واشنطن تتعهد بدبلوماسية تنهي الوجود الإيراني في سوريا

وزير الخارجية الأميركي يحشد في جولة خارجية لتحالف شرق أوسطي في مواجهة إيران، متعهدا بسحب قوات بلاده من سوريا وبقتال تنظيم الدولة الإسلامية.

هجوم بومبيو على أوباما يثير سخصا في أميركا
بومبيو يستعرض في القاهرة إستراتيجية ترامب في الشرق الأوسط
بومبيو يتهم أوباما بنشر الفوضى في الشرق الأوسط
 واشنطن ستظل شريكا راسخا في الشرق الأوسط
واشنطن تجدد دعمها لاحتفاظ إسرائيل بقدراتها العسكرية

القاهرة - أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في خطاب بعد ظهر الخميس في القاهرة أن بلاده ستواصل العمل من خلال "الدبلوماسية" مع حلفائها من أجل "طرد" الإيرانيين من سوريا حتى بعد انسحاب الجنود الأميركيين من البلاد.

ودعا دول الشرق الأوسط إلى تجاوز ما وصفها بـ"الخصومات القديمة" لمواجهة إيران، مضيفا في خطاب ألقاه في الجامعة الأميركية بالقاهرة لعرض إستراتيجية إدارة الرئيس دونالد ترامب في الشرق الأوسط "حان الوقت لإنهاء الخصومات القديمة".

وأكد أن إدارته "تعمل على إقامة تحالف استراتيجي في الشرق الأوسط لمواجهة أهم الأخطار في المنطقة".

وقال إن الولايات المتحدة ستسحب قواتها من سوريا وستواصل إنجاز المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية، مضيفا في مؤتمر صحفي مع نظيره المصري سامح شكري في القاهرة، أن واشنطن ستظل شريكا راسخا في الشرق الأوسط.

وتابع أن الولايات المتحدة "قوة خير" في الشرق الأوسط وإنها لا تزال ملتزمة "بالقضاء الكامل" على خطر تنظيم الدولة الإسلامية رغم قرار سحب جنودها من سوريا، مضيفا "عندما تنسحب أميركا تحل الفوضى".

ودعا دول الشرق الأوسط لبذل المزيد من الجهد في التصدي لتنظيم الدولة الإسلامية، متعهدا في الوقت ذاته بأن تواصل واشنطن العمل على أن "تحتفظ إسرائيل بالقدرات العسكرية" التي تمكنها من "الدفاع عن نفسها ضد نزعة المغامرة العدوانية للنظام الإيراني".

وأكد وزير الخارجية الأميركي أن الانسحاب من سوريا سيحصل بالفعل، نافيا أي تناقض بين مواقفه وإستراتيجية الرئيس دونالد ترامب في الشرق الأوسط، قائلا إن "قرار الرئيس ترامب بسحب قواتنا من سوريا اتُخذ وسنقوم بذلك".

ونفى وجود تناقض بين إعلان ترامب الانسحاب من سوريا وبين الشروط التي ذكرها في ما بعد مسؤولون أميركيون كبار من بينهم مستشار البيت الأبيض للأمن القومي جون بولتون.

وقال ردا على سؤال بهذا الصدد إنه لا يوجد تناقض، مشددا على أن "هذا من فعل الإعلام".

وبعد أن أعلن ترامب عن انسحاب كامل وفوري من سوريا، اضطرت الإدارة الأميركية إلى التراجع معلنة على لسان بومبيو وبولتون شروطا لهذا الانسحاب يبدو أن من شأنها إرجاء الانسحاب إلى أجل غير مسمى.

وتتمثل هذه الشروط في هزيمة نهائية لتنظيم الدولة الإسلامية الذي لا يزال متواجدا في بعض النقاط في سوريا والتأكد من أن المقاتلين الأكراد الذين قاتلوا الجهاديين بمساندة الأميركيين سيكونون في مأمن في وقت تهدّد فيه تركيا بشن هجوم عليهم.

ويبدو الانسحاب من سوريا حيث تتدخل إيران عسكريا إلى جانب النظام، متناقضا مع عزم الإدارة الأميركية المعلن على محاصرة النفوذ الإيراني وحماية إسرائيل.

وشدد الوزير الأميركي على أن "التزامنا باستمرار العمل على منع عودة ظهور تنظيم الدولة الإسلامية حقيقي وكبير وسنواصل العمل به. ببساطة سنقوم بذلك بطريقة مختلفة في مكان محدد وهو سوريا"، حيث تتدخل الولايات المتحدة عسكريا منذ العام 2014 في إطار تحالف مناهض للجهاديين.

وفي وقت سابق اليوم الخميس، التقى بومبيو بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي. وكتب على تويتر بعد اللقاء إن الولايات المتحدة "تقف بحزم مع مصر في التزاماتها بحماية الحرية الدينية وفي الحرب ضد الإرهاب الذي يهدد جميع أصدقائنا في الشرق الأوسط".

وبدأت جولة بومبيو في الشرق الأوسط من الأردن يوم الاثنين وتشمل أيضا البحرين وقطر والإمارات والسعودية والكويت وسلطنة عمان.

وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو التقى بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي
بومبيو بحث مع السيسي القضايا الاقليمية والدولية والانسحاب الأميركي من سوريا

وانتقد بومبيو الرئيس الأميركي السابق ما وصفه برغبة أوباما "في السلام بأي ثمن" والتي دفعته لإبرام الاتفاق النووي عام 2015 الذي وافقت إيران بموجبه على الحد من برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية.

وانسحب ترامب من الاتفاق هذا العام ومضى فيما تصفه إدارته بسياسة ممارسة "أقوى ضغط ممكن" على إيران في مسعى لإجبارها على تقييد البرنامج النووي وأنشطتها للصواريخ الباليستية والكف عن دعم قوات تخوض حربا بالوكالة في سوريا والعراق واليمن ولبنان.

واتهم الوزير الأميركي أوباما بنشر الفوضى في الشرق الأوسط جراء فشله في التصدي للمتشددين الإسلاميين بشكل مناسب في انتقاد لاذع لسياسات سلف الرئيس دونالد ترامب.

وفي كلمة بالعاصمة المصرية القاهرة، حيث ألقى أوباما خطابا مهما في 2009 في أولى سنوات رئاسته، هاجم بومبيو أوباما بالقول إن الرئيس الديمقراطي السابق أساء فهم الشرق الأوسط وتخلى عنه فعليا.

وأثارت التصريحات دهشة في الولايات المتحدة وخارجها لأسباب أهمها أن ترامب نفسه يواجه انتقادات بسبب خطته المبهمة التي أعلنها الشهر الماضي لسحب القوات الأميركية من سوريا.

ورغم أن توقيت هذا القرار لم يتضح بعد، فإنه ينظر له على نطاق واسع على أنه تخل عن المنطقة مما يصب في مصلحة روسيا وإيران غريمتي واشنطن.

وقال بومبيو "تعلمنا أنه عندما تنسحب أميركا، تحل الفوضى. وعندما نهمل أصدقاءنا، يتنامى السخطط. وعندما نتشارك مع أعدائنا، يتقدمون".

ومن غير المعتاد لوزير خارجية أميركي أن يلقي كلمة في عاصمة أجنبية ويهاجم فيها رئيسا سابقا، لكن ترامب سعى بشكل مستمر للتقليل من شأن سلفه وغير سياسات أوباما في قضايا مثل الاتفاق النووي مع إيران والاتفاقات التجارية واتفاقية باريس للمناخ فضلا عن سياسات داخلية.

انتقادات بومبيو لسياسة الرئيس الأميركي السابق محاولة لصرف الانتباه عن استمرار تراجع التزامات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وفق تقديرات محللين

وقال بومبيو "الأنباء الطيبة هي أن عصر الشعور الأميركي الذاتي بالعار انتهى وولت معه السياسات التي تسببت في كل هذه المعاناة غير الضرورية. والآن تأتي البداية الجديدة الحقيقية".

وكان أوباما قد دعا في خطابه الذي ألقاه بجامعة القاهرة في يونيو/حزيران 2009، لتفاهم متبادل أفضل بين العالم الإسلامي والغرب وقال إن على الجانبين بذل المزيد من الجهود للتصدي للفكر المتطرف العنيف.

ونتيجة لذلك اتهم الجمهوريون أوباما بالاعتذار للعالم عن أفعال الولايات المتحدة بالخارج، وهي نقطة شدد عليها المرشح الجمهوري للرئاسة ميت رومني خلال محاولته هزيمة أوباما في انتخابات 2012.

وقوبلت كلمة بومبيو بانتقادات على الفور من خبراء في شؤون الشرق الأوسط بالإضافة لمسؤولين خدموا في عهد أوباما اتهموا وزير الخارجية بانتهاك العرف الأميركي بعدم الخوض في الشأن الداخلي في الخارج.

وقال جون ألترمان مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز واشنطن للدراسات الإستراتيجية والدولية "يبدو الأمر وكأنه تجسيد لمقولة نسمع جعجعة ولا نرى طحنا. هناك لغة مفعمة بالطموح، لكن لا يوجد التزام أميركي فعلي بتقديم موارد. يمكنك أن تفسر ذلك بأنه محاولة لصرف الانتباه عن استمرار تراجع التزامات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط".

وعلى تويتر وصف مارتن إينديك الذي خدم في إدارة أوباما، الكلمة بأنها "هجوم مخز على أوباما".

وانتقد بومبيو مباشرة خطاب أوباما عام 2009 والذي كان انفتاحا من الرئيس الجديد آنذاك على العالم الإسلامي.

وقال بومبيو "تذكروا أنه في هذه المدينة وقف أميركي آخر أمامكم. قال لكم إن إرهاب التطرف الإسلامي ليس نابعا من أيديولوجية. قال لكم إن هجمات 11 سبتمبر قادت بلادي للتخلي عن مُثلها ولا سيما في الشرق الأوسط".

وتابع "قال لكم إن الولايات المتحدة والعالم الإسلامي بحاجة وأنا أنقل عنه نصا، لبداية جديدة. نتائج هذه الأحكام الخاطئة كانت وخيمة. عندما اعتبرنا أنفسنا، خطأ، أننا وراء ما يعاني منه الشرق الأوسط، كنا متهاونين في تأكيد وجودنا عندما طالبنا الوقت وشركاؤنا بذلك".