هل يحتاج العراق الى مجلس اعلى لمكافحة الفساد؟

ربما يحتاج العراق إلى مجلس متخصص لمواجهة كل فقرة من فقرات التعثر الحكومي.

قبل ان يكمل رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي تشكيل حكومته التي طال انتظارها، ترأس يوم الاثنين 31/12/2018 الجلسة الاولى للمجلس الاعلى لمكافحة الفساد بحضور رؤساء الادعاء العام وهيئة الإشراف القضائي وديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة، ومفتش عام وزارة الداخلية، وعدد من المستشارين. وأشار بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء ان "الهدف من اعادة تشكيل المجلس الاعلى لمكافحة الفساد هو تمكينه من اتخاذ الاجراءات الرادعة وتوحيد جهود الجهات الرقابية في سياق عمل جديد قادر على التصدي لأية جهة او شخص مهما كان موقعه وان نتصرف كدولة في كشف الفساد وحماية المجتمع والمواطنين والمال العام على حد سواء، وان هذا الاجراء يأتي تنفيذا لما تعهدنا به في منهاجنا الحكومي الذي صادق عليه مجلس النواب واصبح واجب التنفيذ، وامام ذلك يجب ان يتمتع المجلس الاعلى لمكافحة الفساد بالصلاحيات الادارية والقانونية الكافية للسيطرة على ملف الفساد ومعرفة مواطنه ومكامن الخلل في المتابعة والتنفيذ والمضي بمسار واحد من اجل تحقيق مخرجات واضحة ومنع الضرر الفادح الذي اصبح يهز صورة الدولة والمجتمع وسمعة المواطنين بشكل عام، ولابد من وضع حد لهذا التداعي واعتبار الفساد عدوا مثل عصابة داعش الإرهابية... وجرى خلال الاجتماع الاول مناقشات آليات العمل والاتفاق على توقيتات بدء الاجراءات وفق السياقات الجديدة."

 كل ما سبق كلام جميل وطيب يمكن ان يكون مسك الختام لعام 2018 الذي شهد ما شهد من احداث والتي يكتوي المواطن البسيط من آثارها ونتائجها المأساوية التي جعلت العراق أسوء بلد في العالم في الكثير من أمور الحياة، والتي يعتبر الفساد السبب الأول والرئيسي لاستمرار المأساة العراقية التي لم تقتصر على الماء والكهرباء والصحة والتعليم والطرق والخدمات بل امتد حتى الى أساس وبناء العملية السياسية وطريقة وصول البعض الى المناصب المهمة والتي عطلت الى اليوم تشكيل الحكومة العراقية.

ولكن هل يحتاج العراق الى مجلس اعلى لمكافحة الفساد؟ الذي بات خطره اكبر واشد واقسى من الإرهاب، بل اصبح الفساد البوابة لكل الكوارث والمصائب والأزمات التي تعصف بالعراق، واذا كنا محتاجين اليه فهذا معناه اننا نحتاج الى مجموعة "مجالس" اعلى للكهرباء واخر للماء وثالث للنازحين وهكذا نضيف ونزيد مجالس وحلقات إدارية أخرى هي بالأساس من صميم واجبات وعمل مؤسسات موجودة فعلا.

ثم هل نحتاج الى اجتماعات لغرض مناقشات آليات العمل والاتفاق على توقيتات بدء الاجراءات وفق السياقات الجديدة رغم ان الفساد واضح وظاهر مثل شمس الظهيرة؟

على الحكومة ان تبدأ أولا بجرد وحساب النفقات والمصاريف التي تستنزفها الرئاسات الثلاث (رئاسة الجمهورية ومجلس النواب ورئاسة الوزراء) والرواتب والمخصصات الخيالية التي لا يوجد مثيل لها في أي دولة بالعالم، والحمايات الشخصية وبدلات السكن في فندق الرشيد ومئات الوظائف والمناصب الوظيفة بدرجات وزير ومدير عام وغيرها.

وهل يستطيع المجلس الأعلى للفساد ان يقوم او يقدم مقترحا بإلغاء مجالس المحافظات والاقضية والتي أصبحت محلات مقاولة ودلالية للأحزاب والكتل السياسية، وهل يستطيع انهاء عمل المفتش العام الذي اصبح ملغياً بعد صدور ونفاذ قانون الادعاء العام الجديد رقم 49 لسنة 2017، وهل.. وهل؟ عشرات الأسئلة المعروفة اجاباتها، والتي بينها أبو الطيب المتنبي:

وَلَيسَ يَصِحُّ في الأَفهامِ شَيءٌ  ***    إِذا اِحتاجَ النَهارُ إِلى دَليلِ