واشنطن: التنظيمات المتشددة تهدد حياة الشرع
دمشق – حذّر المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم باراك، من احتمال تعرض الرئيس أحمد الشرع لمحاولة اغتيال، في ظل تصاعد تهديدات مسلحين متشددين تابعين لفصائل منشقة شاركت في الإطاحة بالنظام السابق ساخطين على نهج السلطة الجديدة في الانفتاح على الغرب وعدم تطبيق النموذج الإسلامي التي يتبنونه في البلاد.
وأشار باراك إلى أن واشنطن ترى في الشرع شخصية محورية في إعادة بناء سوريا، ما يجعل أمنه مسألة "حاسمة". وقال في مقابلة مع موقع المونيتور "نحن بحاجة إلى تنسيق نظام حماية حول الشرع"، مشيرا إلى أن جهوده في تشكيل حكومة شاملة وتواصله مع الغرب "تضعه في دائرة الخطر".
وأوضح أن التهديدات لا تأتي فقط من فلول النظام السابق أو الجماعات الجهادية مثل داعش، بل أيضا من فصائل قاتلت إلى جانب الشرع ثم انشقت لاحقا، بسبب ما تعتبره "تباطؤا في المكاسب السياسية والاقتصادية". وأضاف "كلما طال تأخر الإغاثة الاقتصادية، زادت فرص الجماعات المسلحة لتعطيل العملية السياسية".
وتواجه الحكومة السورية الجديدة تحديات كبرى، أبرزها دمج المقاتلين الأجانب السابقين في الجيش الوطني، والتعامل مع معسكرات الاعتقال في الشمال التي تضم عناصر وعائلات مرتبطة بتنظيم داعش. كما أن الشرع ما زال يسعى لإتمام عملية دمج القوات الكردية السورية، بعد توقيعه في مارس/آذار اتفاقا مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وهي خطوة وصفت بأنها "حاسمة" رغم استمرار الخلافات حول السيطرة على مناطق استراتيجية مثل سد تشرين.
وحذر باراك من أن المسألة لا تتعلق فقط بتوحيد القوى العسكرية، بل بـ"أسئلة عميقة تتعلق بالهوية السورية". وقال "إذا لم يمنح الجميع مساحة للعيش بثقافاتهم كسوريين، سنعود إلى المربع الأول".
وتأتي تصريحات المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا وهو سفير واشنطن في أنقرة، بعد أقل من شهر على اللقاء الذي جمع الرئيس الشرع مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في الرياض في 14 مايو/أيار الماضي، وأعلن خلاله ترامب عن رفع العقوبات الأميركية عن سوريا، في تحول كبير عن سياسة العزل السابقة.
وقال باراك إن ترامب "اتخذ القرار بشكل شخصي ومن دون توصية من مستشاريه"، مضيفاً أنه "مزّق الضمادة دفعة واحدة. هذا كان قرار ترامب وحده، وكان قراراً عبقرياً".
وشدد باراك على أن القرار الأميركي لم يكن مشروطا، بل قائما على "توقعات" بالتزام الشرع بالشفافية وتنفيذ أولويات المرحلة الانتقالية. وقال "نحن لا نملي، لا نضع شروطا، ولا نبني أمة. لقد جربنا ذلك وفشل".
وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية في 23 مايو/أيار عن ترخيص يسمح بإجراء المعاملات المالية مع المؤسسات السورية، في حين بدأت وزارة الخارجية بإعفاء مدته ستة أشهر من العقوبات المفروضة بموجب "قانون قيصر". ويتوقع أن يوقع ترامب خلال أيام أمرا تنفيذيا ينهي رسميا العقوبات المفروضة منذ عام 1979.
وفيما يخص إسرائيل، قال باراك إن واشنطن تأمل في "تفاهم ضمني" بين الجانبين، رغم عدم وجود اتصالات مباشرة في الوقت الراهن. وأضاف "التدخل العسكري الآن سيكون مدمرا للطرفين".
ورغم توسع العمليات العسكرية الإسرائيلية في جنوب سوريا وسيطرتها على منطقة عازلة في الجولان، يؤكد الشرع التزامه باتفاقية وقف إطلاق النار الموقعة عام 1974. وكان باراك من أوائل الداعين لاتفاق عدم اعتداء بين سوريا وإسرائيل، معتبرا النزاع بينهما "قابل للحل".
ويواجه الاقتصاد السوري تحديات هائلة، حيث يعيش أكثر من 90 بالمئة من السكان تحت خط الفقر، وتقدر تكلفة إعادة الإعمار بـ250 إلى 400 مليار دولار. ومع رفع العقوبات، تسعى الإدارة الأميركية إلى إزالة العوائق أمام التعافي، لتفسح المجال أمام استثمارات خليجية ودولية، وكذلك مشاركة فاعلة من السوريين أنفسهم.
واختتم باراك حديثه بالقول "هدفنا هو إغراق المنطقة بالأمل... حتى لو لم يحصل الناس بعد على الكهرباء أو المياه، فإن مجرد رؤية محطة كهرباء قيد البناء قد تغير نظرتهم إلى المستقبل".