واشنطن تحاصر أردوغان.. الدعم في إدلب أو منظومة الدفاع الروسية

واشنطن تقتنص الفرصة لافشال صفقة منظومة الدفاع الجوي الروسية "إس - 400"، بين أنقرة وموسكو وتنتظر لقاء بوتين وأردوغان حتى تقرر كيف يمكنها مساعدة الجيش التركي لدعم عملياته في شمال سوريا.

إسطنبول - حذر جيمس جيفري المبعوث الأميركي الخاص بسوريا اليوم الخميس تركيا من خطورة شراء أنظمة الدفاع الروسية إس-400، في وقت تبحث واشنطن فيه سبل دعم أنقرة بخصوص إدلب السورية التي كانت سببا في توتر العلاقات بينها وبين موسكو.

وقال جيفري متحدثا من إسطنبول إن شراء تركيا صواريخ إس-400 الروسية "أمر خطير جدا".

وأضاف أن الولايات المتحدة عرضت بالفعل مساعدة إنسانية وأنها تتشارك المعلومات مع تركيا وتضغط على الحلفاء الأوروبيين لتقديم مساهمة كبيرة.

وشهدت العلاقات بين روسيا وتركيا في الأسابيع الماضية توترات بسبب دعم موسكو لقوات الجيش السوري في استعادة مدن استراتيجية في شمال سوريا كانت تسيطر عليها فصائل المعارضة السورية المدعومة من تركيا.

وطلب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من واشنطن نشر بطاريات صواريخ باتريوت على حدود تركيا الجنوبية مع سوريا بعد الهزائم التي تكبدها الجيش التركي ومقتل عشرات الجنود خلال المعارك التي يخوضها مع قوات المعارضة السورية في إدلب ضد قوات الحكومة السورية.

وأثار القتال في إدلب تصريحات غاضبة متبادلة بين روسيا التي تدعم هجوم قوات بشار الأسد وتركيا التي نشرت آلاف الجنود لدعم المعارضين المسلحين الساعين لوقفه.

وتبادل البلدان الاتهامات بعدم الالتزام باتفاقات تهدف لاحتواء العنف لكن تصميم أردوغان على دعم الفصائل المسلحة ورفض خسارة المدن التي كانت تسيطر عليها أنهى التوافق الذي شاركت فيه إيران أيضا، بعد أشهر من تنظيم القوات الروسية والتركية دوريات في مناطق شمال سوريا وفق اتفاق سوتشي.

والثلاثاء، أبدت الولايات المتحدة استعدادها لدعم أنقرة في موقف مغاير لما تعودت عليه خلال التدخلات العسكرية التي قام الجيش التركي في سوريا، في خطوة يرى مراقبون أنها مدروسة تعمل واشنطن على استغلالها لاستقطاب أردوغان وتفكيك تحالف الضرورة الذي كان يربطه مع موسكو.

واستثمرت روسيا في السابق أزمة العلاقات بين العضوين في حلف شمال الأطلسي والحليفين، لاستقطاب تركيا من خلال عقود وصفقات عسكرية أهمها صفقة صواريخ اس 400 واقتصادية يتصدرها مشروع خط أنابيب 'تركش ستريم' لنقل الغاز لأوروبا.

وشهدت العلاقات التركية الأمريكية توترا شديدا في السنوات الأخيرة زادت حدته منذ شراء أنقرة لمنظومات الدفاع الجوي الروسية "إس - 400"، حيث هددت واشنطن بفرض عقوبات ضد أنقرة بسبب تلك الصفقة، بالإضافة إلى الخلافات حول الدعم الأميركي لأكراد سوريا.

ويبدو أن واشنطن التقطت سريعا ورطة أردوغان في إدلب بعد أن تحول التدخل العسكري إلى حرب استنزاف لا تقوى تركيا على الاستمرار فيها  إذا طالت أمدها.

وقال جيفري لدى زيارته الثلاثاء إقليم هاتاي على الحدود التركية إن الولايات ستعمل على التأكد من تجهيز العتاد أميركي الصنع للجيش التركي.

وفد أمريكي يزور "هطاي" التركية للاطلاع على عمليات توزيع المساعدات الإنسانية
وفد أميركي يزور هطاي التركية لتقييم الوضع

وأعلن أيضا السفير الأميركي لدى تركيا ديفيد ساترفيلد في نفس المؤتمر الصحفي أن واشنطن تبحث طلب أنقرة للحصول على دفاعات جوية، لكن مساعدة واشنطن لأنقرة لا تبدو مجانية أو اعتباطية، حيث يرى مراقبون أن المقابل سيكون حتما باهظا لكن أتى في شكل "هدية" بسبب سوء تقديرات أردوغان الذي واصل سياساته المتعنتة في المنطقة وورط الجيش التركي في المستنقع السوري دون النجاح في تحقيق أي مصلحة لبلاده من تحالفاته العشوائية بل أسس لعداوات مجانية سهلت للولايات المتحدة حشره في الزاوية.

وظهر الموقف الأميركي من التوتر بين موسكو وأنقرة بوضوح من خلال تصريحات ساترفيلد الثلاثاء، حيث قال إن "تركيا شريك بحلف شمال الأطلسي. لدينا برنامج كبير للغاية للمبيعات العسكرية الخارجية. معظم الجيش التركي يستخدم عتادا أميركيا. سنعمل على التأكد من جاهزية العتاد. ولأننا شريكان في حلف الأطلسي فنحن نتبادل المعلومات المخابراتية وسنعمل على ضمان حصولهم على ما يحتاجونه هناك".

ومن المنتظر أن يصل أردوغان اليوم الخميس إلى موسكو لإجراء محادثات مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين لحثه على المساعدة في وقف إطلاق النار في إدلب.

وأشار جيفري إلى هذا اللقاء المرتقب قائلا إن الولايات المتحدة "تتشاور بشكل مكثف مع الأتراك وسندرك طبيعة المواقف الدبلوماسية التي سيتخذونها عندما يتوجه أردوغان إلى موسكو لمقابلة بوتين".

ولا يبدو أن أردوغان سيتمكن من الحصول على الضمانات الروسية التي يبحث عنها في ظل مساندة إيران أيضا لنظام بشا الأسد علاوة على الانتقادات الحادة التي وجهت له في الداخل، حيث شهد البرلمان التركي أمس الأربعاء مشادات كلامية وصلت حد الاشتباك بالأيدي بسبب معارضة الزج بالجيش التركي في معركة خاسرة لا تزيد سوى تعقيد الأمور على الحدود السورية وإغراق تركيا أكثر باللاجئين السوريين الفاريين من المعارك.

ويسود الشارع التركي حالة من التململ حيث يشعر معظم الأتراك بأن أردوغان يضحي بأبنائهم في معركة لا فائدة منها في سوريا وتعاظم هذا الشعور مع ارتفاع حصيلة القتلى في صفوف القوات التركية في ادلب.