف في تناوله على البيئة.
ويقول كزافييه تيرليه من شركة "إكس تي سي" في ختام المعرض "على صعيد غذاء المستقبل، ثمة نزعة فردية واضحة. هناك حميات غذائية مختلفة تبعا لوضع الشخص ووزنه ومعاناته من حساسية الغلوتين أو السكري".

ورغم النمو السريع لشركات ناشئة بينها "فيد" التي تعاونت مع الطاهي تييري ماركس لإطلاق مجموعة منتجات عضوية كبدائل للأطعمة السائلة، يستبعد تيرليه تماما تعميم هذا النوع من "الوجبات" التي يؤكد المروجون لها أنها ترمي للتصدي لسوء التغذية.
ويقول تيرليه "بداية الأمر ليس بجديد. هذا منتج غذائي مفترض موجه للناس الذين يعيشون نمط حياة سريعا ممن لا يجدون أي متعة في الأكل. قد يكون لذلك فائدة فقط في حالات الضرورة".

الرأي نفسه يشاطره كلود بويوكي المستشار المجاز بالفلسفة وأحد الكتاب الدائمين في موقع متخصص في التغذية. وهو يقول إن هذه المنتجات السائلة أشبه بـ"الغذاء غير البشري" الموجه لأشخاص يقيمون علاقة سيئة مع جسمهم.
ويضيف بويوكي "بعد مرافقتي لتجار يعتمدون في غذائهم بنسبة 80% على المشروبات الغازية وألواح الحبوب ويعانون على إثر ذلك من الاضطراب الحركي أو الاكتئاب، أو لشبان يعانون اضطرابات غذائية خطيرة، أفضّل أن يتعرف الناس بدرجة أكبر على جسمهم وحاجاته وحدوده وأن ينظروا إلى الوجبات الغذائية كمحطات تشاركية بدل الاعتماد على "وصفة سحرية".
غير أن المعرض جسّد أيضا اهتماما أكبر لدى المستهلكين بآثار الغذاء على الجهاز الهضمي. ويرعى المعهد الوطني للبحث الزراعي الفرنسي شركة صغيرة متطورة للتكنولوجيا الحيوية تركز على طريقة الحفاظ على الجراثيم الموجودة في الجهاز الهضمي.
وفي هذا المجال، كان تركيز خلال المعرض على مجموعة من المنتجات المخمّرة والطبيعية من الألبان ومشروبات "كيفير" المتأتية من تخمير الحليب مع خمائر طبيعية، مرورا بما يعرف بمشروبات "كومبوشا" التي تتسم بمذاق مائل إلى الحموضة ويتم تحضيرها باستخدام خمائر مع أنواع من الشاي أو الأعشاب، وصولا إلى الكيمشي الكورية (الملفوف المخمر)، وفق تيرليه.

وقد أشاد الأستاذ في جامعة سيول الوطنية جونغهون مون خلال مشاركته في المعرض للتعريف بالفوائد الصحية للأطعمة الكورية، في تصريحات بـ"استعانة شركات فرنسية وإيطالية كثيرة بالثوم الأسود" الذي يمكن الحصول عليه أيضا بعملية تخمير. وهذا الأمر يؤشر وفق هذا الأستاذ الجامعي إلى أن الأوروبيين باتوا يعتمدون "النموذج الكوري" في الغذاء.
ويلجأ عدد متزايد من المستهلكين إلى تطبيقات عبر الهواتف الذكية بينها "يوكا"، لتفحص مكونات الأطعمة المباعة في الأسواق أو الحصول على معلومات بشأن منشئها. وهذا المنحى يفرض تحديات إضافية على الشركات الناشطة في القطاع.