هيكل الحزقي يقرأ ملامح البطل الشعبي

الكاتب التونسي في كتابه 'أجواد وأوغاد' يعالج شخصية الباندي في تونس عبر ما تلقّفه الموروث الشعبي من أفواه الأجيال، والسرديات حول سير 'الباندية' الرمزية.
منى الودرني
تونس

"أجواد وأوغاد.. قصة الباندي التونسي" كتاب أخذ من مؤلفه هيكل الحزقي سنوات من التناول تحت بساط الدرس ومجهر البحث الميداني لاستكناه ميثولوجيا البطل- "الباندي" في الذاكرة الشعبية باعتباره ظاهرة أنثروبولوجية ترتبط بالسوسيولجيا الحضرية التونسية في علاقة بشخصية "الباندي".

نعت الكاتب والناقد الصحفي هيكل الحزقي هؤلاء بأنصاف الصالحين، فكانوا في منزلة بين المنزلتين، ليقف العنوان بين النقيض وطرفيه "أجواد وأوغاد"، بين جنون الصعلكة وتوهج المعنى البطولي.

واستعاد الحزقي مدلول "الباندي" عبر مؤلفه في سياقه الميثولوجي الاجتماعي المتحرر من القيد الجمعي، في استناد واضح إلى المفهوم الثقافي الشامل للصعلوك وخصوصية تشكّل الشخصية "الباندية" التونسية، حيث وجدت في المخيال الشعبي ضالتها ليتحول معها "الباندي" إلى ذلك البطل الشعبي الرمز.

عالج المؤلف أيضا في بحثه تمثّلات شخصية "الباندي" في تونس عبر ما تلقّفه الموروث الشعبي من أفواه الأجيال، والسرديات حول سير "الباندية" الرمزية التي شكلت خصوصية "الباندي"، ذلك البطل الذي حامت حوله الميثولوجيات الاجتماعية رغم تأرجحها الأخلاقوي بين المناقب وضدها، "فالإنسان مضطر إلى الخيال بطبعه".

المبحث في كليته، هو محاولة من الكاتب لتمثّل ملامح البطل الشعبي وفقا لتوصيفات الموروث والسياق الراهن، فهو ذلك الرمز الذي رفض الأعراف وخرج عن طاعة الضمير الجمعي، وكسر القيد، هو ذلك الصعلوك في مفهوم الماضي، و"الباندي" في سرديات الحاضر.

و"الباندي" عبر "أجواد وأوغاد" هو كذلك تلك الظاهرة الغرائبية التي تتمرد على المفروض الجمعي، وتضحى الأمل المنشود في تحقيق العدالة الاجتماعية ونصرة الضعيف، ليمثل بذلك أسلوب حياة يستدعي الدرس والمعالجة في سلم الظواهر الاجتماعية.

وتقصّى هيكل الحزقي أشكال ظاهرة "الباندي" الثقافية والاجتماعية الماثلة أمامه، والتي سكنت الوجدان الشعبي بملامحه الجسدية والنفسية بجانبيها المشرق والمظلم، فهو من ضلّ وهو أيضا من يُظلّ...

وفي تقديمه للكتاب، يقول الحزقي "مثلما شكلت الآلهة وأنصاف الآلهة ضلعي الميثولوجيا التاريخية القديمة، كان الباندية جزءا من ميثولوجيا مدينية تسيدها الأولياء الصالحين، فكانوا أنصاف الصالحين الذين مثلوا الوجه النزق والسفلي والمدنس لتلك الميثولوجيا، وورثوا حزمة من المُثل والمبادئ عن أسلافهم من الفتيان والصعاليك".

ويضيف "وجدت الذاكرة الشعبية في شخصية الباندي البطل الشعبي المخلص والمنقذ، فألبسته كل ما هو مفقود ومنشود لديها، في المقابل، قدمت سرديات الباندية وسيرهم عجينة كثيفة ودسمة للخيال الشعبي. تحتاج المجموعة بشكل دائم إلى أبطال وتخترعهم عند الحاجة وإن غابت عنهم الخصال المنشودة".

ونظم هيكل الحزقي بقاعة الريو بالعاصمة التونسية، الأحد، حفلا لتوقيع كتابه الصادر عن دار نشر جمعية نشاز.

وهيكل الحزقي هو كاتب وباحث في الثقافة الشعبية، له العديد من الأبحاث في النقد الموسيقي والموروث الثقافي الشعبي.