واشنطن تتحول من القتال الى المناشدات الدبلوماسية لطالبان
كابول – مع قرب إتمام الانسحاب الاميركي من الحرب الطويلة في أفغانستان، اتجهت الولايات المتحدة الى المناشدات الدبلوماسية لطالبان بوقف هجومها الكاسح والجلوس الى طاولة المفاوضات.
وبات هامش المناورة ضيقا امام الولايات المتحدة إذ لم يعد هناك ما يمكنها إنجازه بعدما حقّقت هدفها المعلن بإلحاق الهزيمة بتنظيم القاعدة في المنطقة بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001، على الرغم من أن طالبان لم تقطع بعد صلاتها بالتنظيم.
وأعلنت الخارجية الأميركية الإثنين أن المبعوث الأميركي الخاص الى أفغانستان زلماي خليل زاد يعتزم اجراء محادثات في الدوحة هذا الأسبوع من أجل "حث طالبان على وقف هجومها العسكري"، وذلك بعد استيلاء الحركة على ست عواصم ولايات أفغانية.
وأضافت الخارجية في بيان "سيتوجه السفير خليل زاد الى الدوحة للمساعدة في صياغة استجابة دولية مشتركة للوضع المتدهور بسرعة في أفغانستان".
وتصاعدت حدة القتال في أفغانستان بشكل كبير منذ أيار/مايو عندما بدأ التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة المرحلة الأخيرة من سحب قواته المقرر أن تستكمل قبل نهاية الشهر الجاري.
وقال البيان "إن الوتيرة المتزايدة للعمل العسكري لطالبان الذي نتج عنه سقوط إصابات في صفوف المدنيين في هذا النزاع المسلح بين الطرفين، والفظائع المزعومة لانتهاكات حقوق الإنسان، يشكلان مصدر قلق بالغ".
وأكد ان "التفاوض على حل سلمي هو السبيل الوحيد لإنهاء الحرب".
وباتت طالبان تسيطر على ست من عواصم الولايات الأفغانية البالغ عددها 34 بعد أن استولت السبت على شبرغان والجمعة على زرنج عاصمة ولاية نيمروز البعيدة في جنوب غرب البلاد على الحدود مع ايران.
ويبدو أن الحركة لا تفكر في إبطاء الوتيرة المحمومة لتقدمها في الشمال، فقد أعلن المتمردون أنهم هاجموا مزار الشريف كبرى مدن شمال أفغانستان وعاصمة ولاية بلخ. لكن السكان والمسؤولين قالوا إنهم لم يصلوا إليها بعد.
وفاجأت سرعة تقدم طالبان المراقبين وكذلك قوات الأمن الأفغانية على الرغم من المساعدة التي تلقتها من القوات الجوية الأميركية.
وهكذا انتقلت الولايات المتحدة الى ما يشبه موقف المتفرج على انهيار افغانستان بعد ان خاضت الحرب على مدى عشرين عاما وتركت البلد لمخاطر الحرب الاهلية والاضطرابات.
ولا تستبعد الولايات المتحدة ان تنتزع طالبان السلطة في افغانستان. وسبق ان حذرت من ان الحركة قد تصبح حركة منبوذة إن سيطرت على البلاد بالقوة، علما بأن هذا التنظيم الجهادي تعرّض للعزل الدولي بعدما تولى السلطة في أفغانستان بين عامي 1996 و2001.
وإبان حكمها أفغانستان، فرضت طالبان رؤيتها المتشددة للشريعة الإسلامية، ومنعت الموسيقى وفرضت قيودا صارمة على النساء والبنات.
لكن الرئيس الاميركي جو بايدن يصر على أن الولايات المتحدة ليست متواجدة في أفغانستان لبناء دولة متّهما الحكومة الأفغانية بالتقصير بسبب خلافاتها الداخلية وشبهات الفساد التي تطاولها.
والشهر الماضي قال بايدن إن "الخبرات على مدى 20 عاما بيّنت لنا أن عاما إضافيا واحدا من القتال في أفغانستان ليس الحل بل وصفة للبقاء هناك إلى ما لا نهاية".