واشنطن تسارع لإنقاذ أردوغان من ورطته في ادلب

الولايات المتحدة تبدي استعدادها لمساعدة تركيا بالذخيرة واحتمال تزويدها ببطاريات باتريوت لدعمها في معركة ادلب في مواجهة القوات السورية المدعومة من روسيا.
تحرك أميركي في اللحظة الأخيرة لإنقاذ أردوغان من مستنقع ادلب
جيمس جيفري يصف السياسة الروسية في سوريا بـ'الشريرة'
دعم أميركي لتركيا بالذخيرة يهدد بتقويض التحالف بين موسكو وأنقرة

ريحانلي (تركيا) - أبدت الولايات المتحدة الثلاثاء استعدادها لدعم القوات التركية في ادلب حيث تدور معارك عنيفة مع القوات السورية المدعومة من روسيا وإيران، في إعلان قد يشكل منعطفا خطيرا في خضم تصعيد بات مفتوحا على كل الاحتمالات.

وسبق لتركيا أن طلبت من واشنطن نشر بطاريات صواريخ باتريوت على حدودها الجنوبية مع سوريا بعد أن قتل 33 من جنودها في قصف جوي سوري على أرجح تقديرات أنقرة.

وكانت موسكو قد أعلنت لاحقا أنها لن تضمن سلامة الطائرات التركية التي تحلق فوق ادلب بعد أن أعلنت دمشق غلق المجال الجوي.

وقال المبعوث الأميركي الخاص بسوريا جيمس جيفري الثلاثاء إن الولايات المتحدة مستعدة لتزويد تركيا بالذخيرة والمساعدات الإنسانية في شمال غرب سوريا الذي يشهد قتالا متصاعدا يُخشى أن يتحول إلى مواجهة مباشرة بين تركيا وروسيا.

وقال جيفري للصحفيين في إقليم هاتاي على الحدود التركية إن الولايات ستعمل على التأكد من تجهيز العتاد أميركي الصنع للجيش التركي.

وأعلن أيضا السفير الأميركي لدى تركيا ديفيد ساترفيلد في نفس المؤتمر الصحفي أن واشنطن تبحث طلب أنقرة للحصول على دفاعات جوية.

وتأتي هذه الكلمات الداعمة في الوقت الذي تشتد فيه حدة القتال عبر الحدود في منطقة إدلب السورية حيث تخوض تركيا وقوات المعارضة السورية المتحالفة معها معارك ضد قوات الحكومة السورية المدعومة من روسيا، فيما أدى القتال إلى تشريد نحو مليون شخص هناك في الأشهر القليلة الماضية.

وقال جيفري "نحن على استعداد لتقديم الذخيرة مثلما ذكر الرئيس ترامب على سبيل المثال"، مضيفا أن المسؤولين الأتراك "شددوا كثيرا" على الحاجة لمساعدات إنسانية.

وأضاف "تركيا شريك بحلف شمال الأطلسي. لدينا برنامج كبير للغاية للمبيعات العسكرية الخارجية. معظم الجيش التركي يستخدم عتادا أميركيا. سنعمل على التأكد من جاهزية العتاد. ولأننا شريكان في حلف الأطلسي فنحن نتبادل المعلومات المخابراتية وسنعمل على ضمان حصولهم على ما يحتاجونه هناك".

وتبدو اللهجة الأميركية هذه المرة مختلفة عن سابقاتها في ما يتعلق بالتدخل العسكري التركي في سوريا وهي أوضح إشارة حتى الآن على تحرك أميركي باتجاه استقطاب تركيا وتفكيك تحالف الضرورة بين أنقرة وموسكو.

وشهدت العلاقات الأميركية التركية حالة من الفتور في السنوات الأخيرة على خلفية خلافات من بينها خلاف حول الدعم الأميركي لأكراد سوريا.

واستثمرت موسكو أزمة العلاقات بين العضوين في حلف شمال الأطلسي والحليفين، لاستقطاب تركيا من خلال عقود وصفقات عسكرية أهمها صفقة صواريخ اس 400 واقتصادية يتصدرها مشروع خط أنابيب 'تركش ستريم' لنقل الغاز لأوروبا.

ويبدو أن واشنطن التقطت سريعا ورطة الرئيس التركي في ادلب بعد أن تحول التدخل العسكري إلى حرب استنزاف لا تقوى تركيا على الاستمرار فيها  إذا طالت أمدها.

وفي حال زودت واشنطن الجيش التركي بعتاد أميركي يشمل ذخائر ومضادات جوية، فإنها تكون بذلك قد أنقذت أردوغان من ورطة لا سابق لها.

لكن الدعم الأميركي لتركيا قد يفتح الباب لجبهة مواجهة أخرى بين موسكو وواشنطن على الساحة السورية وقد يؤزم العلاقات التركية الروسية، وسيجد أردوغان نفسه عالقا مجددا بين إرضاء الحليف الأميركي وعدم إغضاب الشريك الروسي حتى لا تشهر موسكو ورقة إلغاء أو تجميد الصفقات الاقتصادية والعسكرية وهي ورقة استخدمتها في السابق في 2015 حين أسقطت أنقرة طائرة روسية على الحدود مع سوريا.

وشهدت الأحداث في إدلب بسوريا الثلاثاء إسقاط تركيا لطائرة حربية تابعة للحكومة السورية واقترابها من الدخول في مواجهة مباشرة مع روسيا في المعركة الدائرة من أجل السيطرة على آخر منطقة في سوريا لا تزال تحت سيطرة المعارضة المسلحة في الحرب المستمرة منذ تسع سنوات.

وطلبت أنقرة استخدام دفاعات باتريوت أرض-جو الأميركية رغم أنها فضلت شراء أنظمة إس-400 الروسية الصنع العام الماضي في خطوة أثارت غضب واشنطن التي فرضت عقوبات على أنقرة.

وقال ساترفيلد دون الخوض في التفاصيل إن واشنطن تدرس طلب تركيا الخاص بالحصول على دفاعات جوية في ظل شراء منظومة إس-400 الروسية.

وقالت الولايات المتحدة على نحو منفصل الثلاثاء إنها سترسل مساعدات إنسانية بقيمة 108 ملايين دولار للناس في سوريا.

ومن المقرر أن يجتمع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين يوم الخميس بعد أسابيع من المحادثات بين وفدي البلدين والتي لم تسفر حتى الآن عن الاتفاق على وقف إطلاق النار.

وقال جيفري إن الولايات المتحدة "تتشاور بشكل مكثف مع الأتراك وسندرك طبيعة المواقف الدبلوماسية التي سيتخذونها عندما يتوجه الرئيس (التركي) أردوغان إلى موسكو لمقابلة بوتين".

ووصف جيفري السياسة التي تنتهجها روسيا في إدلب بأنها "شريرة تماما" قائلا إن تركيزها ينصب في الأساس على "مهاجمة المدنيين وترويعهم".

ورفضت روسيا اليوم ادعاءات عن نزوح اللاجئين وأزمة إنسانية في المنطقة رغم وجود أدلة على الأرض وبيانات للأمم المتحدة.