واشنطن تتفهم مخاوف تركيا وتحذر من المساس بسلامة جنودها في سوريا
واشنطن - عبرت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) عن تفهمها لمخاوف تركيا الأمنية، لكنها قالت أيضا إن الضربات الجوية التي نفذتها أنقرة في الآونة الأخيرة في شمال سوريا هددت سلامة العسكريين الأميركيين، وإن الوضع المتصاعد يعرِض للخطر التقدم الذي أُحرز على مدى سنوات ضد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية.
وتمثل هذه التعليقات العلنية أشد تنديد أميركي بالعمليات الجوية التركية ضد المسلحين الأكراد في شمال سوريا حتى الآن.
وقال المتحدث باسم البنتاغون، البريجادير جنرال بات رايدر، في بيان "الضربات الجوية الأخيرة في سوريا هددت بشكل مباشر سلامة العسكريين الأميركيين الذين يعملون في سوريا مع شركاء محليين لهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية والاحتفاظ باحتجاز أكثر من عشرة آلاف معتقل من التنظيم المتشدد".
وأضاف أن الولايات المتحدة تعترف "بمخاوف تركيا الأمنية المشروعة".
وأردف "التهدئة الفورية ضرورية من أجل الحفاظ على التركيز على مهمة هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية وضمان سلامة وأمن العسكريين على الأرض الملتزمين بمهمة هزيمة التنظيم".
وللولايات المتحدة قرابة 900 جندي في سوريا، لا سيما في شمالها الشرقي، يعملون مع قوات سوريا الديمقراطية، التي يقودها مقاتلون أكراد من وحدات حماية الشعب، لمحاربة فلول الدولة الإسلامية.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأربعاء إن العمليات الجوية التي تنفذها أنقرة ليست سوى البداية وإنها ستشن عملية برية عندما يكون ذلك ملائماً بعد تصعيد الضربات الانتقامية.
وشنت أنقرة عمليات جوية في مطلع الأسبوع رداً على هجوم بقنبلة في إسطنبول قبل أسبوع أدى إلى مقتل ستة أشخاص، وألقت باللوم فيه على وحدات حماية الشعب. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها، ونفى حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب تورطهما.
وسبق أن توغلت تركيا عسكريا في سوريا لاستهداف وحدات حماية الشعب الكردية، معتبرة إياها جناحا لحزب العمال الكردستاني المحظور، والذي تصنفه تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي جماعة إرهابية.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تهدد فيها العمليات التركية في شمال سوريا العسكريين الأميركيين. ففي عام 2019، تعرضت القوات الأميركية في المنطقة لقصف مدفعي من مواقع تركية بينما شنت أنقرة هجوما على المسلحين الأكراد المتحالفين مع الولايات المتحدة في ذلك الوقت.
وواصلت تركيا الأربعاء استهداف مواقع للمقاتلين الأكراد في شمال سوريا في حين أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "تصميمه" على التدخل لتأمين الحدود الجنوبية لبلاده.
وقال "تصميمنا على حماية كل حدودنا الجنوبية من خلال منطقة آمنة أقوى اليوم من أي وقت مضى".
وأطلقت تركيا الأحد، في إطار ما تسميه عملية "مخلب السيف"، سلسلة من الضربات الجوية والقصف المدفعي المتواصل ضد مواقع حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية في شمال العراق وسوريا.
وفي آخر حلقة ضمن سلسلة الهجمات التركية، استهدف قصف جوي تركي مساء الأربعاء مواقع لقوى الأمن الكردية المسؤولية عن حماية مخيم الهول حيث يقبع آلاف النازحين وأفراد من عائلات تنظيم الدولة الإسلامية في شمال شرق سوريا، وفق ما أفاد متحدث والمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية فرهاد شامي لوكالة فرانس برس إن "الطيران التركي استهدف بخمس ضربات قوى الأمن الداخلي (الأسايش) داخل المخيم"، فيما أفاد المرصد بأن الضربات استهدفت مواقع تلك القوات المسؤولة عن حماية المخيم في محيطه، "ما أثار حالة من الفوضى في صفوف قاطنيه".
ودعت كل من روسيا والولايات المتحدة إلى خفض التصعيد.
وحدّد ردوغان أهدافه الرئيسية متحدثاً عن مناطق "تل رفعت ومنبج وعين العرب" (كوباني باللغة الكردية)، بهدف تأمين حدود تركيا الجنوبية عبر إقامة منطقة آمنة بعمق 30 كلم.
الأربعاء، بحث رئيسا هيئتَي الأركان العامة التركية والأميركية في "التطورات الحالية"، وفق الجيش التركي الذي لم يضف أي تفاصيل.
وفي رسالة موجّهة إلى وكالة فرانس برس، أكّدت القيادة المركزية الأميركية أن ضربة تركية الثلاثاء استهدفت قاعدة عسكرية مشتركة لقوات سوريا الديموقراطية والتحالف الدولي بقيادة واشنطن في محافظة الحسكة (شمال شرق) عرّضت القوات الأميركية "للخطر".
وكانت القيادة المركزية الأميركية قالت عكس ذلك الثلاثاء.
بعدما دعت الولايات المتحدة وروسيا تركيا إلى "ضبط النفس"، قالت فرنسا الأربعاء إنها "تتابع بقلق التصعيد المستمر"، معتبرة في بيان صحافي أن الهجوم البري "من شأنه أن يهدد استقرار المنطقة وسلامة سكانها".
وقال فرهاد شامي إن القصف التركي طال قاعدة روسية تقع شمال تل تمر في محافظة الحسكة، ما أسفر عن مقتل عنصر من قوات سوريا الديمقراطية وإصابة ثلاثة آخرين بجروح.
وأكد مسؤول تركي لفرانس برس أن العملية الجوية "ستتواصل على الأرجح لفترة"، وعندما يصبح الوضع مواتياً، ستبدأ القوات التركية في سوريا توغلا بريا، في إشارة إلى تواجد وحدات عسكرية تركية في الجانب السوري من الحدود منذ ثلاث سنوات.
أطلقت أنقرة سلسلة هجمات على سوريا منذ العام 2016 استهدفت مواقع الأكراد إضافة إلى عناصر تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار الأربعاء إنه "تم قصف 471 هدفاً وتحييد 254 إرهابياً" في ضربات "عقابية" شنّتها القوات الجوية والمدفعية التركية.
وشدّد على أن "القوات المسلحة التركية لا تستهدف سوى التنظيمات الإرهابية والمواقع التابعة لها". وأضاف "ليس لدينا أي مشاكل مع أي مجموعة إثنية أو دينية أو طائفية أو مع إخواننا الأكراد أو العرب".