المهاجرون الجزائريون في فرنسا يدفعون فاتورة الأزمة الدبلوماسية
باريس - تتجه فرنسا إلى اتخاذ عدة إجراءات ضد المهاجرين الجزائريين، في خطوة أثارت مخاوف في صفوف الجالية من موجة ترحيل وتضييقات تستهدف الامتيازات التي يتمتعون بموجب اتفاق الهجرة، في أحدث حلقة من حلقات التوتر المتصاعد بين البلدين، فيما يبدو أن باريس مرّت إلى مرحلة تنفيذ وعيدها بشأن تكثيف الضغوط على الجزائر.
وقالت المتحدث باسم الحكومة الفرنسية صوفي بريماس في أعقاب مؤتمر صحفي إثر اجتماع لمجلس الوزراء الخميس إن "العلاقات مع الجزائر لا تتحسن، بل تسوء"، مضيفة أن "الأمو تسير في الاتجاه الخاطئ".
وأشارت إلى انسداد قنوات التواصل بين البلدين بشأن عدة قضايا من بينها قضية الكاتب الفرنسي من أصل جزائري بوعلام صنصال وحادثة طرد الجزائر عدد من الدبلوماسيين الفرنسيين.
وتابعت "حاليا يعكف الرئيس إيمانويل ماكرون ووزير الخارجية جان نويل بارو والوزير الأول فرنسوا بايرو على إجراءات أخرى أكثر أهمية وبالتحديد بخصوص جزء من الجالية الفرنسية".
وينذر هذا التطور بمزيد تفاقم الأزمة الدبلوماسية التي وصلت إلى نقطة اللاعودة، باعتبار أن الجالية الجزائرية في فرنسا تعد من أكبر الجاليات العربية في البلد الأوروبي.
وتشير تقديرات إلى أن عدد الأشخاص من أصول جزائرية في فرنسا يتراوح بين 2 و3 ملايين، بينما ذكر الرئيس عبدالمجيد تبون في العام 2020 أن البلد يضم نحو 6 ملايين من أصل جزائري.
ويشكل المهاجرون الجزائريون نحو 12.7 بالمئة من إجمالي عدد المهاجرين في فرنسا، وفق إحصائيات عام 2023.
وبينما لم تكشف بريماس عن طبيعة التدابير التي ستتخذها باريس توقع مراقبون أن تتضمن قرارات ترحيل تستهدف المهاجرين الجزائريين الذين لم يسووا وضعيتهم القانونية.
وتمر العلاقات الثنائية التي ظلت تتقلب بين التوتر والتهدئة طيلة العامين الماضيين على خلفية عدة ملفات شائكة، بأحلك فتراتها، خاصة بعد أن صعّدت الجزائر التي تمتلك مفتاح المصالحة، تجاه فرنسا منذ بعد إنهاء ترددها بشأن الصحراء المغربية وإعلان دعمها لسيادة المغرب على الإقليم.
وأثارت الأزمة بين البلدين انقساما في الساحة السياسية الفرنسية، حيث تطالب أحزاب وشخصيات ومنظمات بتكثيف الجهود الدبلوماسية لتجاوز الخلافات وإعادة الدفء إلى العلاقات، بينما يدفع شق آخر يقوده وزير الداخلية برونو روتايو باتجاه ممارسة أقصى الضغوط على الجزائر بعد أن باءت مساعي المصالحة من قبل باريس، بالفشل.
وعلى الرغم من حدة التوتر، يرى بعض المحللين أن هناك دوافع لدى الطرفين لتجنب قطيعة دائمة، حيث تحتاج فرنسا إلى التعاون الجزائري في قضايا الأمن الإقليمي والطاقة، بينما لا تستغني الجزائر عن الاستثمارات والشراكات مع الدول الأوروبية.
وبينما لا تلوح في الأفق بوادر تهدئة يصعب التكهن بمستقبل العلاقات بين البلدين على المدى القصير، فيما يرجح أن تستمر حالة الشد والجذب بينهما ما لم يتم اتخاذ خطوات جادة لمعالجة جذور الأزمة وبناء الثقة المتبادلة.