'هوبيو' عنوانا للتمدد القطري في الصومال وتوسيعا لمنافذ التشدد

  بدء قطر في بناء ميناء هوبيو بإقليم مدغ وسط الصومال، يأتي بعد أشهر من اغتيال باول أنطونيو رئيس عمليات شركة موانئ بي.آند.أو المملوكة لحكومة دبي في منطقة بلاد بنط شبه المستقلة.

قطر تشرع في أعمال بناء ميناء وسط الصومال على وقع الفوضى
مشاريع قطرية بعناوين إنسانية ومضامين جيوسياسية
قطر تسعى للتغلغل في مفاصل الصومال تحت غطاء المشاريع التنموية

مقديشو - أعلنت قطر الاثنين البدء بتنفيذ مشروع بناء ميناء هوبيو بإقليم مدغ وسط الصومال، فيما تأتي هذه التطورات بعد أشهر من اغتيال باول أنطونيو رئيس عمليات شركة موانئ بي.آند.أو المملوكة لحكومة دبي في منطقة بلاد بنط شبه المستقلة.

ويشير توقيت بدء الدوحة في تنفيذ هذا المشروع إلى أنه لا يمكن أن ينظر له ولأهدافه خارج سياقاته الجيوسياسية أو بمعزل عن حالة الفوضى التي تشهدها الأقاليم الصومالية مدفوعة بإرهاب جماعة الشباب الموالية للقاعدة والتي سبق لها أن تبنت عملية اغتيال مسؤول إدارة شركة موانئ دبي العالمية في ميناء بوصاصو في فبراير/شباط الماضي.

وكثفت قطر التي تواجه عزلة في محيطها الخليجي والإقليمي بسبب سجلها في دعم وتمويل الإرهاب، تحركها في منطقة القرن الإفريقي وتحديدا في المناطق الإستراتيجية التي تشكل مجالا حيويا لأمن الملاحة البحرية الدولية وفضاء مهما لأمن الخليج العربي، وذلك من بوابة التعاون الاقتصادي.

ووجهت الدوحة بوصلة اهتمامها تحديدا للصومال الذي تمزقه الصراعات، مستغلة هشاشة الوضع الأمني وضعف الحكومة الصومالية التي سارعت بدورها للتخندق في المحور القطري التركي، في تحرك يقول متابعون للشأن الصومالي ولسياسات قطر إنه لا يخرج عن سياق زيادة التغلغل في مفاصل الدولة المنهكة اقتصاديا وأمنيا وتعزيزا لعلاقات قائمة أصلا مع قادة محليين وقادة ميليشيات وجماعات متطرفة.

وتثير مشاريع قطر في الصومال الريبة لدى أوساط صومالية سبق أن أعلنت خشيتها من هيمنة الدوحة على موانئ ومواقع إستراتيجية ومخاوفها من توسيع منافذ التشدد في المنطقة.

وواجهت حكومة الرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو المزيد من الانتقادات الداخلية على خلفية اصطفافها في المحور القطري التركي وتعريض أمن الصومال للخطر.

وتخشى الأوساط الصومالية من استغلال الدوحة حالة الضعف والوهن التي تعيشها حكومة عبدالله فرماجو، متسائلة ما الذي يدفع قطر العاجزة عن حل أزمتها مع جيرانها الخليجيين والعرب وفك عزلتها في محيطها الجغرافي لتنزل بكل ثقلها في الصومال.

الصومال وقطر وقعا عدة اتفاقيات بينها مشروع بناء ميناء هوبيو
الصومال وقطر وقعا عدة اتفاقيات بينها مشروع بناء ميناء هوبيو

وعكس حضور مسؤولين قطريين حكوميين كبار اليوم الاثنين إعطاء إشارة بدء تنفيذ مشروع ميناء هوبيو، حجم الاهتمام القطري بهذا المشروع الذي يعتقد أنه يأتي في سياق التمدد والتوسع في المجالات الحيوية للملاحة البحرية.

وتم الإعلان عن بدء تنفيذ المشروع خلال مؤتمر صحفي مشترك عقده بالعاصمة مقديشو، وزير النقل والاتصالات القطري جاسم بن سيف أحمد السليطي ووزير المواني والنقل البحري بالصومال مريم أويس جامع.

وحضر المؤتمر كل من رئيس الوزراء الصومالي حسن علي خيري ووزير خارجية قطر محمد عبدالرحمن آل ثاني إلى جانب رئيس إقليم مدغ أحمد دعالي جيلي.

وقال وزير النقل والاتصالات القطري جاسم بن سيف إن "مشروع بناء ميناء هوبيو سيبدأ وسيبنى على أسس ومعايير عالمية"، مضيفا أن أعمال البناء ستبدأ اعتبارا من اليوم من أجل تحقيق الاستفادة للشعب الصومالي.

وتروج الدوحة لمشاريعها في الصومال وهي واحدة من أكثر بؤر التوتر في إفريقيا، تحت عناوين الدعم الإنساني والتنموي، لكن منتقدين للتدخل القطري في أرض الصومال يرون أنها مجرد غطاء للتغلغل في مفاصل الدولة ومؤسساتها.

وأشاروا في الوقت ذاته إلى ارتفاع منسوب العنف والإرهاب في الصومال منذ بدء التدخل القطري في الأزمة الصومالية وإلقائها بثقلها المالي والاقتصادي في الدولة المنهكة التي تعتبر بوابة لإفريقيا، محذّرين أيضا من انزلاق البلاد إلى المزيد من الفوضى التي توفر بيئة خصبة وملائمة لانتشار التطرف.

وقالت مريم أويس وزيرة المواني والنقل البحري بالصومال، إن "انطلاق مشروع بناء ميناء هوبيو سيخلق فرصة عمل للمواطنين وسيساهم في اقتصاد البلاد".

وفي ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، وقّعت الصومال وقطر بالعاصمة الدوحة، عدة اتفاقيات تنموية بينها مشروع بناء ميناء هوبيو بإقليم مدغ وسط البلد الأول وبعدها بنحو شهرين وتحديدا في الرابع من فبراير/شباط أعلنت حركة الشباب الصومالية المتشددة اغتيال مسؤول إدارة شركة موانئ دبي العالمية في ميناء بوصاصو.

والصلة بين الدوحة وجماعة الشباب ليست واضحة بالدرجة التي يمكن الجزم معها بوجود دور قطري مباشر في الوقوف خلف تلك العملية أو دعمها، إلا أن مصادر صومالية أشارت إلى وجود صلات وثيقة بين قطر وقادة ميليشيات متطرفة من ضمنها حركة الشباب وأن للدوحة أذرع محلية فاعلة في تلك الميليشيات أو في مؤسسات الدولة تعززت مع تولي محمد عبدالله فرماجو السلطة.

ويعتبر ميناء هوبيو واحدا من أقدم الموانئ الصومالية، حيث يقع على الساحل الشمالي الشرقي في البلاد بالقرب من خليج عدن.