هل يشكل لقاء الدبيبة وحماد انعطافة في مسار الأزمة الليبية

ضغوط سياسية واقتصادية خانقة تحيط بمبادرة محافظ المصرف المركزي لانهاء الانقسام وتجاوز الأزمة المالية الحالية.

طرابلس - تشهد الساحة الليبية حراكاً سياسياً متسارعاً في ظل تصاعد الحديث عن جهود توحيد الحكومة المنقسمة بين الشرق والغرب، ويبرز في هذا السياق اللقاء المرتقب بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة ورئيس الحكومة الليبية المنتخبة من البرلمان أسامة حماد، في خطوة قد تمثل تحولاً مهماً في مسار الأزمة السياسية المستمرة منذ سنوات ومحاولة لكسر الجمود بين الفرقاء الليبيين.  

ويأتي هذا التطور بعد ضغوط محلية ودولية متزايدة لإنهاء حالة الانقسام وتهيئة البلاد للاستحقاقات الانتخابية، ورغم الآمال التي يعقدها البعض على هذا اللقاء فإن الكثير من التساؤلات تدور حول دور الأطراف الإقليمية والدولية في دفع أو عرقلة هذا التقارب.

وتحيل عديد المؤشرات الى أن اللقاء يبقى احتمالا فقط حيث اقتصر على مبادرة محافظ البنك المركزي ناجي عيسى وترحيب حماد، فيما لم يصدر بعد موقف واضح للدبيبة ما يؤكّد تمسكه المتواصل بالسلطة، بينما يرى متابعون أن توحيد المواقف يحتاج لجهود سياسية إضافية حتى ينجح الفرقاء في إعادة الشرعية السياسية الى صناديق الاقتراع وتجنيب البلاد تصاعد التوتر الذي قد يؤدي الى اشتباكات مسلحة.

وتحيط بالمبادرة مجموعة من الضغوط الاقتصادية الخانقة، وتدهور غير مسبوق في الوضع المالي وصل حد خفض سعر صرف الدينار بشكل اضطراري وارتفاع الدين الموازي، فضلا عن تعثر رواتب الموظفين وتأخر إعداد الميزانية الموحدة.

وكان أسامة حماد قد أعلن في وقت سابق عن حزمة إصلاحات اقتصادية تتضمن إعادة هيكلة قطاع النفط، وتنظيم سوق الصرف وتوحيد سياسة الإنفاق، وربط تنفيذ هذه الإجراءات بالاتفاق مع حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية، وتوحيد المؤسسات المالية، بينما أكد عيسى على ضرورة اتخاذ قرارات جريئة، محذرا من تداعيات استمرار الانقسام وتصاعد الضغوط الخارجية لايجاد مخرج نهائي لهذا الجمود. 

وتظهر الكثير من التحديات أمام جلوس حماد والدبيبة على طاولة واحدة وفي مقدمتها غياب الثقة بين الطرفين، حيث تصاعد السجال بينهما في أكثر من مناسبة وتبادلا الاتهامات، بالاضافة إلى أن الخلاف لا يقتصر على رئيسي الحكومتين بل يمتد الى المؤسسات الحكومية التابعة لهما والتي ترفض الكثير منها التعامل فيما بينها.

كما أن القوى الإقليمية والدولية المنخرطة في الملف الليبي لا تسعى بالضرورة للوحدة بل لترسيخ نفوذها على الاراضي الليبية، وكان  طرح اسم عبدالكريم مقيق العالم النووي الليبي كمرشح توافقي لرئاسة حكومة جديدة، قد أثار موجة من الانتقادات حول نية الإدارة الأميركية الدفع باتجاه شخصية "محايدة" ذات قبول دولي دون توافق حقيقي بين الفرقاء.

وفيما يرى مراقبون أن اللقاء لا يمثل حلا إذ لا يعدو أن يكون اجتماعا شكليا تحت غطاء الإصلاحات الاقتصادية، تبقى نتائجه مفتوحة على أكثر من احتمال من شأنه أن يحدد مستقبل الأزمة الليبية ومسار العملية الانتخابية التي طال انتظارها، بينما يأمل الشارع الليبي التوصل الى حلول حقيقية لا تسويات تعمّق الأزمة فقد سئم من الوعود والمبادرات الشكلية.

وأكد رمضان بن زير أستاذ القانون الدولي والأمين العام المفوض للمركز العربي الأوروبي لحقوق الإنسان والقانون الدولي، أن الوضع السياسي المؤلم الذي تعيشه ليبيا في هذه المرحلة الخطيرة من تاريخها هو بسب الانقسام السياسي والتدهور الاقتصادي والنهب المنظم لثروات البلاد بسبب غياب المساءلة القانونية والمواطن هو من يدفع الثمن، وفق ما نقل موقع "عين ليبيا".

وأشار إلى أن البلاد في حاجة لحكومة تكنوقراط تبسط سيطرتها على كامل تراب الوطن وتعمل على إنجاز الانتخابات وتوحيد المؤسسات وإعادة هيكلية المؤسسات الأمنية والعسكرية على أسس وطنية، مشددا على أن "الوقت لم يعد في صالح الوطن والمواطن.. بلادنا أمام خيارين لا ثالث لهما.. إما تسريع العملية السياسية أو مواجهة انفجار شعبي بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية وغياب الشفافية وانتشار الفساد بشكل غير مسبوق".